في تذكر الفاضل سعيد، بروفيسور سعد يوسف: إصرار الفاضل سعيد على مشروعه الفني جعله يصمد ل(50) عاماً من المسرح

القاهرة – محمد إسماعيل

تزامناً مع الذكرى ال19 لرحيل الفاضل سعيد نظمت دائرة المسرح بتجمع اتحاد الفنانين السودانيين بمصر بمقرها بشارع طلعت فريد ليلة  ثقافية ووفاء ومحبة للراحل الفاضل سعيد شملت عروض أداء لأشخاص الفاضل سعيد  (بت قضيم _العجب امو)  من قبل الممثل إيهاب محمود وإفادات عبر الفيديو لكل من الممثل نقيب الدراميين  السودانيين الرشيد أحمد عيسى محمد وعادل حربي. ود.هبة حسن صالح.

وقدم الندوة الرئيسية البروف سعد يوسف عبيد بمحاورة المخرج والمسرحي حاتم محمد علي وتشرفت الناقدة  المسرحية ميسون عبدالحميد في النقاش.

وحول نشأته ذكر

سعد يوسف أن الفاضل سعيد ينتمي إلى منطقة دنقلا الغدار بشمال السودان، ووالدته فاطمة محمد سلنتوت.. وجد الفاضل  سعيد نفسه في إطار تركيبة منحته ثراءا ذهنيا وتربويا وثقافيا واجتماعيا.

واحتضنته أم درمان حي بيت المال وودنوباوى وأبوروف وود درو.

ويضيف “شاءت الظروف أن يكون مقرب جداً من  جدته مريم بت حاج علي قيلي شاعرة الانصار وإحدى نساء ام درمان القدامى البالغة الذكاء المعروفة باجتماعياتها وطرفها وقوة شخصيتها وهي التي تربى على يديها الفاضل سعيد الإبن وأخذ منها لاحقاً شخصية بت قضيم.

وذكر أن إصرار الفاضل سعيد على مشروعه الفني المسرحي جعله يصمد لمدة خمسون عاماَ من المسرح وهي أطول مدة في تاريخ المسرح في السودان صمد عليها مشروع فني مسرحي أي من ١٩٥٥ _٢٠٠٥ حتى وفاته على خشبة  المسرح على الرغم من نشأته في بيئة محافظة  مكبلة تحداها بدخوله التعليم حيث أول من وجد في المدرسة وهو معلماً لمادة الحساب الرائد المسرحي خالد أبو الروس والذي كان يؤلف المنولوجات المسرحية  التعليمية الناقدة للسلوك الاجتماعي ومنذ تلك الطفولة اليافعة عشق وتأثر بأستاذه خالد أبو الروس.

وقام بتكوين فرقة مسرحية بالمدرسة، وكان يتجول بهذه الفرقة ليقيم عروض واسكتشات على مسرح الملايات حيث يقوم بدق أربعة أعواد من “القنا” على الأرض وحولها ينشر ثلاث ملايات في ثلاث اتجاهات بحيث تبقى الواجهة مفتوحة ويقدم من خلالها أعماله كان  خالد أبو الروس  يتابعه في الليالي الساهرة.

وأضاف “ومن ثم انضم إلى مجموعة الكشافة ومقرها بساحة المسجد وكان يرعى هذه الفرقة عبد الرحمن المهدي ومن بعده عبد الله الفاضل حيث كان يحب الفاضل سعيد وكثيراً ما يطلب الفاضل سعيد في جلسات السمر ليمثل لهم ويحكي لهم أعماله وكثيراً ما شجعه ووقف معه وسانده بمحبة وأبوة صادقة.

