تقرير – رحاب عبدالله
أعلن البيت الأبيض، الثلاثاء، الماضي عن رفع القيود الأمريكية التجارية عن كافة المعاملات بين السودان وأمريكا ،وذلك بعد صدور مذكرة رئاسية من الرئيس الامريكى تشير في الفقرة الخامسة الى اعفاء السودان من العقوبات التي تفرضها امريكا بموجب القانون المتعلق بالاتجار بالبشر وسمحت للسودان ( ضمن دول اخرى ) باستمرار المساعدات التنموية والمشروعات الصحية الدولية باعتبار أن ذلك يتماشى مع القانون أو أنه يعزز الاهتمام الوطني لامريكا.
المعطيات تشير إلى أن القرار سيكون له تأثير على السودان بصفة عامة والاقتصاد بصفة خاصة.
حظر لمدة 25 عاما
ويقول الخبير المصرفي وليد دليل إن العقوبات والحظر الأمريكي المفروض على السودان، لاكثر من 25 عاما حرم السودان من حقوق ومكاسب وفرص كثيرة، وتعرضت قطاعات العمل والإنتاج للانهيار، وفقد الإنسان السوداني أبسط احتياجاته الأساسية بسبب الحظر.
تأثير ايجابي
وأكد وليد دليل في حديثه ل(الأحداث) أنه سيكون هنالك تأثير ايجابي كبير للقرار على الاقتصاد السوداني، وفي المدى البعيد على التنمية السودانية، وبرر ذلك من خلال المساهمة فى زيادة الإنتاج والإنتاجية وتصدير منتجات سودانية لأمريكا مثل الذهب، اليورانيوم، الصمغ العربي، القطن، الجلود، النسيج، ومنتجات زراعية وغابية.
وأضاف وليد دليل أن التأثير الايجابي للسودان سيكون كبيرا جدا؛ مبينا أنه يتمثل في عدة أشياء ذكر منها جزءا يسيرا على سبيل المثال لا الحصر، المسائل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتنموية، لأن القرار يسمح ويوفر الثقة والاستدامة فى سلسلة توريد تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والبرمجيات مستقبلا، والتي كانت تحظرها امريكا على الدول التى تعتقد بانها معادية لها من بينها السودان.
الافراج عن 30 مليار دولار
وأشار إلى أن الاقتصاد السوداني يواجه صعوبات بسبب انفصال جنوب السودان في يوليو 2011، فضلا عن العقوبات الاقتصادية الأمريكية المفروضة على السودان منذ نحو عشرين عامًا ثم جاءت الحرب على تمرد قوات الدعم السريع، وتوقع وليد دليل أن يؤدي القرار الأمريكي الجديد إلى عددٍ من الآثار الإيجابية على الاقتصاد السوداني، منها سيولة النقد الأجنبي، واردف” يُعد رفع الحظر المفروض على الأصول المالية المجمدة بالولايات المتحدة الأمريكية من ضمن أهم بنود قرار رفع العقوبات الاقتصادية على السودان، حيث سيُتيح الإفراج عن مبالغ مالية بقيمة 30 مليار دولار هي قيمة الأصول السودانية هناك، بحسب مكتب مراقبة الأصول الخارجية الأمريكي (الأوفاك).
إزالة القيود على المعاملات المصرفية
وشدد وليد دليل على أنه من المؤكد أن الحصول على هذه الأموال، بجانب إزالة القيود على التعاملات المالية والبنكية للسودان مع العالم الخارجي، مضيفا ان الامر سيساهم في توفير سيولة كبيرة من النقد الأجنبي بالبلاد، ومن ثم دعم مستوى احتياطيات الدول.
كما أن من شأن توفير السيولة من النقد الأجنبي أن يدعم استقرار سوق الصرف بالسودان، فضلا عن ان القرار سيؤدي الى تدفقات استثمارية ويعزز رفع القيود التجارية عن السودان من الثقة في الاقتصاد السوداني تدريجيًّا، وهو ما سينعكس بالإيجاب تدريجيًّا على حركة رؤوس الأموال بالبلاد، حيث ستتفادى الشركات المحلية أو الأجنبية -على حد سواء- العديد من الصعوبات التي واجهتها في السنوات الماضية، وعلى رأسها تقييد التعامل مع البنوك العالمية، لا سيما البنوك الأمريكية. ومن ثم فمن شأن انسياب المعاملات المالية والبنكية من الخارج، أن يضاعف من تدفقات رؤوس أموال الشركات الأجنبية بالسوق السودانية مستقبلا، والتي تطلع عدد منها في العامين الماضيين -وخاصة الروسية والصينية- إلى زيادة استثماراتها بالقطاع الزراعي والتعدين بالبلاد.
