د.إسماعيل الحكيم..
“حكومة التأسيس” المزعومة لا تُؤسس إلا لمرحلة جديدة من العمالة والتبعية. فهي ليست مشروع دولة، بل غطاء سياسي لمليشيا إرهابية، مدانة شعبياً وأخلاقياً ودولياً.ففي خطوة وُصفت بأنها خنجر في خاصرة الوطن، يسعى ما يُعرف بـ” الدعم السريع” إلى الإعلان عن ما أسمّاه بـ”حكومة تأسيس”، ككيان موازٍ لحكومة السودان الشرعية بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان. لكن خلف هذا الإعلان المحموم، تتكشف حقائق دامغة لا يمكن تجاهلها فهذه الحكومة المزعومة لم تكن سوى محاولة فاشلة لتجميع الخونة والعملاء والمرتهنين في سلة واحدة، تحت عباءة كاذبة من الوطنية الزائفة والكسب الرخيص .
إن ما يثير السخرية المُرة، أن هذه المجموعة -التي تلطخت أياديها بدماء الأبرياء وخراب المدن والقرى واغتصاب النساء وسحل الشيوخ ونهب البيوت- تزعم اليوم أنها تريد “حكم السودان”!
فأي سودان هذا الذي تريدون أن تحكموه؟
– الشعب الذي طاردتوه بالنار والرصاص؟
– أم النازحون الذين هجّرتموهم من أراضيهم؟
– أم الأمهات الثكالى والأطفال الذين صاروا أيتاماً بسبب جرائمكم؟
أي وقاحة سياسية هذه؟ وأي عهر في الفهم لمعنى الدولة والشرعية؟
الشعب السوداني بعد “حرب الكرامة” ليس كما كان قبلها. شعبنا خرج من رحم النار فولاذياً، مدركاً، موحداً في رفضه لأي سلطة تُفرض عليه من الخارج أو من الداخل عبر البندقية.
فمن يظن أن بإمكانه تمرير حكومة تحت ظلال الرصاص والتمويل الأجنبي، إنما يعيش في وهمٍ قاتل وتغريد خارج السرب ..
وليس من قبيل المصادفة أن من التف حول هذه الحكومة هم من لفظتهم الإرادة الشعبية، ورفضتهم ساحات النضال الوطني.
والمضحك المبكي أن هذه الحكومة تحاول إحياء مشروعٍ ميت، وتُعيد طرح فكرة أن “المليشيا يمكن أن تحكم دولة”…
لكننا نقولها بملء الفم: “ما في مليشيا تحكم بلداً “.
فكيف إذا كان البلد هو السودان، بلد مهيرة التي هزّت الرمح في وجه الغزاة؟ بلد الإمام المهدي الذي رفض الخنوع،
وبلد الأزهري الذي رفع راية الاستقلال رغم المؤامرات؟
لا لن يُلدغ الشعب السوداني من جُحر الخيانة مرتين. ولن تنطلي عليه مسرحيات “الحكومات الورقية” المدعومة من الخارج.
فالحكم في السودان لن يأتي إلا عبر صناديق الاقتراع، وبإرادة الأحرار لا رغبة المجرمين.
إننا في لحظة تاريخية فاصلة، لحظة كتابة العقد الوطني من جديد، على أسس الكرامة والعدالة والحرية والانتماء الحق ..
ومن يظن أنه قادر على اختطاف هذه اللحظة لصالح مليشيا متمردة تسببت في جراحنا، فهو إما أعمى عن الحقيقة، أو عميلٌ لها.
ولن يحكم السودان إلا من يستحقه… ولن يسود فيه إلا من اختاره شعبه بإذن الله تعالى ..
حكومة تأسيس ..لن يُلدغ الشعب السوداني من جُحر العمالة مرتين
