رأي

عادل الباز يكتب: التقسيم.. الحرب الأهلية.. التدخل الدولي.. فزاعات (تقدم) ٣-٣

فيما أرى

 لتقدم سردية واحدة وهى عبارة عن فزاعات لتخف السودانيين حتى يذعنوا لشروح المليشيا التي تهرول الآن وتبحث عن حل وهي التي تدعى أنها منتصرة في الميدان، في الحلقتين السابقتين ناقشت فزاعة التقسيم والحرب الأهلية، اليوم سأعرض لفزاعة التدخل الدولي.!!

٢

تستغرب حين يرفعون فزاعة التدخل الدولي، وكأن العالم اليوم لا يتدخل وكأنّهم لا يشاهدون هذه القمم التي تعقد كل حين واجتماعات الرؤساء والمنظمات وجلسات مجلس الأمن والمبعوثين الدوليين.

وكأنهم لم يعرفوا أن مجلس الامن الدولي عقد أولى جلساته حول الحرب فى  أول أسبوعين من اندلاعها  حين قدمت بريطانيا أول مشروع قرار مجحف لها في شأن الحرب.

هل لم يشاهدون السلاح يتدفق من أرجاء القارة جنوباً وغرباً رغم الحظر الدولي من قبل مجلس الأمن؟، ألم يشاهدوا المرتزقة الدوليين من يمنين إلى ليبيين إلى تشاديين إلى روس (فاغنر)، يقاتلون كمرتزقة في شوارع الخرطوم.

أما سمعوا أن الطائرات عبر (٤٧ رحلة) قادمة من الإمارات وحدها بحسب الرصد الدولي تحمل الأسلحة والعتاد للجنجويد وتنزل بها في أم جرس تمهيداً لترحليها لأرض المعركة.

ولكأنهم لم يشاهدوا زعيم الميليشيا المتمردة يطوف على دول القارة ويستقبل كاستقبال الرؤساء بالبساط الأحمر!!، كيف هو التدخل في سيادة الدول ترى.!!

 أولم يعرفوا أن منظمات القارة كلها تجندت لصالح الجنجويد من ايقاد للاتحاد الأفريقي وكذلك فتحت أغلب دول الجوار حدودها لتعبر منها المؤن والأسلحة والمرتزقة وبعضها أقام معسكرات تدريب ومستشفيات وغيرها.

ألم يأتهم نبأ المبعوثين الدوليين الذين تم تعيينهم، أمريكي وجزائري وبريطاني وبتاع حقوق انسان وثلاثة عينهم السيد موسى فكي مؤخراً كلجنة للتعامل من الأزمة السودانية؟.

ألا يعرفون أن العقوبات الأمريكية عوضاً عن أن تطال المتمردين المعتدين تتدفق الآن على رأس الحكومة السودانية.؟!!، عقوبات أوروبية بالأمس على شركات حكومية دون سبب!!.

الغريب أن نشطاء “تقدم” يطوفون الدول ليل نهار، يستجدونها للتدخل في الشأن السوداني ثم يخوفوننا من ذلك التدخل.!!

٣

إذا كان كل ما سردت أعلاه ليس تدخلاً إقليمياً ودولياَ في الأزمة السودانية فكيف يكون التدخل؟ ماذا يقصدون حين يخوفوننا من التدخل الدولي وكيف يكون؟ وما هى صورته التي يجب أن نخشاها.

مثلاً يتخوف دكتور الشفيع خضر، وهو رجل محترم (تقدمي ولكنه لا ينتمي لتقدم.. بالله شوف)، يتخوف الدكتور من أن استطالة أمد الحرب يمكن أن يجر علينا التدخل الدولي، إذ يقول: ( إذا استطال أمد الحرب، فبالإضافة إلى تحولها إلى حرب إقليمية واسعة النطاق، قد تنجر إليها بعض دول العالم الأخرى التي لها مصالح بالمنطقة، وذلك في ظل تضارب المصالح الاستراتيجية بين الدول الغربية، وخاصة الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة، في مواجهة مصالح الصين وروسيا.  كل دول العالم تهتم بأمن البحر الأحمر، والذي تدور فيه حاليا معارك بمشاركة بعض هذه الدول. وتتنافس عدة دول لإقامة قواعد عسكرية في ساحل السودان الطويل مع البحر، وكل هذه الدول لها علاقات مع طرفي الحرب.).

 يعنى أن مصالح الدول المتصارعة في الإقليم هي التي ستجر التدخل الدولي؟. قد حدث فمم الخوف؟، فالصراع على أشده بين فرنسا وروسيا في غرب أفريقيا وغرب السودان، وبين الصين وأمريكا في كل أفريقيا والسودان جزء منه، ولكن هذه صراعات متصلة وليست بسبب الحرب ولن تتوقف إذا ما توقعت الحرب الآن.

٤

(تقدم) حين تلوح بالتدخل الدولي في خيالها وأمانيها أن العالم سيهب لنجدة الجنجويد وإنقاذهم باستخدام قرارات أممية تنتمي للفصل السابع الذي يتيح التدخل عسكرياً. وتلك أماني لا تستند على أية معرفة بطبيعة التدخلات الدولية واستخدامات الفصل السابع.

دارت الحرب في الجنوب ولم يتدخل مجلس الأمن تحت الفصل السابع، قامت الحرب الأثيوبية الإرترية، ولم يتدخل مجلس الأمن تحت الفصل السابع، وحين استخدم الفصل السابع في أزمة دارفور، لبى مجلس الأمن كل شروط الخرطوم.

حين قاتل التقراي الحكومة الإثيوبية وكادوا يسقطونها لم يستخدم مجلس الأمن الفصل السابع، ومجلس الأمن نفسه منقسم حول قضية السودان، لا يمكنه أن يمرر قرار كهذا تحت البند السابع، ثم العالم مشغول بقضايا أخطر بالنسبة له من أزمة السودان، (أوكرانيا وغزة). لكن هب أن مجلس الأمن أراد التدخل، فما هي تلك القوى التي ستدفع بالآلاف من جنودها لتغزو السودان؟!.كل دول غرب أفريقيا في الإيكواس عجزت عن التدخل فى النيجر لأنها تخوفت فوضى أعظم من انقلاب الجنرالات على بازوم، فما بالك بالفوضى التي سيسببها أي تدخل دولي عسكري في دولة بحجم السودان.

 الهدف من كل تلك الفزاعات التي يرفعونها هي إنقاذ الجنجويد من السحق عاجلاً أم آجلاً الغرض أن يعيدونهم للملعب السياسي ليصعدوا هم على سدة السلطة ببنادق الجنجويد، وهيهات!!، وهذه لعبة مكشوفة لن تنطلي إلا على قطيع تقدم وهمج الجنجويد.!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى