حمدوك.. إحراق مراكب العودة

الأحداث – عبدالباسط إدريس

 

بعد أن كان رئيساً للوزراء، بمزية أنه قدم إلى الساحة من خارج دوائر الصراع السياسي التقليدي، محمولاً على شعارات براقة، اختار عبدالله حمدوك “الوقوف في وجه المؤسسة الأمنية والعسكرية والهدير الشعبي الرافض لانتهاكات مليشيا حميدتي، فهل الرجل موعود بدور جديد أم أحرق آخر مراكب العودة؟

 

جيش جديد:

لم يقف حمدوك باعتقاد الكثيرين على مسافة واحدة على الأقل في حرب على البلاد يراها السودانيون أنها لا تقبل الحياد، لكن الرجل ومع سبق الإصرار انتقل إلى خانة جديدة وهي التماهي والدعم الكامل للمشروع الفرنسي الإماراتي الأوروبي في السودان، وبرغم حالة الهدوء والاتزان والنأي عن إثارة الخلافات، إلا أنه عمد على إيقاظ الشكوك حوله من قبل المؤسسة العسكرية، بعد أن أقدم على ثلاثة خطوات إنفرادية كانت الأولى طلب بعثة أممية والثانية زيارته إلى كاودا ولقاء الحلو والثالثة توقيعه اتفاقاً على علمانية الدولة مع الحلو في أديس أبابا، وفي خطوة أخيرة أقدم حمدوك على إبرام ثلاثة اتفاقيات جديدة كانت الأولى مع حميدتي على الالتزام بالديمقراطية وتشكيل إدارات مدنية فى مناطق سيطرة المليشيا والثاني اتفاق مع الحلو بذات سمات أديس أبابا وثالث مع عبدالواحد نور، وكان أهم بنود الاتفاقية الأخيرة بين حمدوك والحلو وعبدالواحد قيام “جيش جديد” و”أمن جديد” على أنقاض المؤسسة العسكرية التي تجاوز عمرها مائة عام، ويلاحظ أن حمدوك وبموجب لغة الاتفاق تخلى عن “الإصلاح” واستبدلها بتكوين جيش وأمن جديدين مايعنى “هدم الجيش وإعادة بناءه”.

 

هل له دور جديد؟:

ويقول الكاتب الصحفي عبدالماجد عبدالحميد ل(الأحداث) “لن تكون لحمدوك فرصة أخرى في المشهد السياسي السوداني. جرت مياه كثيرة تحت الجسر خصمت من رصيد حمدوك أهمها التصدعات التي حدثت في جدار القوى السياسية التي كانت تدعم حمدوك الذي صارت تجربته مرتبطة بحقبة سياسية سيئة السمعة”.

 

بالمقابل يقول مؤيد فرج “لا أدري ماحدث لنا أشعر بأني في حلم وإن كل مايجري من حرب وقضاء على الثورة محض كابوس.. نحن نريد حمدوك وبيننا حلم لم يكتمل.. نريده بإرادتنا لا عبر الجنجويد الذين لن نقبلهم”.

 

دمية في يد المحاور:

ويؤكد الكاتب والمحلل السياسي محمد الماحي الانصاري ل(الأحداث) أن  عبدالله حمدوك أصبح دمية في يد محور إقليمي يخوض حرب ضد السودان يستخدم فيها مليشيا الدعم السريع والشعب السوداني يقف في هذه المعركة خلف جيشه من أجل بقاء كيان الدولة وصنف حمدوك جزء من المؤامرة عليه وعلى الوطن وبالتالي لن يقبل بأن يكون له أي دور في المرحلة المقبلة، ويضيف الأنصاري “حمدوك يدرك ذلك جيداً لذلك ذهب يتحالف مع المليشيا من خلال توقيع اتفاق مع حميدتي في أديس أبابا حتى يحقق المليشيا سند سياسي لأن فكرة حمدوك وتقدم أن يكون الدعم السريع طرف سياسي في المشهد “حتى يتم تحقيق فكرة ثلاثية الحكم القائمة علي أن يكون الدعم السريع وتقدم والجيش في السلطة من خلال شراكة، وأردف “لذلك عمل حمدوك وكل قيادات تقدم بقوة لتبرئة المليشيا من التطهير العرقي والتهجير القسري والجرائم ضد الإنسانية والاغتصابات وغيرها من جرائم الإبادة لأن نسبها للمليشيا يعني إخراجها من المشهد السوداني وهو يريد المحافظة عليها لذلك يدلع هذه الجرائم والمجازر ويسميها انتهاكات حتى يستطيع أن يجد ما يقابلها من انتهاكات افتراضية في الجيش السوداني لأنه إذا سمى أفعال الدعم السريع بمسمياتها التي سماها بها القانون الدولي لن يجد مثلها في الجيش السوداني لأن الجيش يحمي المواطن ولا يقتله وخير دليل على ذلك أن السودانيين ينزحون من المناطق التي يدخلها الدعم السريع إلى المناطق التي يسيطر عليها الجيش السوداني”.

 

غياب الروح الوطنية :

بدوره يقول المحلل السياسي عزمي عبدالرازق ل(الأحداث) إن حمدوك، تقدم باستقالته في يناير ٢٠٢٢ من رئاسة وزراء المرحلة الانتقالية، وقال إنه سيفسح المجال لشخص آخر، وغادر السودان، بعدها ظهر مرتين بعد الحرب طالب فيها في المرة الأولى بالذهاب للتفاوض مع الدعم السريع، وفي المرة الثانية قال إنهم دفعوا بمذكرة، بصفتهم أعضاء الحكومة الدستورية، يعترضون على مشاركة رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.

ويضيف عزمي “حمدوك يفتقر للروح الوطنية والكاريزما، وهو مجرد أداء للمركز الاستعماري عبر وكيلهم في المنطقة، الإمارات، مثله وأي مقاول سياسي، والآن افتضح أمره، وأصبح في نظر كثير من السودانيين مجرد (عميل)، وهو نفسه لا يرغب في لعب أي دور مستقبلي، مجرد موظف أممي بلا طموحات سياسية، يريد أن ينجز المهمة ويختفي للأبد”.

Exit mobile version