بل أكثر من ذلك يا أستاذ الباز… لأنهم يريدونه انتصاراً للدعم السريع
مشهد جديد
عبدالسميع العمراني
الأستاذ عادل الباز رئيس تحرير الأحداث الإلكترونية حينما يكتب فهو لا يرصد او يدون فقط، بل هو يحلل الأحداث بعمق، وعلى رأي الأستاذ حسين خوجلي حينما قال في جلسات الأنس الرائعة إن اللحو رحمة الله عليه لم يكن يغني كما المطربين بل هو يقوقي، والباز لا يكتب فقط بل يتأمل ويتدبر ويحلل وما أود ان أضيفه هنا في مقالتي ليست نقداً لما كتب بل تذكيراً ببعض الإضافات التي قد يكون تجاهلها عمداً لاعتبارات يعرفها هو وذلك في مقالته الأخيرة في عموده الأكثر وصولا للقراء (فيما أرى)، إذ أعرب خلاله عن دهشته من تصريحات لوزير الخارجية الأمريكية بلينكن، والتي أشار خلالها إلى أن الحرب في السودان تهدد الأمن والسلم الدوليين، وبحسب ما توصل إليه الأستاذ الباز من تحليل وتفسير لتصريحات الوزير الأمريكي أن المقصود من هذه التهديدات التي تشكلها حرب السودان، هي خشيتهم من الفوضى التي قد تحدث في السودان في حال استمرار حالة الحرب، وعدم التوصل إلى اتفاق سلام يوقف دوران آلة الحرب، وأضاف الأستاذ الباز أن ماتخشاه الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي أن يكون السودان قاعدة انطلاق للهجرة غير الشرعية في ظل وجود فوضى بالسودان، وعلني اتفق مع الأستاذ عادل الباز فيما ذهب إليه من أن الفوضى بالفعل ستتسبب في خلق حالة اللادولة، وحينها ستنعدم الرقابة وتختفي السلطة ويبقى وقتها كل شيء متاح من هجرة غير شرعية إلى حركة مجموعات متطرفة إلى انتشار تجارة المخدرات وتجارة الأسلحة وغيرها، إلا أنني أعتقد أن ماتفوه به الوزير الأمريكي من مخاوف بشأن حرب السودان هو تعبير عن مايعتمل بالعقل الباطن من نوايا قراءات للوضع في السودان، بل قد تكون العبارة مقصودة ولكن قد يهرب من حقيقة مايقصده أن طلب منه بعض الصحفيين تفسيرات لما قاله، ونعتقد أن كلمات الوزير الأمريكي. تتسق وتتفق تماماً مع السلوك العام الإقليمي والدولي تجاه مايجري بالسودان، فهو سلوك ديماجوجي انتهازي ظل يلتزم بالصمت تجاه كل الجرائم والانتهاكات الوحشية التي مارستها عصابات الجنجويد تجاه الشعب السوداني ولم تخرج إلا بضع إدانات وعلى استحياء، وحتى القرارات التي قالت الولايات المتحدة إنها قد اتخذتها ضد قائد ثاني الدعم السريع وعبدالرحمن جمعة الذي مثل بجثة الوالي خميس أبكر، واضح أن تلك القرارات من قبيل للترضية وإسكات بعض المنظمات الحقوقية، فقد تحرك عبدالرحيم دقلو إلى المنامة وغيرها عبر تنسيق أمريكي مع دول إقليمية وحتي تحركاته في بعض العواصم الأفريقية لم تحتج أو يبدي الجانب الأمريكي وبعض عواصم الاتحاد الأوروبي لم يبدون غضبهم من تحركات دقلو كما كانوا يصرخون مع تحركات البشير وأحمد هارون، إذن فإن النظرة إلى حرب السودان هي مناصرة للدعم السريع وتدعمه سراً عبر وكلاء معروفين، وتخشى ماتخشى من انتصار الجيش السوداني وهو الذي وعد بإعادة الحياة السياسية والعمل بدستور يكفل التداول السلمي للسلطة وهذا ما يثير الجزع، لأن بعبع عودة الإسلاميين إلى حكم السودان مرة أخرى إن كان عبر انتصار الجيش السوداني ودحر الجنجويد وأعوانهم وهو الانتصار الذي سيؤدي إلى تسلم القوات المسلحة السلطة لفترة انتقالية لسنوات، وحسب تقييم القوى الدولية الفاعلة أن الجيش السوداني مازال محسوباً على التيار الإسلامي بالسودان وبالتالي يجب إبعاده عن السلطة بأي شكل وهم يرون أن الجيش يمكن أن يحكم في ليبيا حفتر الذي دعموه لوأد العملية الانتخابية وفي باكستان وتونس ودول أخرى بالمنطقة إلا أن الجيش السوداني يجب أن يبعد تماماً عن السلطة ويسلمها لحلفائهم وعملائهم بالسودان دون أي قيود أو شروط وبدون لف أو دوران على رأي (دقلو الصغير) ودون عملية انتخابية ويمكن، فهذه القوى الدولية التي تخشى من أن يهدد الوضع في السودان الأمن الإقليمي والدولي كانت ستبارك أي عملية انتخابية صغيرة عبر سجل انتخابي مشفى ومصفي على شاكلة انتخابات نقابة الصحفيين والتي ألغت سجلات أكثر من سبعة آلاف صحفي وأجرت العملية الانتخابية بعدد لايزيد عن مائتي صحفي وتشكيلي، ولكنهم سارعوا إلى مباركتها والاعتراف بها وتقديم كل أنواع الدعم المالي والفني لها، ولم يطعنوا أبداً أو يشككوا في نزاهتها لأن المخرج عايز كدا، الأمر الآخر هو التخوف من أي عملية انتخابية نزيهة ونظيفة بالسودان قد تعود بالتيار الإسلامي للحكم، فبحسب قراءتهم أن الإسلاميين سيسيطرون على مجلس النواب وسيعودون إلى الحكم عبر بوابة الديمقراطية وهم لايريدون ذلك مهما كان الثمن حتى ولو خرج كل الشعب من السودان، إذن فإن الحرب التي تؤدي إلى انتصار الجيش السوداني واحتمال إعادته الحياة الدستورية عبر دستور ٢٠٠٥ مع تعديلات ضرورية لإتاحة أكبر قدر من الحريات، وهذه هذه النهاية للحرب المشتعلة الآن، قطعاً هي ستكون نتيجة محزنة لهم ولا يريدونها، ومازالت تلك القوى تبحث عن سيناريوهات وصفقة تعيد من خلالها مجموعة تقدم، أما في حال أن يحقق الجيش السوداني انتصاراً كامل الدسم هذا بالفعل ما تخشاه القوى الدولية وتعتبره تهديداً للأمن الإقليمي والدولي.