رأي

حول العشرين سؤال والمفاوضات (2-5)

الذي يمتلك إرادة الامتناع يا عبد الهادي قادر على عدم الانصياع

السفير كرار التهامي

تتميز كتابات اللواء عبد الهادي عبد الباسط بالرصانة والجرأة عندما يصدع بافكاره وقد استمع اليه الناس من قبل في تسجيل مسرب من احدى جلسات شورى الحركة الاسلامية والذي بثته قناة العربية في ايام قحت الاولى وكان يتكلم بشجاعة عن الفساد في اجهزة الدولة كما استمعت اليه مؤخرا لتسجيليه الذي يدعو فيه لعدم الذهاب إلى التفاوض في جنيف واطلعت على رده على مقالي السابق الذي اختلف فيه عما طرحته بخصوص قبول الاتفاق كوسيلة من وسائل الانتصار وان لا نعطي المتمردين فرصة بالظهور كحمائم سلام والذهاب معهم إلى أقصى بقعة في الارض وتعرية جرائمهم بالتفاوض ،،،،استنكف عبد الهادي هذا الكلام واشار في رده إلى ان عدم حيادية الوسيط ربما تؤدي إلى ضرر بالغ وتؤدي إلى توريط المفاوضين في مساومة غير مضمونة العواقب والدخول في مزالق تفاوضية تعود بنا إلى مربع دولة الجنجويد ويقول عبد الهادي انه

“في حال عدم توفر هذه النقطة الجوهرية يعتبر سذاجة وغفلة ، هذه النقطة الجوهرية هى (حيادية الوسيط) راعى المفاوضات و(حيادية دوافعه) ، ومن ثم حيادية المراقبين أو على الأقل توازنهم بين الطرفين ، إذا لم تتوفر هذه النقطة الجوهرية منذ البداية وقبل إنطلاق المفاوضات حتما ستكون تلك المفاوضات عبثا وخداعا”

و يتهم عبّد الهادي امريكا بانها من اشعل زناد الحرب ويقول ” هل أمريكا وسيط محايد نزيه فى هذه المفاوضات ام هى الفاعل والمحرك الأساسي الذى أشعل الحرب من خلف الكواليس عبر حلفاء وأدوات وظل يتفرج علي كل مراحلها منتظرا إنتصار حليفه الدعم السريع وظل يحول بين أى إدانة للمتمردين فى مجلس الأمن رغم الفظائع والإنتهاكات وهى التى عطلت مقررات جدة ”

كتبت له في ذات المنبر مثمناً حديثه وطرحه الذي اتفق معه في الكثير منه وشرحت له بعض الأفكار التي ارجو ان تكون مبذولة للعموم وهي :

ان فكرة الممانعة لها ايجابيات ولها سلبيات لكن المشاركة كلها ايجابيات لانها تعطيك فرصتين ان تحمل غصن الزيتون والبندقية في ان واحد

تذكر ان نفس الوسيط غير المحايد كان في جدة وكان الطرف المتمرد في احسن حالاته وصاحب سطوة عسكرية على الارض ويمتلك المبادرة وكان له وزن دبلوماسي كبير على الصعيد الإقليمي والأفريقي

رغم ذلك خرج الاجتماع بفوز مستحق في كل فقراته للدولة السودانية لذلك الوسيط لن يجبرك على التوقيع افكارك هي التي تصنع الفرق

إذا كنت تملك إرادة عدم المشاركة معناها تملك ارادة عدم الموافقة على اي بند يمس سيادة الدولة او حقوق المواطن او يعيد المتمردين إلى المسرح السياسي من جديد

وبدلا من تكون الطرف الملوم والمتسبب في المعاناة والخراب باعتبار موقفك الظاهري من السلام فلتبدئ حسن النية وانت ممتشق حسامك

وكما يقولون “اصل مع الكضاب إلى باب بيته “وأثبت على مواقفك حتى لو زلزلت الارض زلزالها

كيف تخاف دولة وشعب كامل من اجتماع ولو كان عدائيا اذهب اطرح شروطك ثم ابصق عليهم وانسحب هذا ليس آخر لقاء او اجتماع يفشل

مع كامل التقدير

ولعلني اختم مقالي هذا للتذكير بالعناصر المهمة للتفاوض الناجح التي ذكرتها في المقال انف الذكر والذي احتج عليه اللواءعبد الهادي بأدب شديد وهي موجهة للمفاوض الحكومي على النحو التالي:

⁃ ان تكون في موقع القوي و مؤمنا بعدالة قضيتك ،،

⁃ ان لا تخضع لاي ضغوط تحاول الإملاء او استخدام العصا والجزرة

⁃ ولا تتنازل الثوابت التي يستمسك بها الشعب

⁃ وان تتأكد ان الشعب يقف وراءك و يؤازرك واذا غلبت الروم جراء الضغوط ارجع لتستفتي شعبك ،،،

⁃ وان تفاوض وانت مدرك للتفاصيل وتعرف ان التفاوض فن رفيع وحقل الغام يحتاج الحذر وشراك تنصب لك لتقع في خطأ الغفلة وأنه كلعبة الشطرنج التي يستشرفها الحاذق الذكي و يدرك استراتيجياتها ويعرف مآل كل حركة على الرقعة

⁃ ان تقعد الاجتماعات التحضيرية مع المنظمات غير الحكومية والإعلاميين والأحزاب والقيادات المجتمعية والخبراء حتى تسد الثغرات في وجهات النظر قبل ذهابك

⁃ بعد هذه الثوابت لأخوف من تفاوض بغض النظر عن المكان او الزمان حتى لو كان على سطح القمر ولا خوف من سبط خائن او و سيط متآمر حتى لو كان الشيطان فعبر تاريخ الصراعات السياسية في العالم فاوضت عشرات الحكومات حركات متمردة عليها وكان التفاوض واحد من أدوات الانتصار الكامل ودائما الدولة هي الكاسبة

⁃ فاوض وشعبك درعك الواقي وتذكر ان امريكا فشلت في حل مشاكل الكونغو وفشلت في حل مشاكل ليبيا وفشلت في حل مشاكل الصومال التي لازالت تنزف دما لأكثر من عشرين عاما وفشلت في التفاوض مع طلبة المدارس الدينية الذين اكتسحوا جيشها فهربت تاركة الموالين لها بين السيف والنطع ..

⁃ اخيرا الشعب الذي حارب بهذه الفدائية وتحمل كل هذا الأذى لن تهزمه مفاوضات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى