فوبيا الإختلاف مجبنة
د. أمين حسن عمر
*هذا تعليق على أخ أزعجه خلاف المختلفين في شأن المسلمين وظن أنه يعني تبدد المشروع الإسلامي وفشل الحركة الإسلامية.
وإجابتي:
الذعر من الإختلاف وتصوير كل إختلاف وكأنه مزعزع للقضية موهن للصف المتماسك هو ضرب من الفهم المثالي للإسلام وللطبيعة الإجتماع البشري والله تعالي يصف الخلق بأنهم (لايزالون مختلفين) ويعقب (ولذلك خلقهم) ، والناس يختلفون في أمور الدنيا وفي أمور الآخرة، وقد حدث الله تعالى مخاطبا أصحاب بدر (منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة) فما ظنكم بمن هم أدنى مرتبة من أصحاب بدر من الصحابة الذين خالط صفهم من يريد الدنيا ومن يريد أذى المؤمنين، ولو كان كل خلاف يهدم الحركات والجماعات والدول لما قامت للإسلام قائمة، فقد إختلف الصحابة عليهم الرضوان والنبي صلى الله عليه وسلم في فراش موته، لم يدفن بعد،إختلفوا في شأن الولاية والخلافة والحكم، ثم لم يضرهم الخلاف إلا أذى قليلا، ومضت المسيرة إلى خلافة راشدة، ثم إختلف المبشرون بالجنة على كرم الله وجهه والزبير وطلحة وعائشة (عليهم جميعا الرضوان) حتى أقتتلوا في وقعة الجمل، وإختلف على كرم الله وجهه ومعاوية كاتب وحي رسول الله صلى الله عليه وأقتتلوا في (صفين) وقتل سبط رسول الله الحسين (رضي الله عنه)، قتلته بنو أمية،ثم كان عهد الإسلام على أيام بني أمية من أزهر عهوده ،وأمتد سلطان الإسلام من الصين الى الأندلس، ولم تعرف البشرية حتى الآن دولة أمتدت أطرافها من الصين إلى أقاصي أوروبا…يا بني لا تجزعوا من الخلاف وتجنبوه ما أمكن، لكن تذكروا أن أخوانكم هؤلاء الذين تعيرونهم بالإختلاف قد صنعوا للسودان نهضة لا يعمى عنها إلا كل حسود حقود، وقد آن لهم أن ينصرفوا بإتفاقهم وخلافهم، وأن يسلموا الرآية للجيل الناهض، الذي يملأ الآن ساحات الجهاد بالتكبير .وأما الحركة الإسلامية فباقية على رغم أنوف أعدائها، تجدد فكرها ووجوه إنتظامها، وعلائق منظوماتها، ولكنها باقية تتجدد كما يتجدد جسد الإنسان، يعوض ما بلي منه وما فقد، وهي باقية بإذن الله ما بقى الاسلام في صدور المؤمنين، لأنها ليست جمعية خيرية، ولا هي حزب سياسي، ولا فريق رياضي، هي حركة مجتمع المؤمنين، الذي يأبى الذلة والإنكسار، ولو تكالب عليه المشرق والمغرب…وأما التحية فللشهداء الذين إرتقوا وللمجاهدين الذين ما بدلوا تبديلا، ولشعبنا المؤمن الصامد الصابر، ولكل صادق نقي الفؤاد، لا يدس السم في حلو الطعام والكلام.