عبد العزيز عبد الوهاب
عشنا لأيام خلت ، ما يمكن تسميتها بعوّة الصفوة ، أي انحدار فصيل متقدم في التصنيف من الطبقة المثقفة في بلدنا ، إلى دركٍ سافل من التشاكس المبتذل في موضوعه ولغته ، بل وفي توقيته .
انطلقت الشرارة هذه المرة ، وهي ليست الأولى ولن تكون الأخيرة ؛ فذلك مرقًى صعب يتطلب كفاية قيمية عالية ، من المكتب المتاخم لديوان معالي رئيس الوزراء الدكتور كامل إدريس .
وطرفاها مستشار إدريس الصحفيان محمد محمد خير و عزمي عبدالرازق ، وهما قلمان يتوفران على قدر من المسؤولية والجدارة .
بينما وقف وراء ( المقتلة الإعلامية) التي استخدمت فيها ( اللغة السوداء) السيد رئيس الوزراء نفسه ، بدلقه الزيت على اللهب المتطاير المفتوح على أعلى سماء .
رؤيتي هنا ، ليست للتذكير بالمخاشنة ولا لاستدعاء تفاصيلها المحزنة ، ولكنها دعوة ، لطالما نادى بها رجال قوّامون ، لترسيخ الرشد في الممارسة الإعلامية ، وتجذير النبل عند الإختلاف ، والكف عن المقارعة باللغة العنيفة التي تتجاوز المكشوف إلى المستور الذي يصل إلى غرف النوم . وهذا لعمري مما لا يليق بالشرف والإنسانية الصميمة .
عموم مجتمع الصحافة ليس نزيهًا بما يكفي ، فقد انجر إليه الدهماء والنطيحة وذوي العاهات النفسية المنبوذة ، ممن سمّاهم كاتب مرموق ( ابناء الظروف) الذين امتهنوا تسويد بيض الصحائف بكل مقبوح وطريد من الكلمات التي تقع خارج صندوق اللغة المألوفة ، وما منابذة الوليد مادبو الشهيرة ببعيدة .
لكن ، لا يزال هناك أمل بأن ينهي الصالح الطالح ، وأن يلجم المعتدل المعتل ويزيح ( الكارب) الكاره .
صفوة الحديث ،فإن ما نأمله هو توخي الحذر والإنصلاح بالطيب من القول ، فما يجمع بيننا هو أكثر مما يشتت ويباعد . والأمر نرفعه إلى ذوي النهى والنباهة في الحوش الكبير .
