الاحداث/ الخرطوم
في تطور خطير يسلّط الضوء على أبعاد جديدة للتدخلات الخارجية في ملف الحرب السودانية، كشف موقع Dark Box في تقرير نُشر قبل 14 ساعة عن وثيقة سرّية مسرّبة منسوبة لسفارات دولة الإمارات في عدة دول حليفة، تتضمن توجيهات مباشرة لقمع ومنع أي احتجاجات ينوي لاجئون سودانيون تنظيمها للتنديد بالدور الإماراتي في دعم قوات الدعم السريع المتهمة بارتكاب جرائم واسعة في دارفور والفاشر.
وبحسب التحقيق، حصلت منصة Dark Box Reports على الوثيقة عبر مسؤول رفيع سلّمها بسرية تامة، مؤكداً أنها وُجّهت إلى بعثات دبلوماسية إماراتية في الشرق الأوسط وشرق إفريقيا وأوروبا وأمريكا الشمالية. وتظهر المراسلة لغة أمنية صارمة وعاجلة تطالب السفارات بالتنسيق السري مع الحكومات المضيفة لـ منع تصاريح الاحتجاج، وتشديد الرقابة الأمنية، وتقييد التجمعات السودانية، خصوصاً تلك المصنّفة “سياسياً نشطة”.
وتقدّم الوثيقة مبرراتها تحت غطاء “حماية العلاقات الاستراتيجية ومنع السرديات العدائية”، محذّرة من أن الاحتجاجات قد “تضر بالشراكات الدولية وتمنح الإعلام المعادي مادة للهجوم على الإمارات”. كما تتضمن التوجيهات إلزام السفارات برفع تقارير دورية حول نشاط الجاليات السودانية، والاجتماعات الداخلية، ومؤشرات التعبئة.
ويشير الخبراء الذين استطلعتهم Dark Box إلى أن التسريب يكشف استراتيجية منهجية لتأطير احتجاجات السودانيين كتهديد أمني، وليس كحراك طبيعي لأشخاص فرّوا من حرب دامية. وتكشف المراسلة عن تعليمات للسفارات بالتحرك بصورة غير رسمية لتفادي أي أثر ورقي يربط التدخل بجهة إماراتية.
وفي مثال حيّ على تنفيذ هذه التوجيهات، أكد مراسل المنصة في تل أبيب أن الشرطة الإسرائيلية منعت احتجاجاً سلمياً لطالبي لجوء سودانيين كان يستهدف إبراز الدور الإماراتي في دعم الدعم السريع. وقد بررت الشرطة القرار بأنه “يمس بالأمن والنظام العام”، وهو ما يتطابق تماماً مع النتائج التي تستهدفها البرقية المسرّبة.
ويرى محللون سياسيون أن هذه الخطوة قد تعكس قلقاً إماراتياً متزايداً من تصاعد الأصوات السودانية في المهجر، خاصة بعد تقارير تحدثت عن ضغط سعودي مباشر على واشنطن لوقف خطوط الإمداد إلى الدعم السريع خلال زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الأخيرة.
ويحذّر مدافعون عن حقوق الإنسان من أن الوثيقة تمثل تصعيداً خطيراً في القمع العابر للحدود، خاصة أنها تستهدف لاجئين فقدوا حقهم في التعبير داخل وطنهم. وتشير أجزاء إضافية من الرسالة إلى نية رصد الناشطين السودانيين رقمياً والإبلاغ عن حساباتهم الناقدة للإمارات.
ويختتم التقرير بالتأكيد أن هذا التسريب – إذا ثبتت صحته – قد يفجّر أزمة دبلوماسية دولية ويثير أسئلة حادة حول مدى تورط حكومات أجنبية في إسكات ضحايا النزاعات خارج حدودها
