رأي

اليد التي تقتلك.. كيف تطعمك؟

فيما ارى

عادل الباز

 

 

1

في عالم تلتبس فيه الحقائق وتتقن الأقنعة فنون الخداع، تواصل الإمارات ممارساتها المزدوجة، فتضع في يدٍ بندقية وفي الأخرى رغيفًا، وتهمس بكلمات إنسانية بينما تقترف أفعالًا تنطق بالموت والخراب.

سياسيًا، تلعب الإمارات لعبة الشطرنج السودانية بخبرة المراوغ، فتفكك وتعيد تشكيل الحلفاء، وتخلق من الصراعات شظايا تخدم طموحاتها الخبيثة. هكذا وافقت على انقسام “تقدّم” إلى جناحين، ليكملا المهمة من موقعين مختلفين، كلاهما يؤدي ذات الدور في المسرح الكبير.

وهكذا أصبحت هناك ثلاث أدوات تتحرك في الخريطة:

صمود بقيادة حمدوك، حامل راية الدبلوماسية الزائفة.

قمم أو “رمم”، مشروع التقسيم على طريقة حفتر.

المليشيا بقيادة آل دقلو، السلاح المعلن..

حمدوك، برمزيته المصطنعة، بدأ دوره الدبلوماسي قبل أن تتشكل هياكل “صمود” ذاتها. شارك أمس في مؤتمر أديس أبابا الذي دعت إليه الإمارات، ليأخذ موقعه الجديد كوزير خارجية التعايشي في حكومة لم يُعلن عنها بعد.

في المقابل، تتبنى (قمم) مهمة قذرة: تقسيم السودان وتأسيس حكومة التعايشي على نموذج حكومة حفتر الليبية. تسعى الإمارات إلى استنساخ التجربة الليبية، وتدفع الان دول كـ تشاد وليبيا وكينيا للاعتراف بها، كلٌ حسب دوره في المسرحية.

2

إنسانيًا، ترتدي الإمارات قناع الرحمة. دعت لمؤتمر إنساني أمس في أديس أبابا، شارك فيه الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، وممثلون عن دول الجوار (جنوب السودان وأوغندا)، إضافة إلى مشاركة رئيس كينيا وليام روتو، والمرتشي موسى فكي، والشيخ شخبوط، وأخيرًا رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك، ومنظمات إنسانية، ودبلوماسيون ممثلون للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية.

المؤتمر، الذي قال عنه نائب الرئيس السوداني مالك عقار: “الإمارات تقوم بتحركات مُضرة لعقد مؤتمر خاص عن أوضاع السودان في 14 فبراير الجاري، على هامش قمة الاتحاد الإفريقي بأديس أبابا”، أعلنت خلاله الإمارات عن تقديم 200 مليون دولار كمساعدات إنسانية!. اتجهت الإمارات لإنجاح مؤتمرها هذا إلى السوق الإفريقي الرخيص، فاستغلت رقيق السياسة لتُظهر الصورة الكذوبة حلوة، خاصة أن المنصة يتصدرها المغشوش غوتيرش الذى اطفى بمشاركته على المؤتمر بعدا لايسحتقه اضافة إلى شخبوط.! .

لكن هذه المسرحية لم تنطلِ على أحد. السعودية ومصر وقطر، وهي الدول الأكثر تأثيرًا في الملف السوداني،غابتا عن الحضور و تاركتا للإمارات وحدها في ساحة إفريقية بائسة، تقتات على الرشاوى وهشاشة المواقف. الحقيقة المؤلمة هي أن هذا التبرع (200 مليون دولار) ليس سوى ستار رقيق لتمرير الدعم إلى المليشيات ذاتها التي تقتل وتنهب، في محاولة مكشوفة لغسل السمعة والتمويه على الجرائم. في زمزم وصابرين، كان السلاح الإماراتي حاسمًا في معارك القتل والتدمير. كيف تقدم 200 مليون دولار كمساعدة، بينما تسلّح مليشيا تدمر منشآت بعشرات المليارات؟!

3

عسكريًا، تواصل الإمارات دعمها المكشوف للمليشيا، تهبط طائراتها في جنح الظلام في نيالا وغيرها، محملة بأسلحة لا تميز بين ثكنة عسكرية ومحطة كهرباء اوسوق مكتظ بالناس. السلاح الذي يمزق الأرواح في صابرين ومعسكر زمزم هو نفسه الذي ترعاه يدٌ تدّعي الرحمة

4.

الإمارات تدعم الجنجويد بالسلاح، وعملاءها في السياسة، وتقول إنها تفعل ذلك لأنها تحب الشعب السوداني! هذا… الحبٌ القاتل تأملوه جيدًا… واضحكوا.. على طريقة اعاين فيهو وضحك، وتذكروا دائمًا: اليد التي تقتلك لا تطعمك!!.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى