في الفرق والجماعات المسرحية في السودان

 السر السيد

بما أن المسرح بطبيعته فن جماعي سيكون من الطبيعى أن تتأسس فرق وجماعات مسرحية.

عرف السودان تقليد الفرق المسرحية منذ أوائل العشرينيات من القرن الماضي وذلك عندما تأسست فرقة نادي الخريجين بقيادة الأستاذ صديق فريد وبمرور الأيام صار هذا التقليد ملازماً للحركة المسرحية، حتى إننا نستطيع أن نرصد مئات الفرق التي تأسست منذ ذلك التاريخ وإلى الآن.

 

دواعي التأسيس في التجربة السودانية:

ربما تكون هناك أسباب كثيرة تقف وراء تأسيس الفرق والجماعات المسرحية في التجربة السودانية، أما أنا فقد استطعت أن أقف عند هذه الأسباب:

1- وجود شخصية مركزية ذات سلطة خاصة في الفعل المسرحي كأن يكون هو صاحب المبادرة بحكم أنه هو المؤلف والمخرج والممثل الأساس وصاحب خبرة متميزة في مجال المسرح وهنا يمكن أن نذكر على سبيل المثال فرقة السودان للتمثيل والموسيقى التي أسسها الرائد المسرحي ميسرة السراج في العام 1946 وفرقة الرائد المسرحي الفاضل سعيد باختلاف تحولاتها منذ النصف الثاني من الخمسينيات حتى انقسامها في بداية السبعينيات ثم استمرارها باسم فرقة الفاضل سعيد حتى وفاته في العام 2005 وفرقة المسرح الحر للرائد المسرحي حسن عبد المجيد.

2- وجود الأفراد الذين تتكون منهم الفرقة أو الجماعة الذين يجمعهم حب المسرح، في مكان واحد ذو خصوصية حميمة كالحي أو مكان الدراسة أو العمل وخير نموذج لهذا النوع من الفرق نجد فرقة الأصدقاء المسرحية وجماعة المسرح التجريبي وفرقة أمدرمان المسرحية اللائى تأسسن في بداياتهن من أصدقاء يسكنون في حي واحد وجماعة السديم المسرحية وجماعة مسرح شوف اللتان تأسستا من أفراد كانوا عند تأسيسهما طلاباً في المعهد العالي للموسيقى والمسرح وجماعة نادي المسرح السوداني التي تأسست من أفراد يجمعهم معهد الدراسات الإضافية بجامعة الخرطوم.

3- وجود الأفراد الذين تتكون منهم الفرقة أو الجماعة في إطار تنظيمي ذو أهداف سياسية أو اجتماعية أو ثقافية أو خيرية وأمثلتنا هنا فرقة نادي الخريجين وفرقة نمارق المسرحية التابعة لمنظمة نمارق للآداب والفنون والفرقة المركزية لاتحاد الشباب السوداني وفرق الأندية الثقافية كفرقة نادي الزهرة.

4- وجود ضرورات عملية كما حدث في بداية المواسم المسرحية التي أقامها المسرح القومي في الفترة من 1967 إلى 1978 حيث فرض الظرف آنذاك أو فلنقل جرى العرف أن تكون المشاركة في الموسم المسرحي عبر الفرق فكانت مشاركات “فرقة الفاضل سعيد” و”فرقة المسرح الحر” و”فرقة الأرض” و”فرقة عزة” و”فرقة المسرح الجامعي” و”فرقة أضواء المسرح”. أو في المشاركة فى المهرجانات المسرحية المحلية كمهرجان “الفرق والجماعات المسرحية” ومهرجاني “أيام البقعة المسرحية” و”أيام الخرطوم المسرحية” فقد جرت العادة أن تتم المشاركة عبر فرقة أو جماعة مما يضطر من يريدون المشاركة أفراداً كانوا أم مجموعات أن يؤسسوا فرقة لهذا الغرض قد تستمر بعد ذلك وقد لا تستمر.

5- وجود أفراد لهم قدرات خاصة قيادية كانت أم إبداعية في الفرقة أو الجماعة

ولأسباب ما يخرجون على الفرقة الأم ويشكلون فرقة أخرى ونموذجنا هنا “فرقة أضواء المسرح” التي انقسمت عن “فرقة الفاضل سعيد” و”الورشة الجوالة المسرحية” التي خرجت من رحم “الورشة المستمرة لتطوير فنون العرض”.

6-  وجود أوضاع استثنائية لمجموعة من الأفراد في مكان معين أو أمكنة معينة كأن يكونوا نازحين أو لاجئين بسبب الحرب أو أي سبب آخر يفرض عليهم لضرورات المحافظة على هويتهم وهم في هذا الوضع الاستثنائي تأسيس مجموعات ذات طابع إبداعي ونموذجنا هنا جماعة “كوتو المسرحية”  التي تأسست في العام 1994 من مجموعة من النازحين من جنوب السودان وكان من أهدافها حماية هوية النازح وهناك فرق أخرى نهضت على نفس هذا السبب إلا أنها لم تكن بنفس القوة والحضور الذي كانته جماعة كوتو المسرحية ومثالنا الفرقة التي أسستها مجموعة من ذوي الإعاقة الحركية وقدمت عرضاً يتيماً على خشبة المسرح في التسعينيات عنوانه (بقولو معوٌق).

لعل من المفارقات هنا أن بعضاً من دواعي التأسيس التي ذكرناها ستكون هي نفسها التي تقف وراء توقف بعض الفرق والجماعات.

 

Exit mobile version