عقوبات واشنطن ضد قائد المليشيا… رسائل متعددة

 

الأحداث – وكالات 

الخطوة المفاجئة التي أعلنتها وزارة الخارجية الأمريكية ضد زعيم مليشيا الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) حملت عددا من الإشارات والرسائل التي تنوعت بين السياسي والدبلوماسي تجاه عدوان المليشيا ضد السودان, وقعت الرسائل والتقطها الفاعلين الإقليميين والدوليين وقوى سياسية ظلت منذ يوم العدوان الأول تراهن على المليشيا وتنتظر انتصارها حتى تجد فتات من سلطة وجاه من امتيازات ومناصب, فالعقوبات الأمريكية ضد حميدتي ليست مجرد إجراء عقابي، بل هي أداة استراتيجية لإرسال رسائل متعددة الأطراف، يمكن أن تكون طريقا لتحقيق توازن سياسي في السودان و دعم السلام، وحماية المدنيين حماية حقيقية وجبر الضرر الذي لحق بهم على يد المليشيا ، مع توجيه تحذيرات إلى القوى الداخلية والخارجية المعنية بالصراع بصورة غير مباشرة.

إشارة الداخل:

من الإشارات المهمة للداخل بهذه العقوبات التي طالت الرجل الأول في المليشيا الممثل لرمزيتها وزعامتها هي أن الولايات المتحدة اتجهت إلى بناء رؤية جديدة تعتمد على دعم حقيقي للاستقرار ورفض الانتهاكات ومحاسبة المسؤولين عن الفوضى وذلك عبرفرض العقوبات إلا أن الولايات المتحدة ترى حميدتي ومليشياته كمتهم رئيسي في الانتهاكات الدموية الجارية في مناطق واسعة من السودان منذ أبريل 2023، وأخذ هذا التحول قمته بهذه العقوبات خصوصاً بتوجيه اتهامات مباشرة لهذه القوات بارتكاب انتهاكات جسيمة كاستهداف المدنيين والانتهاكات الجنسية والنهب والتهجير القسري.

القوى السياسية المراهنة:

لاشك أن إرتباط الولايات المتحدة بوهم نشر وفرض الفكر الديموقراطي في العالم والحامي لحقوق الإنسان قد أعطى مساحات وشجع صمتها انتظارا على سلوك المليشيا حتى تحقق الانتصار الذي تتم عبره اجراءات تسليم البلاد إلى حكومة محلية حاملة للمشروع الأمريكي بأوهامه الديموقراطية ، هذا الصمت شجع قوى محلية موسومة ب (تقدم) بأن تمضي تحت مظلة الوهم والظلم الأمريكي وترفع شعارات الولايات المتحدة في الدعوة الى حكم مدني ديمرقراطي وتصمت ايضا على انتهاكات المليشيا لحقوق الشعب السوداني فهذا التحول الأمريكي رسالة مباشرة أو غير مباشرة للقوى السياسية التي ظلت متغطية بشعارات الولايات المتحدة الزائقة وبصمتها أمام الانتهاكات.

تقيد الحركة:

صحيح أن هذه العقوبات شكلية إلى حد كبير ولكن لها من الإشارات والرسائل القوية ما يمنحها قوة وتأثير فتقييد حركة حميدتي دولياً وحرمانه من أي دعم مالي خارجي، خصوصاً من خلال تجميد أصوله وإضعاف قدرته على تمويل عملياته العسكرية يمكن أن ينظر إليه بمثابة تحذير لكل القوى الدولية والاقليمية سيما دولة الإمارات بأن هذا الأمر والدعم للمليشيا لم يعد قابل للتمرير والتغافل عنه.

دعم تفاوضي:

ظلت الولايات المتحدة وتوابعها طوال الفترة الماضية – تصر على وضع القوات المسلحة والمليشيا تحت تعريف واحد وظلت تحتزل العدوان بأنه محض صراع بين جنرالين وتساوي بين الطرف المعتدي الانقلابي وبين القوات المسلحة التي تدافع عن البلاد ، ولكن هذه العقوبات الآخيرة اذا صارت فاصلا بين مرحلتنين ربما كانت اتجاها مشجعا للدفع بالعملية التفاوضية إلى الأمام باعتبار ان كل المبادرات السابقة تكسرت تحت اقدام مساواة الطرفين.

يشير القرار إلى أن الولايات المتحدة تراقب الدور الإقليمي في الصراع السوداني، خاصة من دول تقدم الدعم المالي أو العسكري لقوات الدعم السريع وهي دولة الامارات وتشاد وغيرهما من الدول.

تصحيح الخطاء:

هذه العقوبات ربما كانت تصحيحا لخطأ إدارة الرئيس جو بايدن وحزبه الديموقراطي يُظهر التزام الولايات المتحدة بمبادئ حقوق الإنسان وسيادة القانون، خاصة أن قوات الدعم السريع متهمة بارتكاب جرائم واسعة النطاق في دارفور وأماكن أخرى ، لذلك إدارة بايدن وهي تستعد لحمل حقائبها ومغادرة البيت الأبيض حاولت أن تصحح أخطاءها القاتلة في الصمت على انتهاكات حقوق الإنسان كعار تاريخي يمكن أن يؤثر في مستقبل الحزب في الجولات الانتخابية القادمة التي يشارك فيها المواطن الامريكي ذي الحساسية العالية أمام الانتهاكات.

نقلا عن موقع “أصداء سودانية”

Exit mobile version