عقار غادر للقاء بوتين، الحلف السوداني الروسي.. الأسباب والدوافع
توجه، مساء الإثنين، نائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار إلى روسيا في زيارة تستغرق عدة أيام، في الأثناء
كشفت مصادر رسمية لـ”الشرق” عن مسودة اتفاق سوداني روسي يمنح روسيا مركز دعم فنياً ولوجستياً عسكرياً على البحر الأحمر وتدعم منح الجيش السوداني عتاد حربي وفق برتوكول منفصل. وقالت المصادر إن المسودة تمتد لـ25 عاماً وتنتهي برغبة أحد الطرفين في إنهاء الاتفاق وتنص على ألا يتعدى التواجد الروسي 300 فرد فقط وألا يتعدى عدد السفن الموجودة بنقطة الدعم الفني 4 قطع متضمنة السفن الحربية.
الأحداث – آية إبراهيم
وتوجه نائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار، مساء الإثنين، إلى سان بطرسبرغ الروسية في زيارة رسمية تستغرق عدة أيام للمشاركة في الدورة السابعة والعشرين للمنتدى الاقتصادي الدولي ومن المقرر أن يجري مباحثات مع الرئيس فلاديمير بوتين تتناول مسار العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها، وتطورات الحرب الدائرة الآن وتأثيرها على المحيط الإقليمي والدولي.
عرض ومقترح
وفي مايو المنصرم قال عضو مجلس السيادة ومساعد القائد العام للجيش، ياسر العطا، إن روسيا طلبت إقامة قاعدة عسكرية في البحر الأحمر مقابل توفير أسلحة وذخيرة للجيش السوداني الذي يخوض حرباً ضد مليشيا الدعم السريع.
وأكد العطا أنهم وافقوا على هذا العرض، واقترحوا تطوير التعاون ليشمل الجوانب الاقتصادية في شكل شراكات زراعية وفي مجال التعدين والذهب والموانئ.
وعبر العطا عن عدم اعتراضه على إنشاء المحطة البحرية الروسية، قائلاً: “هذا ليس عيباً على الإطلاق”، وأكد أن السودان مستعد لإبرام اتفاقيات مماثلة مع دول أخرى بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر، مع إعطاء الأولوية لمصالح السودان فوق كل شيء.
رؤية استراتيجية
وحول حديث ياسر العطا قال الخبير العسكري الفريق أول ركن محمد بشير سليمان إن ما قاله العطا يمثل رؤية استراتيجية وطنية شاملة تشير إلى أن الدولة السودانية تفكر في كيفية الاستغلال الأمثل لموقع البحر الأحمر والموارد التي يحتويها ظاهر وباطن الأرض السودانية بعد تجاهل أو قصور في الاستراتيجية الوطنية إمتد زمناً منذ استقلال الدولة السودانية لتبدأ بهذا خطوة ساعة الخروج من حالة قصر النظر الوطني إلى الرؤية الشاملة لبناء الدولة السودانية الحديثة القائمة على كيفية الإستفادة الكلية والاستغلال الأمثل لهذا الموقع الاستراتيجي وما به من موارد طبيعية.
وأضاف سليمان لـ(الأحداث): أيضاً تمثل هذه الرؤية بعداً في النظر ابتعاداً من دائرة سياسة المحاور والتبعية إلى سياسة الاستقلالية الوطنية دوراناً حول سياسة المصالح القومية التي على الدولة أن تؤطر لها وتبحث عنها أين ما كانت باعتبارها هدفاً وطنياً استراتيجياً دون التمييز أو الإرتماء في أحضان دولة دون أخرى تحقيقاً للسيادة الوطنية والأمن القومي في كل محاوره وتجاوزاً وحصاراً لمهدداته وتحدياته على المستويين الإقليمي والدولي.
كسب حليف
وسبق أن طورت روسيا في السابق علاقاتها مع السودان خلال حكم الرئيس المعزول عمر البشير ومثلت حليفاً استراتيجياً للسلطة حينها ووقع البلدان وقتها اتفاقاً لإقامة قاعدة على البحر الأحمر.