وتنقسم فرقة الكشافة إلى مجموعات تتنافس في مجالات الشعر والتمثيل والغناء إضافة إلى وجود نجيب  الريحاني في مدرسته الثانوية والذي بدوره أدخله إلى عالم الكوميديا.. من خلال دراسته بمدرسة فاروق الثانوية تعرف على أساتذته الفنان أمين الهنيدي مدرس التربية الرياضية ومحمد أحمد المصري (أبو لمعة) مدرس الرسم والتربية الفنية ومصطفى كامل مدرس الموسيقى وهو الذي وضع ركيزة الموسيقى السودانية وكان يحضر أعمالهم المسرحية المصرية التي يقدمونها بالنادي المصري بالخرطوم للجالية المصرية.. وفي هذا الجو بدأ ممارسة هوايته مع التمثيل مرة أخرى بعد أن توقف بسبب الضغوط العائلية إبان نشاطه مع فرقة الكشافة ولأنه محب وعاشق للفكاهة التي تفتحت عيناه عليها في مسرح الرائد خالد أبو الروس وجد الفكاهة على أصلها في مسرح نجيب الريحاني فراقت له أدوار الريحاني ووجد نفسه فيها مثل تمثيليات (الدنيا ماشه كده) و(السكرتير الفني) وغيرها من الأعمال الأخرى التي وفق في أداء أدوارها مما أدى إلى ظهوره وبروزه بروزا مميزا في المدرسة وأصبحت له قاعدة جماهيرية في الخرطوم أسوة بما تم في امدرمان فامتلأ ثقة بنفسه ومن خلال مسرح الريحاني عرف الفاضل سعيد أن للمسرح معنى وللنكتة مضمون.

كانت نقطة الانطلاق إذ اتجه إلى تكوين فرقة (الشباب)، وضمت هذه الفرقة إلى جانبه محمود سراج (أبو قبورة) وعثمان أحمد حمد (أبو دليبة) كانت فرقة تقدم عروضها المسرحية في الحدائق العامة وبيوت الأفراح وساحة المولد والأندية الرياضية (الهلال والمريخ والموردة)

قسم سعد يوسف شخصيات الفاضل سعيد إلى نوعين

الأول وهي الشخصيات المسرحية (بت قضيم العجب وكرتوب).

والنوع الثاني وهي شخصيات الفاضل سعيد نفسه وهو فنان شامل يمتلك أكثر من ١٢ مهارة  فنية.

ووقف هنا عند شخصيته  كإنسان ووصفه بالذكاء والمرونة التي تجسدت عبر عدة محاور في مشروعه الفني أولاً في تعامله مع المؤسسات ولاسيما مؤسسات الدولة  إذ شهد الفاضل سعيد حقباً مختلفة من الأنظمة السياسية ما بين الدكتاتوريات والديمقراطية.

وأشار إلى نقد مشروعه الفني من قبل الأكاديميين وأيضاً عن انشقاق فرقته إلى مجموعة الأضواء المسرحية.. وذكر أن الفاضل سعيد له مقدرة وذكاء كبير مع الإنتاج والإعلان ويعرف مناخات وتضاريس السودان المختلفة جيداً  ولاسيما في مسرحه المتجول.

ونفي سعد يوسف الرأي السائد حول نمطية  الفاضل سعيد، معللاً أن الشخصية النمطية هي شخصية واحدة وثابتة أما عن الفاضل سعيد  فهي عدة أشخاص أي أكثر من شخصية، كما في (بت قضيم.. العجب.. كرتوب)، وقال إن النمط لايسمح بتطور الشخصيات بشكل عام ولكن النمط عن الفاضل سعيد هو مختلف فجميع شخصياته النمطية  متطورة ومواكبة.

كما تحدث عن فرادة أداءه وركز على عنصرين هم الصوت والجسد، وقال عن الصوت إن الفاضل سعيد يمتلك خيال وأداء صوتي جبار ومختلف لكل شخصية، يمكن الرجوع للشخصيات (بت قضيم.. العجب.. كرتوب).

أما عن الأداء الجسدي تحدث عن شكل وحركة الجسد قال إن “جروتوفسكي” جاء لينصف مشروع الفاضل سعيد حين ظهر كتابه (نحو مسرح فقير) كان الفاضل سعيد قطع شوطاً كبيراً في هذا التكنيك  الجسدي.

وأخيراً ذكر أن شخصيات الفاضل سعيد أغلبها نتجت في الإذاعة عبر  ركن المراة، وأشار هنا بالتحديد إلى شخصيته بت قضيم.

يذكر أن الأمسية شهدت جمهوراً كبيراً من الدراميين السودانيين الموجودين بمصر، ومن الحضور المخرج الإذاعي صلاح الدين الفاضل والمخرج عادل حربي.

Exit mobile version