فتح المجال للصادرات
وأضاف أنه من المزايا والمكاسب التي سيجنيها السودان جراء رفع القيود التجارية في تعزيز المبادلات التجارية مع العالم الخارجي. ورأى وليد أن من شأن القرار الأمريكي فتح المجال أمام الصادرات السودانية لدخول بعض الأسواق الخارجية، مجددا وعلى رأسها السوق الأمريكية، كما سيمكّنها مجددا من استيراد السلع اللازمة لتأهيل القطاعات الاقتصادية المختلفة.
وفي الماضي، عانت العديد من القطاعات الاقتصادية، لا سيما القطاع الصناعي والخدمات مثل الطيران، من نقص الاستثمارات اللازمة لتنميتها بسبب عدم السماح باستيراد السلع والمعدات وقطع الغيار اللازمة لإعادة تأهيلها.
لافتا الى أن رفع القيود التجارية سوف يذلل الكثير من العقبات الإجرائية والتشريعية التي تعترض أنشطة القطاع الخاص للعمل بالسودان، والذي تعول عليه الحكومة في دعم الخطط الاقتصادية للبلاد لتنويع الاقتصاد. ويطمح السودان إلى مضاعفة إنتاجه من الذهب تنوي مضاعفة إنتاج عددٍ من المنتجات الزراعية مثل السكر والقطن والزيوت وغيرها. وهذه الطموحات تأتي في إطار رغبة السودان في دعم صادراتها ومضاعفة إيراداتها المالية.
الرهان
ورهن وليد دليل تحقيق مكاسب للاقتصاد السوداني من رفع العقوبات الاقتصادية بعدة اعتبارات خارجية وداخلية، وأضاف” ستظل الجدوى الاقتصادية للقرار الأمريكي رهنا بالإسراع في تنفيذ بنوده، أو -بعبارة أخرى- بالفترة الزمنية التي ستستغرقها الإصلاحات الاقتصادية: يتزامن القرار الأمريكي برفع العقوبات الاقتصادية مع إجراء السودان العديد من الإصلاحات الاقتصادية والمالية، والتي شملت ترشيد دعم الطاقة والكهرباء وغيرها، وهو ما سيعزز من الاستقرار المالي بالبلاد تدريجيًّا. وبجانب السابق، ينبغي على الحكومة السودانية مواصلة إصلاحاتها لتحسين مناخ الاستثمار الذي يعاني من عراقيل عديدة،
الاستقرار السياسي: تمثل تسوية النزاعات الداخلية بالمناطق المختلفة، سواء في دارفور أو الولايات الجنوبية والشرقية، عاملا مهمًّا أيضًا لاستقرار الاقتصاد وجذب الاستثمار الأجنبي إلى البلاد. ومن ثم فإنه بالتوازي مع العاملين السابقين، ينبغي على الحكومة السودانية أن تواصل جهودها لتسوية النزاعات الداخلية بمختلف أنحاء البلاد.
وخلص وليد دليل بإن القرار الأمريكي سيمثل أساسًا جيدًا لانطلاق السودان نحو دعم استقرار اقتصاده، وتعزيز التنويع الاقتصادي، لكن تحقيق ذلك يتطلب من الحكومة مواصلة الإصلاحات الاقتصادية اللازمة لدعم النمو الاقتصادي وتحسين مناخ الاستثمار، من خلال اتخاذ إجراءات متعددة على المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية.
مزيداً من الاجراءات
من جانبه أثنى الخبير الاقتصادي د.هيثم فتحي على القرار الأمريكي، وأعرب عن أمله في إعلان مزيد من القرارات الداعمة ، وقال في حديثه “الأحداث” إن السودان الان وما يمر به من أزمات متلاحقة كان على الحكومة الأميركية اتخاذ المزيد من الإجراءات التي تسمح للسودان بالاستفادة من جميع المساعدات التي تقدمها الولايات المتحدة بصفة خاصة والمجتمع الدولي ومنظمات الأمم المتحدة، نظراً للحاجة الملحة في ظل الحرب المفروضة عليه والكوارث الطبيعية التي تعرض لها.
الحصول على مساعدات
ورأى فتحي أن مثل هذه القرارات تمثل تقدماً مهماً في علاقات السودان مع دول العالم وبخاصة الولايات المتحدة الأمريكية لانه سيساهم في الجهود المبذولة لتحقيق إعادة الإعمار في السودان ، خاصة اعادة تأهيل القطاعات الخدمية الصحية والتعليمية بعد أن دمرتها المليشيات المتمردة.
وأضاف هيثم فتحي “بما ان هذا القرار سوف يتيح رفع القيود المفروضة على السودان منذ سنوات طويلة فالان يمكن السودان ان يحصل على مساعدات التنمية الأميركية، والاستفادة من برنامج الرعاية الصحية العالمية التابع للوكالة الأميركية للتنمية الدولية”.