رأي

رسالة لابد منها فى عيد الاستقلال ورأس السنة

 

بروفيسور أحمد مجذوب أحمد

يحتفل بعض المسلمين من باب المحاكاة والتقليد برأس السنة أو نهاية العام الميلادى ، فتمتلئ الشوارع ب(شجرة الميلاد المزعومة) حيث تعلن الحفلات الغنائية بمشاهير الفنانين وتمتلئ المطاعم ويتبادل الناس الهدايا وبطاقات المعايدة ، وغير ذلك مما تعلمون .

مع أن شرعنا ارتضى لنا تقويما آخر ، استهلّه بشهر الله المحرم وختمه بشهر ذى الحجة ، وربط به كثير من العبادات والأحكام الشرعية.

يقول تعالى ﴿إِنَّ عِدَّةَ ٱلشُّهُورِ عِندَ ٱللَّهِ ٱثۡنَا عَشَرَ شَهۡرࣰا فِی كِتَـٰبِ ٱللَّهِ یَوۡمَ خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَٱلۡأَرۡضَ مِنۡهَاۤ أَرۡبَعَةٌ حُرُمࣱۚ ذَ ٰ⁠لِكَ ٱلدِّینُ ٱلۡقَیِّمُۚ فَلَا تَظۡلِمُوا۟ فِیهِنَّ أَنفُسَكُمۡۚ)

[التوبة ٣٦]

وقال صل الله عليه وسلم فيما رواه

أَبِي بَكْرَة، حين خَطَبَ فِي عرفة عند حَجَّة الوداع ، فَقَالَ: “أَلَا إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ [حُرُمٌ، ثَلَاثَةٌ](١) مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ”.

صحيح أن بعض الأفراد فى المجتمعات ارتبطت مصالحهم مع العالم بغير التوقيت الهجرى ، فإن كان لا خيار لهم غير الاذعان لذلك ، فلا حرج فى التعامل به ، وينبغى ألا تتجاوز العلاقة بهذا التقويم هذا الاستثناء.

وإن كان لابد من الوقوف والانتباه لنهاية العام فينبغى أن تكون من باب العظة والعبرة ، لأن استدارة الزمان هى إشارة لتناقص العمر ، وقد قيل( بابن آدم كلما مضى يوم مضى بعضك )

وقال الشاعر:

يسر المرؤ ما ذهب الليالى

وما يدرى بأن ذهابهن له ذهابا.

إذا فنهاية العام هى انتهاء صفحة من عمر الإنسان رصدت فيها أعماله ، فهى محطة مراجعة وتقويم ، فإن وجد خيرا حمد الله واستعان به على قابل الايام ، وإن وجد غير ذلك استغفر ودعا الله بالتوفيق للأعمال الصالحات ، حيث سن رسول الله صل الله عليه وسلم الدعاء حتى عند رؤية هلال الشهر ، وهى إشارة لانتهاء شهر وقدوم آخر ، فالمشروع هو أن يدعو المسلم وأن يجدد التوبة والعودة لله.

ولهذا فإن ما يعمله بعض المسلمين إنما هو جزء من حالة الانهزام والتقليد والتبعية ، التى شاعت فى عصور الانحطاط والتراجع الثقافى ، فجعلنا من هؤلاء قدوة لنا، حتى إذا دخلوا جحر ضب دخلناه معهم .

وإن كان ثمة إشارة لوضع أهلنا فى السودان ،فإن بداية العام توافق أعياد الاستقلال، الذى درجنا للاحتفاء والاحتفال به ، وهو تعظيم لحدث تحررت فيه البلاد وخرج المستعمر يجرجر اذيال الخيبة والحسرة، غير أن استقلال السودان فى هذه الايام أمامه تحديات جسام ، وحرب تشارك فيها عدة دول تستهدف هذا الوطن ، وإدراكا لهذا الخطر نذرت القوات المسلحة نفسها لمواجهة هذه الحرب المفروضة عليها ، واصطف معها الشعب السودانى ، وظلت حاملة للسلاح لترسيخ وتأكيد هذا إلاستقلال والمحافظة عليه ورد المعتدين الذين يستهدفون أصله وموارده ووحدته وإنسانه ، هذا يعنى أن هذا ليس وقت لهو ولعب ، وإن كان الجميع سعداء بهذه الذكرى ، فينبغى ترجمة هذه السعادة بدعم قواتنا التى تزود عن هذا الوطن ، وإن كان لنا ثمة أموال فائضة فلندعم بها المهجرين والنازحين وأسر المستنفرين الذين قدموا أنفسهم من أجلنا وأجل هذا الوطن.

أما آن لهذه الأمة تتحرر وتنعتق من مثل هذه السلوكيات المستوردة الدخيلة؟.

نقلا عن موقع “المحقق”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى