عادل الباز يكتب: لطيف.. أوهام التناقضات.!!
فيما أرى
1
بالأمس استمعت لتسجيل جديد للأستاذ محمد لطيف، يتحدث فيه عن مواقف من سماهم دعاة الحرب، وبما أن لطيف ورهطه يعتبرون كل داعم للجيش الوطني من (دعاة الحرب) فقد أدخلت نفسي ضمن المقصودين بهذا التسجيل، ورأيت أن أرد عليه، ليس تهجماً ولكن بسبب رغبتى في نسف خزعبلاته التي يحاول ترويجها عبر التسجيل.
2
يفترض لطيف أن هناك تناقضات في موقف من يسميهم دعاة الحرب (بزعمه)، وهي تناقضات تجول برأسه هو ولا أحد غيره، ثم يسوقها في اتجاه منطقه وموقفه ويرد عليها بنفسه، ليؤسس على ذلك واقعاً جديداً يعتبره متناقضاً.. عجبى!
قال لطيف في تسجيله الأخير: (إن دعاة الحرب يشتطون في شتائم الجيش كلما كان هناك تقصير أو تقدم للدعم السريع، وإذا ما انتقدت الجيش “هو أو غيره” يعتبرونك معادياً له).. يعتبر الأستاذ أن هذا تناقض.. سمح.
لا أدري كيف نهض التناقض في عقل الأستاذ لطيف.. الحقيقة لا أحد من الكتاب الرصينين الداعمين للجيش يشتم الجيش إلا أن يكون لطيف يدمن الاستماع إلى غثاء الأسافير ويتخذه حجة.
لا أعرف أحداً ممن ذكرت يشتم الجيش كجيش، فالأصوات التي تعلو أحياناً إنما تنتقد قيادة الجيش، وليس الجيش، وهناك فرق كما يعلم الجميع، الجيش كمؤسسة باقٍ والأفراد زائلون، وأداؤهم لا عصمة له.. لا أحد يشتم الجيش، فهناك فرق بين انتقاد قيادة الجيش والوقوف ضد الجيش كمؤسسة أو الإساءة له كما يفعل رهط لطيف: (معليش معليش ما عندنا جيش/ جيش كيزان/ جيش فلول/ جيش البرهان/ جيش البلابسة).. دي الإساءات الجد.
ثم السؤال للطيف ليدرك الفرق.. هل كل من انتقد قيادة الحرية والتغيير ومواقفها من الحرب هو بالضرورة ضد الحرية والتغيير كتحالف؟
هل يمكن مثلاً اعتبار محمد فاروق وأزهري علي (عضو قيادي في المجلس المركزي)، وخالي الريح السنهوري وتابعه وجدي، وأمجد فريد وعمر عشاري وقريب الله السماني وغيرهم كثيرون.. هل يمكن اعتبارهم معادين للحرية والتغيير لمجرد أن لهم رأياً في طرائق إدارة المجلس المركزي للملفات التى يعمل عليها أو موقفه من الحرب؟. هل الذين كانوا ينتقدون أداء حمدوك ويشتمونه فى الأسافير كلهم ضد الحرية والتغيير.؟ بهذا يتضح أن التناقض قائم في ذهن (الزعيم) كما كنا ندعوه ولكن اتضح لى أنه زعيم ذو هوى جنجويدي، فنزعنا عنه الزعامة ليصبح (لطيف بس) رغم إنه مش لطيف في موقفه هذا!
نذهب إلى التناقض الآخر الذي هو قائم بذهن لطيف، فماذا يقول: (دعاة الحرب يشتمون أمريكا لأنها تدعم الحرب في غزة وهو موقف مفروض أن يكون كل موقف الأحرار في العالم)، ويضيف (دعاة الحرب يقولون لماذا لا يدعم بايدن الحرب فى السودان ما دام هو يدعم حرب غزة ولماذا يرفضون وقف الحرب التي تسبب الدمار وللمحافظة على ماتبقى من السودان والجيش.).. رغم أن المفارقة والتشبيه لا مكان لهما من الإعراب السياسي والحربي، فقد كان على لطيف أن يبحث في تناقضات أمريكا أولاً قبل أن يبحث في أوهام تناقضات من يسميهم دعاة الحرب.
3
ولكن أين التناقض الذي يشير إليه؟
السؤال البسيط والسهل الذي كان ينبغي على الأستاذ لطيف أن يسأله لنفسه أولاً.. لماذا تفعل أمريكا ذلك؟ لماذا تدعم حرب إبادة في غزة وتعارض حرب ضرورة مفروضة على شعب السودان؟
الإجابة ببساطة لأن أجندتها لا تقوم على قيم عادلة ومنصفة.. أمريكا تدعم إسرائيل في إبادتها للشعب الفلسطيني لأن ربيبتها في المنطقة تحقق مصالحها ومصالح اللوبي الصهيوني في أمريكا، وللسبب ذاته تدعم جنجويد السودان، أنظر لمواقف جنجويد الامبراطورية (مولي في/ مساعدة وزير الخارجية للشئون الأفريقية) ورهطها ودعمهم للتمرد.
4
هل حقا لا يدرك لطيف حقيقة الدعم الأمريكي لقحت وحلفائها من الجنجويد؟ ابتداءً بورشة المحامين المهزلة إلى الاتفاق الإطاري الكارثي الذي سارعت مولى في للاعتراف به ودعمه، ثم حين اكتملت عناصر المؤامرة التي سبق الحشد لها تمردت مليشيا الجنجويد التي لا يزال لطيف يسميها قوات الدعم السريع.. (هكذا مجردة) كأنها لا زالت قوات رسمية معترف بها!
مرة أخرى لماذا تدعم أمريكا الجنجويد؟
لأنهم بحسب زعمهم أن هزيمة الجنجويد تعني إعادة الإسلاميين للسلطة، اشتروا أكاذيب قطيع قحت هذه وبدأوا في حماية المتمردين من الإدانات الدولية، وليس ذلك فحسب، بل إنهم حين أدركوا أن عصابة الجنجويد فى طريقها للسحق أسسوا منبر جدة، وحين استجاب الجيش للمفاوضات ووقع اتفاقاً مع المليشيات المتمردة رفضت العصابة المتمردة أن تنفذ ما وقعت عليه وقتها، ولم تتجرأ أمريكا بإدانة استهتار الجنجويد بالاتفاقيات التي توقعها وشهد عليها العالم.. وبدلاً من إدانة الجنجويد والضغط عليهم وحلفائهم القحتيين، طفقت تبحث عن منابر بديلة في الإيقاد والاتحاد الإفريقي لعلها تنقذ حلفاءها وعملاءها بالداخل، فقدمت ما سُمي بخطة خفض التصعيد.. (راجع كتاب ووثائق كتاب دكتور عشاري جنجويد الإمبراطورية).
5
ألا يرى لطيف كيف تدعم أمريكا الجنجويد بالصمت على ممارسات الدول التي تدعمهم وتتدفق أسلحتها عليهم رغم أنف القرارات الدولية.؟
أمريكا تغطي على جرائم الصهاينة وتدعمهم وتجد لهم المبررات، تفعل الشيء ذاته مع صهاينة الجنجويد بالتغطية عليهم وعدم إدانتهم وتبرير أفعالهم والصمت عن إبادة المساليت.. تماماً كما صمتت أمريكا بالأمس عن قصف المستشفى الأهلي المعمداني، المجزرة التي راح ضحيتها أكثر من 500 فلسطيني في غزة.
6
الأجندة واحدة يالطيف.. أمريكا تطالب بوقف الحرب فى السودان لدعم جرائم صهاينة جنجويد السودان، لأن ذلك يحقق مصالحها المتمثلة في عدم عودة الإسلاميين للسلطة (حسب ترهاتهم)، وهي تدعم جرائم صهاينة اليهود في فلسطين لأن الدعم يخدم ربيبتها ويحقق مصالحها في السيطرة على المنطقة.. أمريكا تحقق مصالحها بدعم الحرب في مكان وترفض وقفها وتشنها هي نفسها في أماكن أخرى بناء على أكاذيب مخجلة (العراق مثالاً).. هي تتلون بحسب مصالحها بلا أدنى حرج من لفظ القيم التي تدعيها، قيم الحرية والديمقراطية وحرية التعبير التي صدعوا بها رؤوسنا هم وصاحبنا الوزير زماناً طويلاً!! فهمت؟
هى أمريكا يا لطيف!
(هذي التي المثل العليا على فمها
وعند كل امتحان تبصق المثل!)
الشاعر العراقى عبد الواحد عبر الرازق.
7
وقف الحرب في السودان دون تنفيذ مقررات جدة يعني تمكين الجنجويد من العودة للمشهد السياسي والعسكري، وهذا هو السبب في رفض الوطنيين الداعمين للجيش لتلك الفكرة، لأنها كارثة أكبر من كارثة الحرب ودمارها.. ولذا دعوة أمريكا لوقف الحرب هنا مرفوضة، لأنها تمكن للجنجويد وليس ثمة أجندة حقيقية في دعم السلام وإيقاف الدمار.
بعد كل هذا، هل زال التناقض المُعشعش في ذهن لطيف، أم إن الأوهام يستحيل أن تعالجها الحقائق أو يسعفها منطق؟.. نشوف.