عجائب تمويل النشاط الاعلامي في السودان…
محمد المبروك
سليم اللوزي.. هل انتحر عبثاً؟
● العلاقة بين تمويل الإعلام (سواء كان محليًا أو خارجيًا) واستقلاليته ومحتواه هي واحدة من أكثر القضايا تعقيدًا وحساسية في العمل الصحفي. فالحاجة إلى الموارد المالية للاستمرارية والاحترافية تصطدم غالبًا بضغوط الجهات الممولة وأجندتها وأغلب الدول تتعامل مع مسألة التمويل الأجنبي لأنشطة داخلية بحذر وحسم.
في السودان، مفارقة تستحق الوقوف عندها، إذا كان تمويل نشاطك الإعلامي من مكون وطني محلي(أياً كان) فأنت في نظر الكثيرون مرتزق ومطبل وموضع تندر دائم، أما إذا كان تمويلك من الخارج .. منظمات، مخابرات.. دول أجنبية.. فلا أحد ينظر إليك بعين الريبة والاستنكار بل ربما لا يسألك أحد اصلا عن مصدر تمويلك .. شيء عجيب مُش؟
مع أن المنطق يقول بأن ضرر التمويل المحلي، مهما كان، لا يمكن مقارنته بضرر وخطر التمويل الخارجي وقد أثبت الإختراق الأجنبي-بالتمويل- للفاعلين السودانيين خطرا بليغا وساهم في تصعيد الأجندة التي قادت لحرب 15 أبريل الكارثية… ولكنه السودان
.. كل شئ جائز في السودان!
● الكاتب العربي الذي يُشار إليه
غالبًا في هذا السياق هو سليم اللوزي.
كان سليم اللوزي صحفيًا وناشرًا لبنانيًا، ومؤسس مجلة “الحوادث”. بعد اكتشافه أن مجلته كانت تُستغل كواجهة وتُموّل جزئيًا- لاحظ جزيئا- من قبل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) ضمن برامج الحرب الباردة، شعر بصدمة كبيرة.
ويُعتقد أن صدمته واكتشافه لهذا التمويل الخفي لوسائل الإعلام العربية كان سببًا رئيسيًا في إقدامه على الانتحار في لندن عام 1980.
● ترى ماذا لو كان سليم اللوزي يعرف بأن في هذا الجانب من الكرة الأرضية، السودان، يوجد نشطاء إعلاميين وسياسيين يتفاخرون باستلامهم تمويل أجنبي، ويسخرون من زملائهم الذين يتلقون تمويلاً محلياً، أغلب الظن أنه سيصرف النظر عن حكاية الانتحار دي، ويعيش في ثبات ونبات ويخلف عيال وبنات.
● مفارقة عجيبة فعلا، ولّا رايكم شنو؟
خلف الظلال



