عثمان جلال يكتب: حقيقة حياد قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي
(١)
معلوم ان القوات المسلحة والدعم السريع نفذا الحركة التصحيحية في يوم ٢٥ اكتوبر ٢٠٢١ وتم اقصاء قوى الحرية والتغيير من الهيمنة على المرحلة الانتقالية ، وفي فقه الثورات عندما تهيمن ايديولوجيا أحادية على المرحلة الانتقالية تنزع لصناعة هندسة سياسية واجتماعية ودستورية تؤدي الى انتاج نظام استبدادي جديد مثل الثورة البلشفية والايرانية لذلك يجب ان تكون المراحل الانتقالية حيادية وتوافقية ولا تزج فيها اي قضايا هوياتية تنتج شرخا عموديا في بنية المجتمع وقد خاضت قحت في كل القضايا الهوياتية حتى حقوق المثليين والشواذ وتشظى المجتمع وكاد ان يتفكك السودان هوياتيا
(٢)
حتى تكتمل اركان الحركة التصحيحية وتهدأ الهوجة الثورية الكذوبة اعلن الفريق البرهان خروج الجيش والدعم السريع من العملية السياسية وأيدها حميدتي وعززها بتصريحاته الايجابية بالشروع في بناء مؤسسة عسكرية مهنية وموحدة وقومية، ونصح البرهان وحميدتي القوى السياسية بالتوافق على ادارة المرحلة الانتقالية وهذا الطرح العقلاني كان يقتضي التأييد وبناء الاوتاد الديمقراطية على اساسه ولكن ماذا فعلت الحربوية قحت المجلس المركزي ؟؟ جاءت بمبادرة الاتفاق الاطاريء في ديسمبر ٢٠٢٢ وشرعت في حشد التأييد الانتقائي له بدلا من بناء كتلة توافقية كبرى من القوى السياسية فعمقت شروخات الاجتماع السياسي الوطني وهرولة مرة اخرى لاعادة المكون العسكري في المشهد السياسي ولما ادركت قيادات الجيش ان هكذا مبادرة ستعيد انتاج الازمة حد التفكك والانهيار الشامل نأت عن اقحام الجيش في هذا الحلف الشرير وجددت قيادة الجيش مبادرة التوافق بين كل القوى السياسية وعدم الممانعة على مغادرة كل القيادات السياسية والعسكرية واحلال قيادات جديدة في المشهد السياسي.
لكن ماذا فعلت الحيزبون قحت المجلس المركزي؟ هرولة لاستقطاب قائد الدعم السريع ومنحته امتيازات سياسية واقتصادية واستقلالية من الدمج في القوات المسلحة في مدة تتراوح بين العشرة الى عشرين عاما ثم اعادة تأهيل حميدتي اقليميا ودوليا .
(٣).
لما احست قيادة الجيش مخاطر حالة الاستقطاب بين الجيش والدعم السريع وقعت مبدئيا على الاتفاق الاطاريء ولكن اصرت على بناء اكبر كتلة تاريخية حوله لانهاء حالة الاستقطاب في الشارع السياسي ولكن ماذا فعلت العقرب قحت المجلس المركزي ؟ وصفت تداعي القوى السياسية للتوقيع على الاتفاق الاطاري بالاغراق السياسي، ووقعت في المحظور وهو تأجيج الفتنة بين الجيش والدعم السريع .
ازاء حالة الاستقطاب تداعى المشهد السياسي الوطني الى فسطاطين الاول الجيش والقوى السياسية الحية والمجتمع والثاني قحت والدعم السريع والسند الاقليمي والدولي الشرير ، ولكن ماهي الادوات والروافع التي حددها الطرفان لانفاذ رؤيتهم حول الازمة السياسية ؟ تبنى الجيش السوداني وحلفاءه استراتيجة الحوار والتوافق ، وقد خفض الجيش يوم الخميس درجة الاستعداد الى ٣٠٪، بعد تأكيد الخائن حميدتي عدم الصدام بين الجيش ومرتزقته، بل وجه الفريق البرهان بتشكيل لجنة تحقيق في حادثة الاشتباك الاول في المدينة الرياضية قبل الهجوم الشامل للمرتزقة على مركز القيادة والوحدات العسكرية، وبالمقابل لم ترفع قحت عديمة الشرف الثوري شعار يالاطاري او الثورة الشعبية التصحيحية لانها فقدت ثقة الحاضنة الجماهيرية الثورية وتريدها سلطة استبدادية مدنية حراسها بندقية حميدتي واموال دويلة الشر الامارات لذلك رفعت شعار يالاطاري او الحرب ، وهم اضعف واخزى واقل عددا كما وصف عمرو ابن سالم الخزاعي حال قريش قبل فتح مكة.
قد تدعي قحت انها رفعت هذا الشعار للتحذير من وقوع الحرب، ولكن واجب القوى السياسية المدنية عقلنة العمل السياسي لا التلويح بالحرب ، وقد تدعي قحت ان قيادة الدعم السريع شنت الحرب بمعزل عنها ، ولكن هل نفضت قحت يدها عن التحالف مع حميدتي واعلنت تأييدها للجيش في الحرب الوجودية للدولة السودانية ؟؟ ما كان لحميدتي ان يتجرأ على شن الحرب ضد الجيش والمجتمع والدولة دون تأييد قحت المجلس المركزي
(٤).
ان سردية قحت المجلس المركزي عن الحياد في الحرب ضد الجيش والمجتمع تستبطن التماهي التام مع مليشيا الدعم السريع فهي ترفع شعار لا للحرب نفاقا لانقاذ حليفها من التحطيم العسكري واعادته للمشهد السياسي عبر صفقة اتفاق سياسي للاستقواء به والتحكم والهيمنة من جديد على المرحلة الانتقالية ، وهذا اخطر سيناريو لنهاية الحرب لانه يعطي هذا التحالف الشرير فرصة استراحة محارب لاستئناف حرب اشد ضراوة ضد الجيش السوداني
ان المعركة بين الجيش السوداني والمجتمع، وتحالف مليشيا ال دقلو وقحت المجلس المركزي صفرية يجب ان تنتهي بتحطيم هذا التحالف عسكريا وسياسيا واقتصاديا لصيانة الوحدة الوطنية من التفكك والمشروع الوطني الديمقراطي من الاختطاف والاستلاب.