سلك والميليشيا حمامة السلام !!
إبراهيم عثمان
▪️ *يبرهن مقال خالد عمر يوسف عن زيارتهم إلى لندن والاحتجاجات التي قوبلوا بها٠ يبرهن أنهم يستحقون هذه الاحتجاجات، وأنهم ينفضحون أكثر كلما دافعوا عن أنفسهم وهاجموا خصوم الميليشيا، إذ خلا المقال تماماً من ذكر الميليشيا في سياق سلبي، وامتلأ بالأكاذيب والفضائح . مثلاً قال : ( أثبتت زيارة بريطانيا الحقيقة الأكثر وضوحاً منذ اندلاع الحرب، وهي أنها حرب ضد المدنيين بالأساس .. ) :
* *عندما قرأت هذا بدا لي، لأول وهلة، أنه يقصد إنها حرب ضد المدنيين في أحيائهم وقراهم وبيوتهم ومتاجرهم ومزارعهم … إلخ كما هي الحقيقة، فتساءلت : من أين أتت لخالد هذه الشجاعة لينطق بالحقيقة التي تفضح الميليشيا ؟ كيف استطاع أن يجعل الضحايا محور اهتمامه بدلاً عن “تقدم” ؟!
* *لكن سرعان ما تبين لي أنه أغلق أي باب لفهم هذا المعنى، وأنه يقصد بالمدنيين “تقدم” التي تحتكر هذه التسمية لنفسها، ويتضرر من هذا الاحتكار حتى المواطنين المدنيين الذين تحاربهم الميليشيا، إذ ينتزع منهم منهم خالد صفة الضحايا في عبارة ( إنها حرب ضد المدنيين بالأساس ) ويمنحها لنفسه وجماعته !
▪️ *قال : ( خلال ايامها نسي دعاة الحرب حربهم .. تناسوا المتاجرة بدماء الضحايا .. انصرفوا عن ترديد دعايات انتصاراتهم الحربية الكاذبة وركزوا على شيء واحد فقط وهو تقدم ورئيسها د. عبد الله حمدوك ) :-
* *يكفي إثباتاً لزيف تسمية ( دعاة الحرب )، وإثباناً لما تتضمنه من انحياز للميليشيا أن نعلم أن جماعة “تقدم” يخصون بها كل من يقفون ضد الميليشيا، وضد مكافأتها على إجرامها، ويضبطون استخدامهم لها بحيث لا يتركون أي مجال للظن بأن الميليشيا مشمولة بها !
* *وأما قوله ( تناسوا “المتاجرة” بدماء الضحايا ) ، فهو قول كاذب لأن القوى التي يقصدها تقوم بواجبها في مناصرة الضحايا إلى الدرجة التي أغضبت الميليشيا، ولو أنها لم تفعل ذلك لنالت رضا الميليشيا كما نالته “تقدم” !
* *وهو قولٓ يفضح انزعاج سلك من تضامن القوى السياسية مع الضحايا، ويفضح قناعته بأن الميليشيا هي الجلاد، يظهر ذلك في كلمة “المتاجرة”، إذ لا يصف أحد التضامن مع الضحايا بـ “المتاجرة” إلا إذا كان هو جلادهم، أو كان حليفاً لجلادهم !
* *ولو فرضنا جدلاً أن خصوم الميليشيا قد تناسوا فعلاً “المتاجرة” بدماء الضحايا، فهل تناسي “المتاجرة” بالدماء أمر سيء أم جيد، بصورة عامة، وبالنسبة لسلك وجماعته وللميليشيا خاصةً ؟!
* *ويبقى السؤال : لماذا لم يقدم خالد ومن معه نموذج التضامن الحقيقي مع الضحايا، الذي يرضيهم ويغضب جلادهم، ويخلو تماماً من المتاجرة ؟
▪️ *أما قوله ( انصرفوا عن ترديد دعايات انتصاراتهم الحربية الكاذبة ) :
* *فهو أيضاً قول كاذب لأن الانتصارات تحدث، وليست مجرد ادعاءات، والناس يتحدثون عنها عندما تحدث، والشعب يحتفل بها، وخالد نفسه اضطر للاعتراف بذلك في مقابلة مع قناة الجزيرة حين قال : ( “كل السودانيين” يريدون أن تنتهي الحرب وأن يعودوا إلى منازلهم وينعموا بالسلام “كيفما اتفق” يعني، ودي مسألة “متفقين عليها كل الناس”، وبالتالي يعني فرحة “بعض” الناس بانتصارات الجيش مفهومة للغاية ) !
* *وهو أيضاً قول فاضح وكاشف لانحيازه للميليشيا وضيقه، مثلها، بالانتصارات، إذ لا يصفها بالكاذبة إلا الذين يضيقون بها !*
* *أما الانتقادات “لتقدم” – الكيان الذي شُكِّل خصيصاً لتجميع حلفاء الميليشيا – فهي فرع من الانتقادات الموجهة للميليشيا، وتتناسب مع أدوارها في خدمة الميليشيا، ولا تزيد عن النصيب الذي تطمع فيه في حال انتصار الميليشيا بالحرب أو بالتفاوض، ولو لم تقدم “تقدم” الخدمات للميليشيا، ولم تربط مصيرها بمصير الميليشيا، لسلمت من معظم الانتقادات !
▪️ *قال : ( حالة الرعب والهستيريا التي ضربت معسكر الحرب هذه تزيد من يقيننا على المضي في هذا الطريق، سنواصل العمل لايقاف الحرب، سنفضح دعاتها والمتكسبين منها، سنقض مضاجعهم بالعمل داخل وخارج السودان، سنخاطب العالم من كل المنابر حتى تضع الحرب أوزارها ويعود سوداننا سالماً امناً من شرور القتلة الذين يفتكون بأرواح الأبرياء ويتكسبون من دماء الشعب السوداني. )
* *الحقيقة أن ( الرعب ) أصبح هو الحالة التي تلازم قادة “تقدم” كلما وجدوا نفسهم وجهاً لوجه أمام الجماهير .
* *يكفي دليلاً على زيف هذه الفقرة أن خالد عمر لم يترك مجالاً للظن بأن الميليشيا مشمولة بوصف ( معسكر الحرب )، وأنه فتح الباب للظن بأن يقصد إنها ( معهم ) في ( معسكر السلام ) !
* *والأدلة الإضافية على زيفها تأتي من أنه صاغ مقاله بطريقة تؤكد أن الميليشيا ليست مشمولة بتهديده : ( سنفضح دعاتها والمتكسبين منها، سنقض مضاجعهم بالعمل داخل وخارج السودان)!.
* *وأن الميليشيا – التي ‘تتكسب” حرفياً من دماء الشعب السوداني الذي تقتله وتنهبه وتطمع في مكاسب سياسية تحققها عبر الابتزاز بقدرتها على المزيد من القتل والنهب – غير مشمولة بقوله : ( ويعود سوداننا سالماً امناً من “شرور القتلة” الذين “يفتكون بأرواح الأبرياء” و”يتكسبون” من دماء الشعب السوداني ) ! هل يستطيع خالد عمر أن يزعم، مجرد زعم، بأنه يستطيع أن يتحدث عن الميليشيا بمثل هذه اللغة؟.