رأي

رسالة للصديقين عمر الدقير وصديق يوسف.. الديمقراطية التعاضدية

د. إبراهيم الأمين

من التجارب التي تستحق الوقوف عندها, تجربة الديمقراطية التعاضدية التي عرفت في الأدب السياسي بأنها أسلوب لإدارة الأزمة, وإطار للحشد وتعبئة القوي الاجتماعية لتجاوزها. بمعني أن تتحد إرادة الأمة ويتم التوافق علي نظام ديمقراطي يضمن حرية التنافس علي المستويات القاعدية بين الأفراد والقوي الاجتماعية المختلفة. أما الديمقراطية التعاضدية كمصطلح, فقد عرفت بأنها إطار فلسفي لنوع من النظم السياسية التي تقوم علي فكرة المجتمع العضوي المندمج. وهو مجتمع يقوم علي مصالح متمايزة لقوي اجتماعية تترابط عضويا, وتضبط تفاعلاتها من خلال أطر تنظيمية متنوعة, تدخل مع جهاز الدولة في علاقات تنسيق وإشراف مشترك علي وضع وتنفيذ السياسات العامة للدولة. إضافة إلي وجود ملامح أخري مميزة لها يمكن إجمالها في النقاط الآتية:-
(1) السياسة التعاضدية, محورها ضبط التطور الاجتماعي وتمثيل المصالح المدنية وتنظيمها كنقابات أو اتحادات أو روابط, وهي أطر تعبر عن هذه القوى الاجتماعية الرئيسية الأكبر حجماً والأكثر نفوذاً في عمليات التنمية والتي تمثل أطراف العملية الانتاجية. وهي قوى العمل وقوى رأس المال. بمعني تنظيم مصالح أطراف العملية الإنتاجية وإشراكها في صنع القرار السياسي. وكلما اتسعت دائرة التمثيل والمشاركة كلما انتقل النظام من التعاضدية السياسية إلي التعاضدية الاجتماعية.
(2) في الديمقراطية التعاضدية تكون المرجعية للشعب صاحب السيادة, أما الدولة فهي الشكل الذي يعبر حقيقة عن النسيج الاجتماعي. وهي دولة تعاضديه في الأسلوب والتنظيم. أي أنها ديمقراطية تمثيلية تتوسط العلاقة بينها وبين المجتمع, منظمات نوعية توازي خطوط التمايز بين القوى الاجتماعية والقطاعات المهنية الرئيسية في المجتمع من زراعيين وعمال وأصحاب عمل..الخ
(3) الديمقراطية التعاضدية, لا تقوم فقط علي المعيار المهني في تعريف المصالح والقوي الاجتماعية بل تضيف إليه بعداً سياسياً. ففي داخل قطاع الصناعة هناك عمال وأصحاب عمل تتمايز مصالحهم الاجتماعية وداخل العمال هناك قطاعات متمايزة المصالح.
(4) أهم آليات الديمقراطية التعاضدية لإدارة السياسة, هو أسلوب موازنة المصالح. الموازنة هنا لا تعني المساواة المطلقة فهي عملية متحركة الهدف منها خلق درجة أعلي من الاعتماد المتبادل بين تلك المصالح والقوى التي تمثلها. وتعتمد علي أسلوبي التوفيق والتعويض. وأبرز ما يعبر عن ذلك, هو سياسات موازنة الأجور بالأسعار.
(5) التعاضدية, تشير أيضاً إلي أولوية التعاون علي الصراع بين القوي الاجتماعية, وفقاً للأسس الآتية:
أ- تحويل الصراع إلي تنافس منظم.
ب-احترام حقوق الإنسان والحريات السياسية وسيادة القانون بين جميع أطراف العملية السياسية بما فيها الدولة وجهازها البيروقراطي.
ج- تتمتع منظمات المصالح الاجتماعية, بدرجة مقبولة من الاستقلالية في صياغة مطالبها بمعزل من الدولة.
د- أن تمارس هذه المنظمات, الديمقراطية في داخلها واحترام مبدأ حرية الانتخاب والتصويت والترشيح وتطوير نظم الرقابة الداخلية ومحاسبة ممثليها بشكل دوري.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى