عادل الباز يكتب: ضحايا.. ماتوا تاني من الضحك.!!.
فيما أرى
1
هذا المقال وجه آخر من وجوه الضحك المحظور. وجه الضحك المحظور هي واحدة من روائع مسرحيات الشاعر الكبير هاشم صديق الذي هو شاعر الشعب بحق، مثّل دور البطولة فيها الأستاذ علي مهدي وأخرجها للمسرح د. سعد يوسف حياهم الغمام جميعاً. آآآآآه يازمان المسرح ولياليه. ترى ماذا فعل الهمج به؟!… آه يابخت الرضا هل إنت فاكر.
2
تُرى من هو مؤلف ومخرج مسرحية “زيارة حميدتي للمتحف التذكاري للإبادة الجماعية بالعاصمة الرواندية كيغالي”… ليس لهذا المؤلف ذرةٌ من الخيال، ولا يملك المخرج أدنى علاقة بالإبداع الفني أو السياسي، لقد جعلوا المتمرد مضحكة في نظر العالمين، كيف يمكن أن تجعل المتمرد والقاتل بين يوم وليلة يخلع “كادمول” الإبادة ويرتدي بدلة إنسانية أنيقة وكرفته ليزور ضحايا إبادة آخرين ولم تجف دماء المساليت الذين أبادهم حتى أسمته مجلة الإيكونومست مختصص الإبادة الشهير!!.
3
في المسرح لتنقل المشاهد من مرحلة إلى مرحلة فإنك محتاج لفاصل تغيّر فيه الديكور والأزياء وتُعدّل السنغرافيا والإيقاع…. أما أن تأتي بنفس الأبطال أو الخونة بدون فاصل وبدون تعديل في بقية عناصر المسرح.. فذلك لن يغير نفسية الجمهور ولكن تتركه ينسى المشاهد المؤلمة التي عاشها. لولا أن المؤلف غبي كان يمكن أن ينتظر قليلاً لتجف دماء ضحايا بطل الإبادة في شوارع الخرطوم وقرى الجزيرة ومدن دارفور، ثم يؤلف كذبة يواسي فيها الضحايا ويضع مسوحاً كاذباً على وجهه الجديد ليطوف به على ثلة المتآمرين والقتلة من أصدقائه بالخارج، ورويدا رويدا بعد سنوات، يسجل زيارة لضحايا الإبادة (فاصل زمني بس)، أما أن يكون ضحايا المجرم لا يزالون يتعرضون للقتل والإبادة ويترحم هو على ضحايا إباده آخرين فإن ذلك يحول المسرحية السخيفة لمسخرة.
4
لا أعرف كيف كتبت أياديه المخضبة بدماء الضحايا مثل هذا النص الذي كتبه أو كتبه له المؤلف الردئ في 7/يناير 2024 بدفتر التوقيعات في متحف ضحايا الإبادة برواندا (إن على السودانيين أن يتعلموا من رواندا وتجربتها في إنهاء الحروب التي عصفت بها في الماضي). وأضاف حميدتي، خلال زيارته “المتحف التذكاري للإبادة الجماعية” بالعاصمة الرواندية كيغالي، (إن الحرب التي يشهدها السودان يجب أن تكون آخر الحروب، وأن نعمل على صناعة سلام عادل ومستدام لأنفسنا ولمستقبل أجيالنا القادمة.).
5
الحرب التي شنَّها هو لاسواه في السودان كله يأمل أن تكون آخر الحروب… كيف ياترى تدعو للحياة وأنت تقتل وتغتصب في ذات الوقت.؟!. كيف تكتب عن السلام وأنت تقيم المذابح وتغتصب الفتيات والعالم كله يشاهد ذلك في بث حي.؟!!.
من يشاهد فيديو خميس أبكر وهو يقتل ويسحل ويجرجر في الشارع عارياً بعربة تحمل دوشكا وعلامة الدعم السريع… من يعرف أن العشرة مرافقين مع خميس أبكر قد قُطعت أعضائهم الجنسية وسحلوا.. لايمكن أن يتخيل أن نفس هذا الشخص يتحدث عن السلام أو أن يمتلك إمكانية التعاطف مع ضحايا آخرين دون أن يكون ضميره قد مات وفقد أدنى قدر من الإنسانية.
إن الذين نصحوه بزيارة المتحف كانوا يسخرون منه ومن ضحاياه في دارفور ومن ضحايا الإبادة في رواندا نفسها.
صدق كاميرون هديسون حين قال (إنه لا توجد إهانة أكبر لضحايا الإبادة الجماعية، من زيارة قاتل مرتكب جريمة الإبادة الجماعية إلى النصب التذكاري للإبادة الجماعية في كيجالي). وأضاف هديسون تعليقاً على زيارة حميدتي إلى النصب التذكاري في رواندا “عار على كاغامي أن يسمح لحميدتي بعدم احترام ذكرى التوتسي بهذه الزيارة. حميدتي يسخر من ضحاياه وبقية العالم العدالة الآن”!).
محاولة تبييض جرائم الحرب وتسويق بطلها عبر زيارة متحف كيغالي لم تكن ناجحة بل كانت فصل في مسرحية هزلية تلبستها كوميديا سوداء سخرت من بطلها وجمهور المشاهدين، وهذه هي سمة من سمات مسرح العبث أن تسخر من الضحايا وليس المجرمين، وتجعل القاتل شاهداً وموقعاً على دفتر ضحاياه. إنه وجه آخر من وجوه الضحك المحظور التي لاتعرف أن تضحك عليه أم تبكي بس.!!