الأحداث – ماجدة حسن
رغم الظروف الراهنة تسعى السينما السودانية، إلى النهوض من وسط الركام والدمار، مرسلة إشارات هنا وهناك بأن ثمة إنتاج سينمائي سوداني.
وبالمقابل يسعى السينمائيون السودانيون إلى لفت أنظار العالم إلى وجودهم وإلى الحرب التي تدور في بلادهم وإلى عزيمتهم التي لم تكسر.
وظلت الممثلة والمطربة السودانية إيمان يوسف، بطلة فيلم “وداعا جوليا” للمخرج محمد كردفاني الذي تم انتاجه العام الماضي، وكان أول فيلم سوداني يشارك بمهرجان كان، ظلت من خلال ظهور اعلامي مكثف تضيف لرصيدها الفني والسوداني.
وأشارت في احدى المقابلات ان هذه هي الفترة المناسبة التي يمكنهم كسينمائيين التعبير فيها عن أنفسهم وعن القضايا المسكوت عنها، عبر الإنتاج حتى ولو إنتاجا بسيطا.
مشاركات واسعة
وظهر السودان بشكل كبير خلال النسخة الثامنة من مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة الذي أقيم الأسبوع الماضي في محافظة أسوان في أقصى جنوب مصر، وشاركت فيه خمسة أفلام سودانية قصيرة، ومن بين الأفلام السودانية المشاركة، فيلم “طوبى لهنّ” للمخرجة السودانية رزان محمد، والذي يسلّط الضوء على نساء نزحن من معسكر للاجئين في العام 2003، عندما اندلعت الحرب في إقليم دارفور في غرب البلاد. وفيلم “نساء الحرب” للمخرج السوداني القدال حسن الذي يتناول قضية النساء في مناطق الصراع بولاية النيل الأزرق في جنوب البلاد، وتأثير الحروب عليهن وعلى ذاكرتهن.
الحل في الانتاج
خلال هذا المهرجان تحدثت ايمان يوسف عن حرب السودان، وقالت”الحروب والأزمات تتعبنا نفسيا، لكن تعطينا درجة من الإصرار لمواصلة أحلامنا وإبراز الأفكار”.
وتشير الى أن “الحرب الحالية جعلت السودانيين في حالة نفسية مضطربة، لكن لا حل آخر غير أن نستمر في الإنتاج وابراز الأفكار”.
ورغم الأزمات والحروب ترى إيمان أن هناك قدرا من الحرية لم تكن موجودة من قبل، مشيرة إلى أن ثورة ديسمبر لم تكن ثورة سياسية فقط، بل ثورة في الأفكار والأخلاق والوعي، وأردفت “هذه هي الفترة التي يفترض أن تُخلق فيها الأفكار من الشباب السوداني الذي كان يشعر بقيود من قبل”.
تدفق انتاج
وبعد فترة توقف الإنتاج السينمائي لفترة طويلة جدا ، أنتج فيلم “ستموت في العشرين” للمخرج أمجد أبو العلاء، وكان الفيلم أول عمل درامي سوداني يُرشح إلى جوائز الأوسكار، وتدور قصته حول شاب تقول نبوءة من أحد الدراويش الصوفيين إنه سيموت حينما يكمل عشرين عاما، فيقضي أيامه في قلق وترقب حتى يحدث ما يغير حياته تماما، إذ يلتقي مع مخرج مغامر في قريته يستعرض معه تجاربه في الحياة.ثم جاء “وداعا جوليا” ليحكي قصة انفصال السودان وجنوب السودان في العام 2011، وقد حقّق نجاحا تجاريا في دور العرض في البلدان العربية ومن بينها مصر، وهو ما يعد قليل الحدوث بالنسبة لفيلم عربي غير مصري.
وتقول ايمان يوسف التي كانت تمثّل دور منى في الفيلم ان انفصال الجنوب كان له أثر كبيرا عليهم.
الحرب تعيق كل شئ
وحصل الفيلم السوداني الروائي القصير “بعد ذلك لن يحدث شيء”للمخرج إبراهيم عمر، الأحد، على تنويه خاص من لجنة التحكيم بمهرجان أوبرهاوزن الدولي للفيلم القصير في دورته السبعين حيث ارسل المخرج كلمة قصيرة ودقيقة تلخص الحال تم بثها في اليوم الختامي للمهرجان قال فيها “يغمرني الحزن لعدم قدرتي على أن أكون معكم اليوم. للأسف، الصراعات الدائرة في السودان والمتأججة بسبب أمراء الحرب، جعلت ذلك مستحيلاً، تمر بلادنا بواحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم اليوم، يلوح شبح المجاعة في الأفق، ويموت الأطفال والنساء يوميًا بسبب الغارات الجوية أو الجوع”، وتابع”لا أريد الخوض في هذه المعاناة، لكن أود أن أقول: لا تنسوا السودان، لا تصرفوا وجوهكم عما يحدث فيه.. أتوجه بالشكر إلى مهرجان أوبرهاوزن الدولي للفيلم القصير على بذل كل جهد لإتاحة الفرصة لأكون معكم، ولكن الحرب تمنع الحركة وتعيق كل شيء”.
انطلاقة من مصر
من جهة أخرى قال المخرج السوداني محمد الطريفي (لسينما توغراف) انه يتمني عدم توقف صناعة السينما السودانية مجدداً. وأضاف “هناك اجتهادات منّا حتى لا تتوقف، ولكن الإنتاج السينمائي في السودان وليد المعاناة أصلا”.
ويرى الطريفي أن “الشتات يخلق إبداعاً أكثر”، موضحاً أن “التواجد السوداني الكبير في القاهرة والحراك الفني المصري النشط سيسفران عن إنتاجات أكثر”.
وأكد أن القاهرة ستكون مكاناً لانطلاق مشاريع سودانية (فنية) جديدة مثلما كانت دائماً في السابق.