وقال الخبير العسكري الفاتح محجوب إن السودان بحاجة ماسة للسلاح والذخيرة بمختلف أنواعها وهي كلها ذخيرة لأسلحة تقليدية من النوع الذي لم يعد يستخدم في الحرب الروسية الأوكرانية وهي متوفرة بكميات كبيرة في المستودعات الروسية.
وأضاف محجوب لـ(الأحداث): يمكن لهذه الأسلحة مع مثيلاتها القادمة من إيران أن تساعد الجيش السوداني على حسم حربه مع متمردي الدعم السريع وفي ذات الوقت يكسب السودان حليف سياسي من الوزن الثقيل في أروقة الأمم المتحدة ويمكن لهذا التعاون أن يتمدد لمجالات أخرى مثل الاقتصاد والسياسة.
تطورات وتوترات
وفي أبريل الماضي سجل مبعوث الرئيس الروسي الخاص للشرق الأوسط وأفريقيا ونائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف زيارة إلى السودان حيث التقى رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، والفريق أول ركن شمس الدين الكباشي، وجاءت في أعقاب تطورات وتوترات شهدتها العلاقات بين روسيا والسودان مؤخراً بعد امتناع روسيا في آخر جلسة لمجلس الأمن بتاريخ 8 مارس 2024 عن التصويت لقرار مجلس الأمن (2724) الذي يدعو إلى الوقف الفوري للأعمال القتالية في السودان خلال شهر رمضان الماضي وسعى جميع أطراف الصراع إلى التوصل لحل مستدام عبر الحوار، وفسرت نائبة الممثل الدائم لروسيا لدى الأمم المتحدة الامتناع عن التصويت على مشروع القرار، وقالت إن بلادها دعت مراراً الأطراف السودانية إلى وقف الأعمال القتالية، فيما سارع البرهان باستدعاء السفير الروسي ليؤكد على العلاقات المتينة بين البلدين أعقب ذلك إيفاد البرهان مبعوث لروسيا لرأب الصدع في العلاقات السودانية الروسية بزيارة مدير المخابرات العامة مفضل لروسيا.
تقليل مخاطر
مدير مركز العاصمة للدراسات السياسية والاستراتيجية د. حسن شايب دنقس يقول إن من أهم الأسباب والدوافع لتحالف الخرطوم وموسكو التقليل من حدة المخاطر التي تجابه الدولة السودانية في ظل فشل الأمم المتحدة ومجلس الأمن وروافدهما في الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين كما يدعيان دوماً.
وأضاف دنقس لـ(الأحداث): كذلك من الدوافع صد العداء الخارجي الذي يهدد الأمن القومي للبلاد إضافة لذلك مواجهة التمرد الداخلي المسنود بقوى إقليمية ودولية، ولفت إلى أن التحالف مع روسيا جاء في ظروف إستثنائية لكلا البلدين فكلاهما لديه تحديات داخلية وخارجية ومن خلال هذا الحلف المعلن سيحقق المصالح بينهما خاصة أن هذا التحالف مزدوج اقتصادي وعسكري فمنطقة ساحل البحر الأحمر السوداني تشكل بُعداً استراتيجياً لروسيا في سياستها الخارجية وستغير من موازين القوة في أفريقيا على وجه الخصوص منطقة القرن الأفريقي والشرق الأوسط ومكاسب السودان من هذا التحالف حماية مصالحه الداخلية والخارجية من أي قوة أخرى تهدد أمنه القومي والكثير من المصالح العسكرية. أما من الجانب الاقتصادي فيتمثل في الاستفادة من التقنية الزراعية والصناعية لزيادة الإنتاج والإنتاجية واستغلال موارد البلاد استغلال أمثل بإنشاء المنظومات الاقتصادية بالتعاون مع روسيا، ويمكن تصنيف هذا التحالف بالنسبة للخرطوم دفاعي اقتصادي في المقام الأول.