الأحداث – وكالات
لن ينسى سكان شرق السودان هذا العام ربما لسنوات قادمة موسم الأمطار والفيضانات الذي دمر بلدات بالكامل، وحولها لمستنقعات مائية، خاصة في البحر الأحمر حيث يمكن مشاهدة حطام عشرات المنازل في قرى القنب والأوليب ومدن طوكر وأربعات.
السبت الماضي اندفعت السيول نحو القرى وشملت مدينة جبيت الواقعة على بعد أقل من (70) كيلومتر جنوب شرق مدينة بورتسودان. الكارثة الإنسانية كانت ولا تزال تستدعي إعلان حالة الطوارئ وفقًا للناشطين في المجال الإنساني.
تحذيرات مبكرة
سبقت سيول البحر الأحمر تحذيرات من نشرات الطقس قبل أسبوع كامل، ومع ذلك لم تتخذ السلطات التدابير اللازمة حسب محمد عمر من سكان مدينة بورتسودان، وأحد متابعي الكارثة الإنسانية في قرى غمرتها السيول في طوكر والقنب والأوليب.
وكانت النشرات الجوية حذرت من أمطار وسيول هذا العام بأنها “فوق الطبيعية”. منذ مطلع هذا الشهر امتدت إلى أكثر من عشر ولايات وتزامنت مع وضع إنساني حرج بسبب النزوح من الحرب التي وصلت شهرها الـ(16) مع غياب الأفق بشأن الحل أو اتفاق لإنهاء القتال بين الجيش والدعم السريع.
تقع قرى أوليب وقنب ومدينة طوكر في منخفضات على بعد كيلومترات من سلسلة جبال البحر الأحمر، لذلك يقول خبراء المناخ إن هذا الإقليم سيشهد تحولات كبيرة في المناخ والأمطار والسيول، بالتالي يجب التحوط لما هو قادم خلال السنوات المقبلة.
وقالت مصادر محلية إن انهيار الجسر الجديد الرابط بين مناطق طوكر وعقيق أدى إلى ارتفاع منسوب خور بركة وفتح عدد من الممرات خارج المجرى الأساسي، مما أدى إلى وصول المياه إلى طوكر بكميات كبيرة.
وجراء السيول انهار جسر “دوليباي” الرابط بين جنوب وشرق طوكر، وهو كبري لم تشمله أعمال الصيانة لسنوات وفق السكان المحليين. كما أدت السيول إلى مقتل ثلاثة مواطنين في طوكر ليلة الأحد.
تأهب الدفاع المدني
وتتأهب فرق الدفاع المدني التابعة لوزارة الداخلية للوصول إلى طوكر وتقديم المساعدات، فيما يقول الناشطون في المنطقة إن الحاجة ملحة لتوفير مراكب لإيصال المساعدات الغذائية والدوائية.
تقع منطقة طوكر على أراض فيضية تغمرها السيول والأمطار صيفًا وشتاءً في بعض الأحيان، ولذلك تزدهر زراعة الخضروات والذرة وبعض المحاصيل الموسمية. ومن شأن هذه الفيضانات أن تدمر الزرع.
يقول أسامة عبد الرحمن الباحث في قضايا شرق السودان إن الوضع في طوكر وأربعات وقنب أوليب ومرافيت يحتاج إلى إعلان حالة الطوارئ القصوى من الحكومة السودانية للحصول على المساعدات الدولية، بما في ذلك فرق الإجلاء من خارج البلاد، وتوفير المخيمات للنازحين بسبب السيول.
وأشار عبد الرحمن في حديث لـ”الترا سودان” إلى أن زيارة قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان للقرى المنكوبة من الفيضانات في البحر الأحمر الأحد خطوة إيجابية.
ويرى عبد الرحمن أن مناطق شمال وشرق السودان ستكون على موعد مع “التغيرات المناخية” السنوات القادمة، ويجب على الحكومة والمنظمات العمل الاستباقي لمنع وقوع الكوارث وهذا أمر يمكن أن يحدث إذا اُتخذت تدابير فعالة.
ترك المنازل المغمورة
لم يجد السكان مفرًا من ترك المنازل التي غمرتها المياه في أحياء طوكر مع نداءات الاستغاثة التي انتشرت على شبكات التواصل الاجتماعي فور عودة شبكة الاتصالات تدريجيًا في الساعات الأولى من صباح الإثنين. تأثرت الشبكات بالتلفيات التي طالت الكابلات الرئيسية التي تغذي الولايات من المركز الرئيسي في بورتسودان بسبب اندفاع المياه في جبيت.
يشرح محمد عمر حاجة إقليم شرق السودان إلى خصوصية الاهتمام الحكومي بسبب “التغيرات المناخية” والمجتمعات الفقيرة التي تحول الكوارث الطبيعية حياتها إلى جحيم، ويشدد على أن التدخل المطلوب حاليًا إغاثة المتضررين من السيول والفيضانات في قرى البحر الأحمر ومدينة طوكر.
الخروج عن السيطرة
ويقول محمد عمر إن الأوضاع في طوكر خرجت عن السيطرة، ولا يمكن إدخال المساعدات الغذائية والإمدادات الدوائية عبر الطرق البرية التي انهارت بالكامل وجرفتها السيول مساء الأحد، مشيرًا إلى أن الحل يكمن في نقل آلاف المتضررين خاصة مع انهيار (20) ألف منزل إلى خارج المدينة في مواقع مؤقتة إلى حين انحسار المياه.
ويصف عمر الفيضانات في طوكر وأربعات بالكارثة الإنسانية ويشدد على ضرورة مناشدة الدول لإرسال المساعدات والتي تشمل فرق الانقاذ لأن الناس بحاجة إلى الانقاذ في طوكر والفيضانات أعلى من معدلات العام 2020.
وصلت المياه حسب عمر إلى حدود مترين عن سطح الأرض في بعض شوارع طوكر، وتشكل خطرًا على الأطفال والمسنين والنساء. لا تزال الأمور خارج سيطرة المواطنين الذين ينتظرون تدخل المنظمات الإنسانية والسلطات المختصة بتصريف المياه عبر السحب المستمر لساعات طويلة.
تدمير القرى
ويروي شهود عيان إن مستوى المياه ارتفعت عن سطح الأرض حوالي خمسة كيلومترات في بعض القرى المنكوبة كما دمرت الجسور الصغيرة بالكامل وجرفتها بعيدًا. يقول شهود عيان إن الصورة المقربة من هذه المناطق تبدو أكثر إمعانًا في المأساة.
ويقول محمد عمر إن انهيار (20) ألف منزل إضافة لمئات المنازل في قنب وأُوليب وخور أربعات يعني تشريد آلاف العائلات، وقد يصل العدد إلى (50) ألف شخص نازح جديد بسبب الفيضانات.