عبد الله علي إبراهيم
جلست إلى محمد نور السيد في منزله بالصافية بحري في 2016 أدون منه مذكراته. وكان بها ضنيناً على غيري. وحتى بعد الإذن طلب مني ألا تنشر إلا بعد وفاته. وربما بعد وفاته بوقت طويل كما اتفق لي حسب قراءتي لنص شهادته للتاريخ. فقد كان قريباً من مصنع الحدث في الحزب لقربه المعلوم من أستاذنا عبد الخالق محجوب. والبيوت أمانات. وانتخبت مقطعين مما دونت منه. فالمقطع الأول عن دخوله الحزب صغيراً بين المؤسسين للحزب. أما المقطع الثاني فهو روايته عن علاقة صداقة وثقى جمعت أستاذنا بطيف من السياسيين من غير حزبه وعلى رأسهم الأمير نقد الله القيادي الأنصاري وفي حزب الأمة والشريف حسين الهندي القطي الوطني الاتحادي المرموق. واحتفظت في نشر النص على ما فرغناه من تسجيله بصوته. وأشكر إبننا عبد العزير إبراهيم الذي أعانني خلال هذه المهمة من ألف إلى ياء.
قال محمد نور السيد:
قاسم أمين يأكل أحسن أكل بأمر عبد الخالق محجوب
كان صديقي وقريبي هاشم عابدين كان معتقل في القاهرة، جاء السودان سنة ١٩٥٤، سنة ١٩٥٥ ابتدأ يناقش فيني عشان أخش الحزب الشيوعي، فعلاً خشيت الحزب الشيوعي، أخدتا فترة تجنيد ثلاثة شهور. بعد شوية الحقيقة كنت فنان يعني، وصلت لجنة الدائرة. (مداخلة: الناس الكانو معاك، دخلتا أول لقيت منو ومنو?). كان لقيت أبو زيد محمد صالح، ولقيت محمد الحسن شرف الدين، ولقيت خالي دفع الله الصديق أخو أمي، ذاتو المسؤول السياسي من منطقة بحري. بعد ذلك جاء يوسف الكوتش مشي مدني. جاء المسؤول السياسي أحمد محمد خير. علاقتي بقت ب أحمد محمد خير شديدة جداً. فصعدني للدائرة (دائرة المدينة الحزبية) استمريت في الدائرة. بعد شوية قام الزملاء طلبوا مني أفتش بيت لقاسم أمين والجنيد علي عمر. من حسن حظي لقيت بيت جمبي. وقعدتهم الإثنين “قاسم أمين تربطني به صلة قرابة”. قعدت معاهم. سكنتهم جمبي. بقوا يأكلو ويشربو معاي. انضم لينا الشفيع أحمد الشيخ، الفترة دي كانت ١٩٥٧ في أواخرها. بقينا أصدقاء نقعد بالليل سوا، أكلنا يجي من البيت سوا. المهم أهم حاجة كانت في الحتة دي، قاسم أمين قال لي: في شاب في (مقهى) خبّاز، شاب صغير (رقيق) تلقاهو هناك. اسمو محمد إبراهيم نقد. مشيت في خبّاز لقيتو قاعد في تربيزة، قال لي: بكون قدامو (. . . ). ازيك يا محمد إبراهيم نقد، قال لي: أهلاً وسهلاً اتفضل معاي. جينا أنا ومحمد إبراهيم نقد. خليتو قاعد ثلاثة يوم مع الناس ديل يناقشو فيه عشان يحترف. فكان رافض. حضرت الكلام دا يعني (مداخلة: الزمن دا كان هو جاي من ?) جاء من بلغاريا. وقابل ناس الجنيد وقاسم أمين في نفس البيت اللي هو جاري طوالي. فقعد معاهم ثلاثة يوم بناقشو فيه عشان يقتنع؛ لكن هو كان رافض. في الآخر اقتنع، بعد ذلك استمرينا، بعد ذلك بقت علاقتي بيهم قوية جداً. كان بجينا إبراهيم زكريا برضو، كان بعيش معانا. جاء مسافر، عملت ليهو عشاء في نادي البحرية، جاء كل الناس ودعناه وسافر لبراغ “صورته هنا معاي” بعد ذلك حياتنا كلها بقت مستمرين لحدي ما قام نظام عبود. كنا قاعدين في اتحاد النقابات، جات كشة منها اتحاكمو كلهم (أي من قبضوهم في الكشة) أنا وقريب الله الأنصاري جرينا من اتحاد النقابات. دي القبضو فيها الشفيع وقاسم وكدا، . . .
قامو دخلو السجن، البيت قفل. بعد فترة نحنا شغالين في العمل السري جاء قاسم من السجن والشفيع جاء. أول حاجة جانا عبد الخالق. كان الوقت داك ما عندي بيهو صلة قوية. قال: أهم حاجة بالنسبة لينا تأمين قاسم أمين. يسكن في أحسن حتة ويأكل أحسن أكل وتكون كل إمكانيات الحزب تُسخّر تحت قاسم أمين. جاني حامد الأنصاري قال لي: ياخي تمشي معاي محطة السكة حديد في زول جاي هناك ح نقابلو. الزول دا منو ما عرفتو? لقيتو قاسم أمين، مشيت معاهو أمدرمان. البيت ما كنت عارفو الوقت داك أنا. امدرمان في حي العمدة، لما جيت أطلع قال لي: ما بتطلع تقعد هنا سبعة يوم لحدي ما نجيب لقاسم اتصال. وزول يمسك لينا حكاية الأكل بتاعو. بعدين طلوعك من البيت دا فيه خطورة علي قاسم. تأمين قاسم تكون موجود أنت هنا. عشان ناس الحلة ما يعرفو في زول في البيت دا. قعدت معاه سبعة يوم بعد داك ذهبت. بقت صلتنا ب قاسم قوية جداً. من البيت دا عبد الخالق قال رحلوهو لحتة أحسن، رحلناه حي الزهور بالخرطوم البيت التاني دا كان بيت جميل جداً وسكن كويس جداً وطباخ كويس جداً.
قال الشريف الهندي لمحمد نور: يا ود حمد أم مريوم النبي قبل الهدية
.(مداخلة: كان كلمتني عن عبدالخالق عندو علاقات حميمة مع?) محمد توفيق عندو علاقات قوية جداً. وأقرب ليهو زول كان نقد الله (القيادي الأنصاري)، نقد الله كان قريب ليهو جداً. وكمان يقال إنه نقد الله كان بفتش على عبدالخالق (بعد 22 يوليو 1971) عشان يدسه. داؤود عبد اللطيف صاحبه جداً، وحامد الأنصاري صديقه جداً، سعاد إبراهيم أحمد صديقته جداً. بعدين صديقه محمد عمر بشير؛ كان بحترم محمد عمر بشير. (مداخلة: وحسين الهندي؟) اووو بقى دي علاقة قوية قوية شديد. علاقة قوية جداً. كان يحبه عبدالخالق جداً والشريف كان يحب عبدالخالق. يعني كان يختفي في بيت عبدالخالق. عبدالخالق كان بقول لي يا محمد نور جيب أكل للزول دا أمونة (أخت عبد الخالق وست بيته قبل الزواج) ما بتعرف تعمل نوع أكلو. الزمن داك الكوبري دا (شمبات) ما موجود نسوق الأكل من هنا بالخرطوم عشان نودي الأكل للشريف. يقعد مع عبدالخالق أربعة، خمسة يوم. الهندي يقول لي نادي لي موسى المبارك، ونادوا لي الرشيد الطاهر؛ كان بجتمعو معاهو في بيت عبد الخالق. كان علاقته قوية جداً بالشريف. حتى مره الشريف قال لي يا محمد نور البلد دي لو عندها بخت كان السيد الصديق المهدي يكون حي ونحكمها أنا وهو وعبدالخالق نحكم السودان سوا (مداخلة: كان الشريف بندسه متين؟) كتير أي وقت يقول ماشي المناقل هو ماشي لعبدالخالق. هو كان بتآمر ضد أزهري. كان شغال عشان يشيل أزهري ذاتو (مداخلة: طيب تتذكر حكاية السجائر، عبدالخالق مش مره أتكلم مره معاه عن السجائر؟) في قصة السجائر دي نحنا ماشين عزالدين علي عامر عازمنا عشاء في النادي السوري. فخشينا استراحة الجزيرة. جاء الشريف عنده كان هارت، متهم قلبو انو تعبان شوية. عز الدين قال ياخ ما قلت ليكم ما تجيبو السجائر، الجاب السجائر. جدع السجائر شفقة بالشريف. ونحنا ماشين الشريف عمل لي كدا “أشار بإصبعه على فمه”. رجعت جبت ليهو باكو سجائر. فقام قال لي يا ود شيخ حمد (محمد نور من سلالة حمد ود أم مريوم) النبي قبل الهدية أنا عارفك غنيان أقبل هديتي. أداني رزمة كدا في ظرف أنا اتخلعت. قعدت أعد فيها لقيتها ألف وخمسمائة جنيه. الزمن داك العربية المازدا ب أربعمائة جنيه! ألف وخمسمائة أداني ليها. وكان الهندي عايش في استراحة الجزيرة. عبدالخالق بمشي ليهو بانتظام كان صاحبه جداً. عبدالخالق لما هاجم الميزانية بتاعته (كان الهندي وزير المالية في 1968) هجوم شديد جداً، الشريف في الاستراحة قال لي يا محمد نور أنا والله لو ما حبي لعبدالخالق كنت مزقته. هو عارف ناس أبو زيد محمد صالح سرقو الميزانية جابوها ليهو.