تقارير

خطاب العطا في وادي سيدنا.. رسائل في البريد السياسي والعسكري

تقرير – أمير عبدالماجد

مرة أخرى عاد مساعد قائد الجيش السوداني الفريق أول ركن ياسر العطا لإثارة الجدل بتصريحات نارية هذه المرة من قاعدة وادي سيدنا بأم درمان وهو يخاطب جنوده.. وقال العطا الذي يقود العمليات العسكرية في العاصمة الخرطوم إن تصريحات نائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار بعدم ذهاب الحكومة السودانية إلى مدينة جدة لاستئناف التفاوض مع مليشيا الدعم السريع بوساطة السعودية والولايات المتحدة تجد منه الترحاب، مؤكداً أن ما قاله عقار هو رأي الدولة، وخاطب العطا مالك عقار بعبارات واضحة (جيشك جاهز )، وقال في التصريحات التي انتشرت على نطاق واسع إن انتقال الجيش من الدفاع إلى الهجوم يعني تنفيذ هجوم في كل المحاور والاتجاهات بصورة دورية وفي توقيت واحد خاصة وأن مليشيا الدعم السريع لم يتبق لها شيء، وكشف عن اقتراب موعد ضربة وصفها بـ(القوية والعنيفة) في العاصمة الخرطوم شدد على أنها ستكون بداية انهيار المليشيا، وعن معركة كبري الحلفايا قال إن الجيش دمر قوات كبيرة من القوة الصلبة لقوات الدعم السريع في الخرطوم بحري، خلال الهجوم الذي نفذه الجمعة الماضية.

رسائل مقلقة
رسائل عديدة خرجت هنا وهناك بين ثنايا حديث العطا وهي بالمجمل رسائل سياسية وعسكرية بدأ بعضها واضحاً وبعضها يمكن قراءته بين الثنايا لكن من الواضح أن رسائل العطا باتت مقلقة لبعض الأطراف المحلية والإقليمية والعالمية، والرجل يدرك تماماً ما يقول لذا فالأمر يتجاوز الانفعال باللحظة أو رفع الحماسة لدى الجنود.

قلق أمريكي
فالعطا رفض أن يردد عبارة (لا جدة ولا جدادة) التي طلبها الحضور وقال عوضاً عنها (لا جدة ولا هدنة)، فماذا أراد العطا من تصريحاته..؟
يقول الباحث السياسي وأستاذ العلوم السياسية أحمد عمر خوجلي إن الرجل أراد مبدئياً القول إن رؤية الحكومة موحدة وأن ما يقوله العطا أو عقار أو أي شخص من القيادة ليس رأياً شخصياً بل هو موقف الدولة، وتابع (أعتقد أن موقفهم من مفاوضات جدة موحد على الأقل حتى الآن وهو موقف صارم يستصحب معه الربكة الكبيرة التي يعيشها صانع القرار الأمريكي الآن وهو يشاهد السفن والطائرات الروسية تنقل السلاح للسودان ويشاهد إيران سعيدة بالعودة إلى السودان ويتوقع إعلاناً رسمياً بإقامة قاعدة بحرية عسكرية روسية على ساحل السودان الشرقي قبالة موانئ المملكة العربية السعودية.. هذا الواقع المربك للإدارة الأمريكية لاشك أن قيادة الجيش تدركه جيداً وتعلم حجم القلق الأمريكي والفرنسي والخليجي)، وأضاف (القيادة السودانية تلقت تحذيرات كثيرة من جهات عديدة بأن تتوقف عن فتح أجواء السودان للروس والإيرانيين لكنها على مايبدو غير مكترثة لهذه التحذيرات بدليل الإعلان عن زيارة لنائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار إلى موسكو للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتن وهو لقاء بلاشك سيبحث أمر إقامة القاعدة البحرية الروسية في السودان بعد إعلان العطا أن السودان لا يمانع وموافق على إقامتها).

رفع سقوفات
يبدو أن الموقف من جدة بات موحداً الآن وأن الأمور تنتقل من مربع إلى آخر قد يكون في القاهرة أو ربما في مكان آخر أو ربما يكون الحديث عن جدة نفسها رفع للسقوفات لأن الأمور في النهاية لم تحسم بصورة نهائية يغيب فيها وفد الحكومة عن المفاوضات يقول اللواء معاش حسن أبوطالب إن الأمور مازالت تحتمل القراءة من كل الجوانب لكن الواضح فيها أن عنصرين أساسيين لا خلاف حولها الأول أن الحكومة لديها ما يجعلها تصل إلى حد الرفض القاطع لمنبر جدة وهنا لا أعتقد أن الأمر متعلق بالطريقة التي تحدث بها وزير الخارجية الامريكي مع البرهان لأن الحسابات السياسية ومصائر الشعوب لا تحسم بهذه الطريقة والعامل الثاني الذي أراه حاضراً في المشهد هو الدعم العسكري الكبير الذي حصلت عليه الحكومة من موسكو وطهران لا يمكن إغفال هذا العامل في قراءة المشهد السياسي والعسكري في البلاد الآن لأن دخول موسكو وطهران غير كثيراً من قواعد المعركة ومنح قادة الجيش الأريحية والقوة التي يتحدثون بها الآن)، وعن تصريحات العطا بخصوص سير المعارك في الخرطوم قال (هذه هي طريقة الجيش في التعامل مع كل المناطق لا أعتقد أنه غيرها يدخل عدة مرات للتنظيف قبل أن يقيم ارتكازاته لا أعتقد أنه غيرها في بحري أو الخرطوم وسيضرب يومياً ويخوض معارك يومية هنا وهناك ربما كان الفرق هنا في نوعية الأسلحة المستخدمة هذه اختلفت وجميعنا نلاحظ الآن دخول أسلحة نوعية جديدة إلى المعركة، ونلاحظ نوعية الطيران الذي يحوم ليلاً في سماء الخرطوم، وأضاف (أيا كانت الضربات التي هدد بها ياسر العطا أعتقد أنها تأتي في سياق المعارك التي تدور يومياً الآن وليست في سياق منفصل والرجل عسكري يعرف كيف يدير معاركه ومتى يضرب بقوة)، وتابع (القوة الصلبة للدعم السريع في بحري تعرضت لضربات عديدة وهي تفقد يومياً جنود قادرين على القتال بالموت أو الإصابة وهذا يضعفها يوماً بعد آخر ويجعل قدرتها على القتال تتلاشى وربما هذا ما قصده العطا عندما قال إن مليشيا الدعم السريع لم يتبق لها شيء).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى