الأحداث – متابعات
بشكل مختلف كتب القاص والكاتب عبدالغني كرم الله يوضح علاقات السودانيين بآلات النفخ في وداع العازف أسامة بيكلو، وقال “في قرية عند منحنى النيل الأزرق، المقبل من صعيد المحس، نحو سافل العيلفون، كنا صبية صغار، نمضي للحقول، ونحضر قصب جاف، ونصنع الزمبارة،.
نجعل من سنبلة الذرة قناة نبري بها القصبة، ندخلها في لب القصبة ثم نفركها على الفخذ، حتى يتساقط اللب، تصبح القصبة مجوفة، ثم نبحث عن (موس) قديمة لخالي، بين شقوق الحيطة، ونصنع خمسة ثقوب ثم “لسان” الزمبارة.
نتبارى في نفخها، ونحن أسعد ما يكون، مجرد نفخ زفير طويل، نحاكي بوري لوري الحلة، وهو يطلق بوقه فجراً، وكان هارون أمهرنا عزفاً، وأصابعه بمهاره تسد ثقوب وتفتح أخرى، بلحن شجي، وجضومه مكردمة من النفخ، وأصوات الأغاني والبوري، تزرع في القلب إحساس لا يوصف، وتجعل من القرية رحماً حميماً، تحت قبة السماء الرحيمة”.
وأضاف “موسيقى النفخ حزينة، وطروبة، وساحرة معاً، حزنها ربما وداع الزفير لأعماقنا، وطربها ربما تحاكي نفخ موسيقى الروح في جرم آدم، حتى أحال عبدالغني النابلسي الكون كله إلى طبل، ونحن القصائد، (عود العلا، ضربت به يده على طبل الملأ، فالعالمون قصائد).
بيكلو وداعاً، فقط كانت قريتك الوطن كله، وقلبك…
نعم للجمال لا للحرب”.