خطاب المظلومية لن يفيدكم يا ساسة الحرية والتغيير وتقدم
أمجد فريد
خطاب المظلومية المدنية الذي يحاول عبره ساسة الحرية والتغيير وتقدم، استدرار العطف الجماهيري بتقديم أنفسهم كقوى ممثلة للمدنيين واتجاهات الثورة، لن يجديهم نفعاً ما داموا يستمرون في تبني خط سياسي منحاز لأحد أطراف الحرب ويوفر الغطاء والمبررات لمليشيا قوات الدعم السريع في حربها. هذا الخط السياسي الذي يتبناه هؤلاء، والذي لم يبدأ بتزوير البيانات واختلاق وقائع الاغتصابات ونسبتها لطرف بغرض تبريرها للطرف الآخر في مطلع الأيام الأولى لاندلاع الحرب، ولم ينته بتبني وتكرار خطاب التحشيد المعنوي لقائد المليشيا كما فعل ناطقهم الرسمي بكري الجاك الذي لم يخجل من ترديد دعاية حميدتي عن سقوط سلاح المهندسين بيد قوات الدعم السريع وزاد عليها فرية نسب المعلومة إلى مصادر غربية موثوقة، سعياً وراء موثوقية الاستلاب المستقاة من عقدة الخواجة، وهو ما اتضح كذبه المتكامل بعد عدة أيام ولم يطالعنا أي توضيح من ناطق تقدم الرسمي، وحتى خطاب إعادة كتابة التاريخ الذي يتم الترويج له حالياً عن ارتباط هذه الحرب بصراع الهامش والمركز والذي يحاول منح الدعم السريع نبل ثورات الهامش -السلمية منها والمسلحة على حد تعبيره- في تدليس فاضح لطبيعة هذه الحرب كصراع على السلطة بين طرفين سيئين. هذا الخط المؤسسي الذي يسعى جاهداً لمنح قوات الدعم السريع مشروعية البقاء السياسي برغم كل ما ارتكبته من فظائع وانتهاكات في حق الشعب السوداني هو موطن الخلاف مع ساسة تقدم ومراكز قوى الحرية والتغيير، وخطورته الأكبر أنه يؤسس لإنهاء الحرب عبر اتفاق قسمة سلطة ونفوذ جديد بين الأطراف الحاملة للسلاح، مع منح هؤلاء المحللين المدنيين قطعة من كعكة السلطة، مكافأة لهم على هذا التدليس.
هذا الخط هو مسؤولية مؤسسية ل(تقدم) لا تقتصر على طه إسحق أو التعايشي أو نصر الدين عبدالباري أو ياسر عرمان إلى آخر قائمة الأفراد المنبتين ذوي الارتباط المباشر بصياغة وترويج هذا الخط المتماهي مع الدعم السريع في أوساط تقدم. هي مسؤولية تمتد إلى كلّ المنضوين في صفوف هذا التحالف الذين يتجاهلون هذا الخطاب أو يرددونه بإيمان قطعي معدوم النظير، بينما يرددون على الجانب الآخر سعيهم لإصلاح تنسيقية تقدم من الداخل وقطع صلتها بالدعم السريع. تقدم ببساطة لا يمكن لها أن تدعي تمثيل المدنيين بعد أن فشلت مكوناتها -فرادى وجماعات- في الانحياز أو حتى التعاطف مع المواطنين المدنيين في خضم المعاناة التي يتعرضون لها في مجريات الحرب، بل سعت إلى التكسب السياسي من أوضاعهم الإنسانية وهي تقوم بالتهوين من شأن الانتهاكات وتبريرها بل وفي بعض الأحيان إنكارها على الإطلاق في خضم هذه الحرب الملعونة.
هذا الخط السياسي الذي يضع زوراً لافتة رفض الحرب بينما يعكس في محتواه انحيازاً فاضحاً لأسوأ أطرافها هو المعضلة، وهذا حال لن يصلحه الترويج لمظلوميتهم عبر توسل العلاقات الشخصية أو الوساطات المرسلة أو حتى اغتيال الشخصيات وتشويه مواقف الآخرين، بل هو خطر على البلاد ومستقبلها مما يجب مواجهته لفضحه وتغييره وانهاءه بشكل كلي، تماماً كمواجهة ادعاءات وسرديات أطراف الحرب.
أصلحوا أنفسكم واستقيموا فهذا أفيد لشعبنا ولأنفسكم من استمراركم في ممارسات التدليس السياسي.