رشان أوشي تكتب: حرب واحدة.. ومطامع متعددة
مجموعة من الدول الأفريقية التي يقودها حكام مرتشون، يحكمون شعوبهم بالحديد والنار
دراما سيئة الإخراج تؤديها بعض الدول الأفريقية لصالح الإمارات وجيشها في السودان “الدعم السريع”، تمثيلية أثارت الرأي العام السوداني، لدرجة إدراج القضية على جدول أعمال المقاومة الشعبية لاستصدار موقف شعبي ناحيتها، وهي دراما الإيقاد والدعوة الخبيثة لقمة جيبوتي الثانية التي تلقتها الحكومة لمناقشة الأزمة السودانية.
مجموعة من الدول الأفريقية التي تحكمها عصابات، يقودها حكام مرتشون، يحكمون شعوبهم بالحديد والنار، تدعي أنها تسعى لأحلال السلام والديمقراطية في السودان، بينما كل مواقفها منحازة للتمرد الذي انتهك كل حرمات السودانيين.
قدمت منظمة إيقاد دعوة للقاء يجمع بين رئيس مجلس السيادة والقائد العام للجيش “البرهان” وقائد التمرد “حميدتي” ديسمبر الماضي، وبالتالي وافقت حكومة السودان على مبادرة لقاء الرجلين في جيبوتي، وبالفعل تمت كل الترتيبات للسفر في الموعد المحدد، وفجأة ودون توضيح أسباب منطقية، ألغت الجهة المنظمة اللقاء نسبة لاعتذار قائد التمرد عن الحضور لأسباب فنية، وهو ما أوضحته وزارة الخارجية السودانية في بيان مشهود ولم تنكره منظمة إيقاد.
مرة أخرى، وفي إطار الاستهبال السياسي، تقدم إيقاد دعوة لحكومة السودان للمشاركة في قمة ثانية بجيبوتي تناقش الازمة السودانية، متجاوزة مخرجات القمة السابقة والتي نصت على: “تقديم الدعم لمسار منبر جدة، الذي شهد تعثراً بسبب عدم تنفيذ بنود اتفاق بناء الثقة”.
محاولات القفز على الالتزامات التي تضعها تلك المؤسسات الاقليمية والدولية، يوضح أن المجتمع الدولي نفسه بات منقسماً بشأن السودان، وهو ما أشار إليه نائب رئيس مجلس السيادة “مالك عقار” عبر حوار تلفزيوني أجريته معه قبل أسبوع، مؤكداً أن أسباب انهيار منبر جدة هي اختلاف الوسطاء (أمريكا والسعودية) حول مصالحها في السودان، لا علاقة لحكومة السودان بما انتهى إليه المنبر.
كثرة المبادرات والمقترحات، والقفز منها قبل الوصول لنتائجها النهائية، والاضطراب البائن على مواقف الإيقاد والاتحاد الافريقي يؤكد أنهم مجرد أداة تحركها الامارات عبر المال والغرب عبر العصا.
السودان لن يكون دولة ضعيفة، ولن يكون لقمة سائغة تبتلعها الإمارات لتنهب خيرات وموارد البلاد بثمن بخس، لن تكون حكومة السودان لعبة في أيدي المنظمات الاقليمية لتحقيق مصالح الغرب على حساب مستقبل الشعب السوداني، اذا كانت منظمة إيقاد جادة في انهاء الصراع السوداني عليها الضغط على “حميدتي” لتنفيذ مخرجات منبر جدة، وهو المنبر الذي فرضته الولايات المتحدة وقبلته مليشيا الدعم السريع وأيده حلفاؤها المدنيين (قوى الحرية والتغيير)، وقالوا فيه ما لم يقله مالك في الخمر تأييد ونسجاً للأوهام.
راهنت بعض الفصائل السياسية السودانية على الخارج كثيراً، وعلى الدعم الاماراتي، الضغوط الامريكية، و المطامع السعودية، فافترضت أن الدعم السريع سينخرط، وأن الامارات وحلفائه الدوليين لن يتخلوا عنه، ولن يتركوه في مواجهة عسكرية ضارية مع الجيش السوداني، سيضغطون من أجل اتفاق سلام سريع يعود بموجبه “دقلو” إلى منصبه وكأن شيئا لم يكن، لكن سرعان ما فوجئوا بالتحولات في المواقف الدولية، والخلافات البائنة بين الحلفاء الدوليين حول مصالحهم في السودان، انهار منبر جدة الذي عولوا عليه كثيراً، وهزم الدعم السريع عسكرياً، سياسياً وشعبوياً واليوم فشلت كل المساعي الافريقية للضغط على السودان من أجل المضي في اتجاه تسوية مع التمرد وحلفائه المدنيين على غرار عفا الله عما سلف، وهذا قليل من كثير… الأيام تحمل مفاجآت عظمى.