عادل الباز يكتب: شذرات وهوامش.. في سيرة د. منصور (2)

فيما أرى

في المقال الأول قلت (إذا أردت أن تعرف لماذا نحن هنا.. ولماذا ظلت أزماتنا متصلة بعد الاستقلال وإلى يوم الناس هذا.. ماعليك إلا أن تقرأ مذكرات د. منصور خالد التي صدرت حديثاً عن “رؤية” بإسم (شذرات وهوامش على سيرة ذاتية). 

وأنا اقرأ في مذكرات د. منصور وصور ما يجري في الحاضر تتدافع أمامي ذات الملامح والشبه، وليس هناك ما يدل على أن أحد أو حزبا استفاد مما جرى شيئاً، نفس علل الأحزاب، نفس كراهية الآخر والبغض الشخصي، نفس الرغبة في الانتقام، لا شئ تغير، تتعاقب الأجيال وتختلف الظروف “ونحنا يانا نحنا”.

2

تناول منصور خالد في الجزء الأول والثاني من المجلدات الأربعة من شذراته قضية نظام الحكم الديمقراطي الذي فشل تاريخياً في صنع استقرار للبلد، مُرجعاً ذلك لضُعف البناء الديمقراطي داخل الأحزاب نفسها (تنكُّر الأحزاب للقواعد المرعية في السياسة الحزبية مثل أن يكون للحزب رؤى وبرامج وأن يحترم دستور الوطن قبل دستور الحزب، وأن يلتزم قبل ذلك بمنظومة حقوق الإنسان والمواثيق الدولية). ثم أشار إلى ثلاثة علل جعلت البناء الديمقراطي في كل مرة حاولناهو فيها مستحيلاً.

أولها (الأحزاب التي يفترض أنها حواضن للديمقراطية هي التي تدفع الجيش للانقضاض على السلطة، وذلك حدث من كافة معسكرات اليمين واليسار، وأضاف إلى ذلك (تثاقل كل من له دور في الزج بالجيش في السياسة في الاعتراف بما اغترف.).

العلة الثانية هي فقدان التسامح الذي قال عنه (إنه لا يميط اللثام الجهل بماهية الديمقراطية فحسب بل يكشف عن جهل مريع بمقوماتها) مؤكداً أن (الديمقراطية تتيح للناس الخلاف فيما بينهم تاركة لهم مساحة يتحاورون ويتجادلون فيها ولكنهم لا يختلفون حول المسلمات والقيم الإسلامية المشتركة أو يؤثمون الخصوم).

العلة الثالثة التي رأها منصور مهدد الديمقراطية هي كراهية الآخر وشيوع البغض الشخصي في السودان، قائلاً (تجاوزت كراهية الآخر الانفعالات العاطفية العابرة بل صارت سلوكاً مقيماً). وقال إن شيوع بغض الشخص للآخر من ناحية ظاهرة مرضية، ومن ناحية أخرى عاهة خلقية.. اعتبر فرويد (كراهية الشخص للآخر تعبيراً عن رغبة دفينة في تدمير الآخر باعتباره مصدر تعاسة له).

Exit mobile version