د. حسن حاج علي
تلخيص السفير محمد المرتضى مبارك إسماعيل
تشير الورقة إلى أن المنوال التحليلي الذي تعتمده الدراسة ينبني على مثلث من مفاهيم ثلاثة هي السياسة التنازعية، الهجنة، والتحالفات السياسية.
السياسة التنازعية: هي كل فعل تنازعي بين فاعلين سياسيين يسعون لتحقيق مصالحهم بطريقة تفضي إلى خسارتهم الجميع من حلفاء ومنافسين وحكومة وإعلام ورأي عام. وقد أستخدم المصطلح في مجال دراسة الحركات الاجتماعية ، وأشكال التنازع الأخرى تنجم عن مسببات مماثلة ولكن بتفاعلات وظروف مختلفة تستخدم الدراسة التحالفات لكونها آلية أثرت سلبا على استقرار الفترة الانتقالية. من الأمثلة على الآليات التطرف والسمسرة السياسية والتحالفات. وتركز الدراسة على العمليات وهي توظيف تلك الآليات في حالة حراك مستمر يهدف إلى إقناع الآخرين، أو الحجر عليهم، أو هزيمتهم، أو معاقبتهم، أو التعاون معهم، وهو ما يشكل دينامية السياسة التنازعية.
تعريف الهجنة: كما ورد في دراسات الأنظمة الهجينة، وخاصة ما عرف بالسلام الهجين، هي مشاركة الجيش او حركات مسلحة أو مليشيات مع تنظيمات مدنية لتشكيل حكومة. كما تعرّضت الورقة لدراسة التحالفات السابقة: خاصة تلك التي تنشأ في مجتمعات منقسمة وتعزز الانقسامات القائمة.
في الجزء الثاني ناقشت الورقة ديناميات تحالفات الفترة الانتقالية في السودان والتي انتقلت من التوسيع إلى التهجين. وشهدت السياسة النزاعية تواتراً في التحالفات التي لجأت إليها القوى السياسية للاستقواء بها، ولكن في ظل السياسة التنازعية التي ميزت السودان في تلك الفترة صار بناء التحالفات وفضها هو السمة الغالبة. بدأت التحالفات بتحالف قوى إعلان الحرية والتغيير والذي تسميه الدارسة تحالف المظلة لتنوع مكوناته الحزبية والسياسية، وقد شهد تحولات بعد تحالفه مع قوى مدنية والمؤسسة العسكرية وحركات مسلحة. ولاحقاً تعرض هذا التحالف لانشقاقات أثرت في تكوينه وهويته ونشأت تحالفات مناوئة له.
وتكون تحالف قوى الحرية والتغيير من تنظيمات سياسية ذات أهداف متباينة جمعت بينها مبادئ عامة للتغيير لذا سرعان ما اعترته التوترات وتوالت عليه الانشقاقات بدءاً بانسحاب الحزب الشيوعي ثم حزب البعث السوداني وتجمع المهنيين الذي انقسم قبل الانسحاب من تحالف قوى الحرية والتغيير وحزب الأمة القومي الذي جمّد نشاطه بالتحالف. وقد تعددت أسباب تلك القوى المنسحبة وأهمها كان: انتقاد مسودة الاتفاق السياسي والمرسوم الدستوري بين قحت والمجلس العسكري، واتهام المجلس المركزي لقحت بأنه لا يعكس بإنصاف أحجام القوى السياسية المكونة له، والتضييق على الحريات، وقيام عناصر من قحت بعقد اتفاقيات سرية داخل البلاد وخارجها تقود إلى الانقلاب على الثورة، وأن قحت لا تمثل حاضنة سياسية يعوّل عليها.
التحالف الهجين: جمع تحالف هجين قحت والمكون العسكري وبمقتضاه وقع الطرفان الاتفاق السياسي في 17 يوليو 2019 لإنشاء هياكل ومؤسسات الحكم، والوثيقة الدستورية في 17 أغسطس لتحكم مسار الفترة الانتقالية. وكان هذا التحالف هجيناً لجمعه عسكريين ومدنيين وجمعه قوى سياسية شديدة التباين. وبدأت الفترة الانتقالية بمناخ من الريبة بين العسكريين والمدنيين وعدم انسجام بين مكونات قحت.
التحالفات السياسية في ظل اتفاق السلام: أدخل اتفاق سلام جوبا فاعلين جدد في العملية السياسية هي الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق السلام. ومن المؤسسات التي أقرها الاتفاق مجلس الشركاء الذي كون بقرار من رئيس مجلس السيادة في نوفمبر 2020. ورغم شمولية التمثيل في المجلس لعناصر التحالف الحاكم لكنه لم يصمد إذ هوجم من قبل أعضاء في مجلس السيادة وسحبت بعض القوى أعضاءها منه وتباينت مصالح مكوناته وتضاربت مواقفهم السياسية مما دفع بمكوناته للميل باتجاه تكوين تحالفات فرعية.
التحالفات الهجين: تشظي التنظيمات وتفريع الهجين
في ظل السياسة التنازعية والتشظي العام في المشهد السياسي في السودان تنزع الاحزاب إلى عقد تحالفات فرعية لتعزيز قوتها التفاوضية في حال عقد تحالف فضفاض جديد، ومثال ذلك التحالف الذي سعى حميدتي لعقده مع الحركات المسلحة في جوبا والمثال الثاني الاتفاق الذي عقد بين: تجمع قوى تحرير السودان، حركة جيش تحرير السودان الانتقالي، حركة جيش تحرير السودان ــ التحالف السوداني، وحزب المؤتمر السوداني. وهو نموذج لتحالف هجين.
وسرعان ما ظهرت التناقضات والتوترات بين المكونات الثلاثة لتحالف المدنيين والعسكريين والحركات المسلحة كما برز في أكثر من تصريح لحميدتي، والتوتر بين قحت والحركات المسلحة التي اتهمت حمدوك بتعطيل اتفاق سلام جوبا. وعملت قحت على تدارك تلك التصدعات من خلال الإعلان السياسي لتوحيد قوى الحرية والتغيير في سبتمبر 2021 وذلك من خلال آليات جديدة تتمثل في المؤتمر العام والهيئة العامة والمجلس المركزي والمكتب التنفيذي وغاب عن التوقيع حركة العدل والمساواة وحركة جيش تحرير السودان جناح مني والحزب الشيوعي.
وجاء الإعلان عن محاولة انقلابية فاشلة ليزيد في انعدام الثقة والاتهامات بين الجانبين المدني والعسكري وأعقب ذلك انشقاق في تحالف قوى الحرية والتغيير قادته حركات مسلحة موقعة على اتفاق جوبا للسلام أعلنوا بمقتضاه عن ميثاق جديد سمي الميثاق الوطني لوحدة الحرية والتغيير واشتمل على مبادئ التمسك بوحدة الوطن، وتأسيس دولة العدالة والرعاية الاجتماعية، وقيام نظام فيدرالي، والانتقال السلس إلى الديمقراطية. وعلق المجلس المركزي للحرية والتغيير على الإعلان بأنه هدف إلى خلق أزمة قانونية ودستورية حول من يمثل قوى الحرية والتغيير.