صاحب قرار احتلال بيوت السودانيين .. عبدالرحيم دقلو .. إبعاد المستشار الأقرب لشقيقه وتولي ملف السياسة في المليشيا
تقرير – أمير عبدالماجد
بعد ساعات قليلة من انتشار شائعة بأن مليشيا الدعم السريع قد انسحبت من الخرطوم وأن ارتكازاتها في الخرطوم غير موجودة وأن ما سميت بالشرطة العسكرية للمليشيا قد انتشرت لتخرج المقاتلين وأسرهم من منازل المواطنين تنفيذاً لمقررات منبر جدة.. بعد ساعات قليلة أصدر قائد مليشيا الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) قراراً أنهى بموجبه تكليف يوسف إبراهيم عزت إسماعيل من مهام المستشار السياسي وفق ما ادعى بيان للمليشيا أنها ترتيبات داخلية روتينية.
بيان استلام
لكن المتابعين ربطوا قرار إقالة الرجل الذي مكث لأيام في تلفزيون السودان من أجل إذاعة بيان استلام المليشيا للسلطة، وعرف بولاءه الشديد لقائد المليشيا ربطوه بتغريدة له قال فيها إن غياب الإسلاميين عن مؤتمر القاهرة غير مبرر لأنهم قوة موجودة في المشهد الحالي يقال إنها أثارت غضب القائد الفعلي الآن للدعم السريع عبدالرحيم دقلو وهو ما ظهر في رد عزت تعليقاً على قرار إقالته إذ أشار إلى انعقاد ورشة بيوغندا في أبريل الماضي تمت فيها هيكلة المليشيا وآلت مسؤولية إدارة الهيكل الجديد إلى قائد ثاني مليشيا الدعم السريع عبد الرحيم دقلو تحت مسمى مجلس التنسيق المدني لقوات الدعم السريع، وأضاف عزت في رده على قرار إقالته (بعد إجازة قائد الدعم السريع لذلك وأصبح العمل جزءا من هياكل قوات الدعم السريع الرسمية طلبت إعفائي فلا التجربة ولا القناعات تتيح لي بالعمل تحت قيادة عبد الرحيم)، وهو حديث أبان بوضوح أن قائد المليشيا لا يديرها الآن أياً كانت الأسباب والأمور عسكرياً وسياسياً بيد شقيقه الذي يتنقل بين يوغندا وكينيا وتشاد بحثاُ عن مرتزقة، في وقت تواجه فيه المليشيا التي فتحت الملعب صعوبات كبيرة في إدارة معاركها على جبهات عديدة ومتباعدة من حيث المساحات وصعوبة الاتصالات ووجود الطيران الحربي في مختلف الجبهات بالإضافة إلى استهداف القوة المشتركة لإحدى أهم حواضنهم وهي مدينة الضعين وتواتر الأنباء عن تحرك قوات من المشتركة نحو الجنينة، كلها أمور تضع المليشيا تحت الضغط في ظل الحاجة الماسة إلى إحداث أي تغيير على الأرض وفي ظل نقص المقاتلين وصعوبة حركة ما يسمى بالفزع بعد دخول فصل الخريف وفي ظل إصرار عبدالرحيم دقلو على تأسيس مكتب سياسي لمليشيا الدعم السريع يقوده بنفسه مايعني أن المستشارين السياسيين الذين يعملون الآن هم مستشاري عبدالرحيم بعد أن أصبح المسؤول السياسي.
علاقة مع “تقدم”
ويعد عزت من المقربين لتنسقية تقدم والمؤيدين لمنبر جدة الذي نشطت الدعوة له حالياً بعد زيارة المبعوث السعودي ورئيس الوزراء الأثيوبي وعقد الاتحاد الأفريقي لجلسات تحضير لحوار بين القوى المدنية السودانية لتحديد المسار السياسي وهناك جلسات جنيف التي دعا لها المبعوث الخاص للأمين العام للسودان رمضان لعمامرة لمناقشة الأوضاع الإنسانية في البلاد وكيفية إيصال المساعدات الضرورية للمتضررين وهي اجتماعات وجهت فيها الدعوة للجيش والمليشيا، وكان في الغالب من يرتب المشاركين مع تنسيقية تقدم هو عزت الذي أقيل الآن، ومن أقال عزت هو من لا يثق في تنسيقية تقدم وهو من يقود المليشيا اليوم ويقود الجناح السياسي لها وسط متغيرات سياسية عديدة من الواضح أن اختلاف وجهات النظر في التعامل معها هو ما أطاح بعزت وسيطيح بالآخرين، فعبدالرحيم دقلو الذي أمر قواته بدخول بيوت السودانيين واحتلالها لن يطلب منهم مغادرتها ولن يعني له التفاوض شيء ما ولا مخاوف المجتمع الدولي والإقليمي من انهيار الدولة شيء وسيجد نفسه أمام أمواج سياسية متلاطمة، وكلمات متقاطعة يصعب حلها ومواقف سياسية متغيرة حتى من الدول التي كانت تدعمه.
تحرك وتداعيات
يقول البروفيسور سليمان بلدو مدير المرصد السوداني للشفافية والسياسات عن التحرك الدبلوماسي الكثيف الآن إن ما يحدث على الأرض هو ما دفع المجتمع الدولي والإقليمي للتحرك لأنه لا أحد من مصلحته أن تنهار الدولة السودانية وهو ما ذهب له الصحافي عثمان ميرغني الذي أشار إلى أن انهيار الدولة السودانية أو ما تبقى منها ستكون له تداعيات واسعة على الإقليم كله وعلى دول الجوار بشكل مباشر فعدد من دول الجوار مثل إثيوبيا وتشاد وجنوب السودان تعاني من وضع أمني واقتصادي هش ومن مشاكل داخلية تجعلها لا تحتمل تمدد آثار الحرب إليها. أضف إلى ذلك المخاوف من أن يصبح السودان مرتعاً لجماعات الإرهاب المتنقل التي تبحث دائماً عن بيئة تسودها الفوضى، وأضاف (ما يزيد في قناعة عدد من الدول بأن من مصلحتها عدم انهيار الجيش أو الدولة السودانية ما تراه من أن مليشيا الدعم السريع أصبحت إلى حد كبير خارج سيطرة قياداتها بعد فقدان جزء مقدر من قوتها الصلبة وانضمام أعداد كبيرة من مرتزقة عرب الشتات وغيرهم إلى صفوفها وهؤلاء همهم الأساسي هو نهب الممتلكات والسيارات والقتل العشوائي، من هنا بدأت بعض الدول الداعمة لقوات الدعم السريع تراجع مواقفها حفاظاً على مصالحها).