حكومة تأسيس ،،،، الأقل إحتمالية  والأكثر خطورة

 لـواء رُكن ( م ) د. يونس محمود محمد 

في التخطيط للعمليات الدفاعية وتحليل مسالك العدو يبرزُ إحتمال ضعيف أن يتجشّم العدو مشاق وصعوبة ومخاطرة التقدّم والهجوم من منطقةٍ وعرة، ولذلك لا تحظى هذه المواجهة بحظّها من التجهيزات الدفاعية لقلّة إحتماليتها ولكنّها ستكون الأخطر حال حدوثها، ثغرة الدفرسوار خير مثال في حرب ١٩٧٣م حيثُ إعتمد الجيش المصري على أنها مستنقعات معشوشبة يصعبُ تقدّم العدو من خلالها ولكن حصلت المفاجأة أنّ موشي دايان تقدّم منها وقلب موازين المعركة.

إعلان تشكيل حكومة موازية تحت مُسمى تأسيس وتعيين عضوية المجلس الرئاسي ورئيس الوزراء وحُكّام الأقاليم وإن بدا هذا الأمر موغلًا في العبثية والإختلاق بعيدًا عن الواقعية نظرًا لما تعيشهُ المليشيا من حالٍ مزر، وهزائم أجبرتها على التراجع من تمركزاتها في العاصمة وولايات الوسط إلى أقاصي جنوب وغرب ولايات كردفان، ومُدن دار فور، وهي تلعقُ جراح الهزيمة ولا تجدُ لها طبيبًا مداويًا فأصبحت شرخًا معنويًا نخر في عُمق عضوية الجنجويد فتفرّقوا بددًا لقبائل وخشوم بيوت وبطون وأفخاذ كلٌ يغاضبُ أخاه ويبسط يدهُ وبندقيته ليقتله ويبوء بالآثام كما فعلوا مع سائر أهل السودان في سنتي إجتياحهم السوداء.

لعلّ وصايا الخُبراء مضت في إتجاه وقف النزيف المعنوي وذلك بربط هذه الضمادة السياسية بإعلان حكومة تلهي أخبارها بقية الجنجويد وتعدهم وتمنيهم بوضعٍ أفضل مما هُم فيه مبلسون، وكذلك لم شعث الحواضن وفتات الساسة الذين يتبعون حميدتي البعاتي والمال الإماراتي كما يتبع ( ابو الرهيو) وهو طيرُ البقر يتبعها لأنها تثير الأعشاب فتطيرُ الحشرات، فيلتقمها.

وكذلك يسهلُ تشكيل حكومة محاولة فرض واقعٍ مُقابل للحكومة الشرعية والنزول في ميدان الصراعِ بأدواتهِ المُختلفة لمنافستها، وتشتيت تركيزها والعمل على خلق تيارات عكسية تُبطئ حراك إعادة إعمار وتوحيد البلاد وتجاوز آثار الحرب. ولعل الأهم فيها هو الاغتسال من الدم وتبديل ملامح المجرم واظهاره بمظهر حكومي فيه من المسئولية  والتزام القانون وذلك لطي صفحات البطش الذي مارسوه ضد الشعب .

وكذلك هي مضمونٌ تفاوضيّ في أي وساطةٍ إقليمية أو دولية لإيقاف الحرب وإحلال السلام وبالتالي سيكونُ طريق العودة للمشهد السياسي أوفر حظًا بوجود حكومة موازية مما لو كانت مجرد مليشيا متمرّدة، فالأمرُ يختلف.

هُناك خطرُ إستقطاب دول أفريقية رخيصة ذمم القيادة، وشراء إعترافها بالمال الإماراتي والضغط الصهيونيّ، والمؤامرة الساكتة الأمريكية الفرنسية البريطانية وتوابعها من الدول العربية ( ايّـاها) يُمكن لهؤلاء التأثير على البعض فينفضُ يده من مواقف الإتحاد الأفريقي أو الجامعة العربية ويسجّل إعتراف.

ويكمُن الخطر أن يتعامل معها سوق السلاح الدولي بهذا الإعتبار أنّها حكومة فيتوفرُ لها سلاح نوعيّ برغم توفير الإمارات لكلِ أنواع الأسلحة عدا الطيران الحربي الذي إستعاضت عنه بالمسيّرات الإستراتيجية.

قد تجرُّ المصالح دولًا لتبادل تجاري ولو بمقدارٍ بسيط في المتوفرات الإقتصادية في إقليم دارفور، وما يشكّل ذلك من تطبيع الإعتراف مثلما هي حال ( حفتر ) في ليبيا، مبيعات البترول وممارسة دور الحكومة في مناطق سيطرته وتعامل بعض الدول معه كأمرٍ واقع .

على المستوى السياسي الداخلي ستجد عناصر القحّاطة بشقيها صمود وتأسيس ، وتوابعهم من المقطورات الحزبية سيشكّل لهم غطاء من هبوب التشرّد في إرصفة الشارع السياسي، سيجدون ملجأً برغم علّته يصنعُ لهم بطاقة هوية، ويملأهم بالأماني ، أمّا السيطرة على كامل السودان كما صرّح رئيس الوزراء التعايشي بأنهم سيعملون على التبادل التجاري مع الدُول حتى تتم السيطرة على ميناء بورتسودان وتسليمه لحاكم الإقليم الشرقي مبارك مبروك، وبالتأكيد هذا لن يتم إلّا بتطوير الأعمال العسكرية وهزيمة الجيش السوداني ومن معهُ من قوّات المشتركة وبقيّة الأجهزة والشعب السوداني كلّه، لتضع حكومة التعايشي يدها على ميناء بورتسودان وهو لا يضع أيّ إحتمالية أن تضع القوّات المسلّحة يدها على مدينة نيالا حيثُ مقر الحكومة المفترض.

نعم بهذا التطوّر النوعيّ المِفصلي في تاريخ السودان السياسي والإجتماعي يكونُ مستقبل الوطن في عتبة التحدّي، ومهب الريح والأيدي العابثة لن تألو تأجيج نار الحرب والصراعات حتى تنالَ مُرادها من السودان.

الجواب عن كل هذا بجدّه وفصله وهزله وإحتماليته من عدمها هو ( قطع الشّك باليقين ) واليقين هو هديرُ المتحرّكات لقطع دابر هذه الفتتة قبل إستفحالها، وقبل أن تتلقفها الأيدي وتصنعُ منها واقعًا تصعبُ معالجته.

الجيشُ حكيم ، والحكيمُ لا يوصّى ، والثيّبُ لا تعلمُ الخُمرة كما يقولُ المثل، وما حقّقه الجيشُ من معجزاتٍ يستطيعُ أن يفعل ذلك وفي أقرب وقت.

للسياسة والدبلوماسية والإعلام أدوارٌ لا تقلُّ  أهميةً لطيّ هذه الصفحة، صفحة شقّ الوطن الغالي، ومحاصرة وتفنيد حُجج الخونة، وخنقهم ومنعهم من تنفّس أكسجين الحياة لتموت دولة تأسيس سريريًا بحول الله، ويطول إنتظار من يرجو منها ثمرة.

الإمارات العربية ستبوء بكُل أوزار الجنجويد، ولن تصل إلى هدف سيّدتها الصهيونية السيطرة على السودان كله أو جزء منه.

شعبٌ واحد ،، جيشٌ  واحد

الفاشر ، نيالا ، الجنينة ، زالنجي ، الضعين ، قادمون قادمون  وبإذن الله منتصرون.

لا تفاوض..

لا تسامح..

لا نسيان لجرائم الجنجويد..

بَـلْ بَـسْ

Exit mobile version