تقرير – سنهوري عيسى
حظي قرار الحكومة السودانية بحظر استيراد المنتجات الكينية بردود أفعال واسعة وترحيب كبير لجهة أن الحظر يحمل ردا عمليا على تدخلات كينيا في الشؤون الداخلية للسودان ودعمها لانشاء حكومة موازية للحكومة السودانية ، بجانب استخدام سلاح حظر استيراد المنتجات الكينية كأداة للضغط على الحكومة الكينية وإظهار قدرة السودان على التأثير في الاقتصاد الكيني بإيقاف حركة الاستيراد للمنتجات الكينية.
وذكرت تقارير صحفية ، أن الاقتصاد الكيني، تكبد خسائر كبيرة بالمليارات؛ جراء تأثر صناعة الشاي في كينيا بعد قرار السودان الاخير بايقاف استيراد المنتجات الكينية بسبب توفير منبر لتأسيس الحكومة الموازية في السودان
ويعتبر السودان ثالث اكبر دولة استيرادًا للشاي الكيني ، حيث يستورد السودان سنوياً 10% من اجمالي انتاج كينيا من الشاي سنوياً.
وتفيد المتابعات أن قرار ايقاف استيراد المنتجات الكينية تسبب في خسائر كبيرة للاقتصاد الكيني من بينها( 1.3) مليار شلن كيني قيمة الشحنات التي احتجزت في المواني , ونحو (207) حاويات محملة بالشاي توقفت كانت متجهة الي السودان في ميناء مومباسا الكيني, بينما اطلق المصدرون نداءا عاجلت للسلطات الكينية بالتدخل الدبلوماسي واعادة تعزيز العلاقات بين السودان حتي يتراجع السودان عن قرار ايقاف استيراد المنتجات الكينية حتي لا ينهار قطاع الشاي .
سلاح اقتصادي
ووصف د.عباس علي السيد الخبير الاقتصادي ، قرار السودان بحظر استيراد المنتجات الكينية ، بأنه استخدام لسلاح اقتصادي تأخر السودان في استخدامه تجاه الدول التى دعمت التمرد.
واضاف د.عباس: هنالك أسلحة اقتصادية كثيرة كان يمكن للسودان استخدامه للتغيير في مواقف الدول الداعمة للمليشا ، علي سبيل المثال الصمغ العربي والذي يعتبر سلعة استراتيجية مهمة إذا استخدم كسلاح اقتصادي كان يمكن أن يغيير في مواقف الكثير من الدول تجاه ما يجري في السودان باتباع سياسة تمنع وصول الصمغ العربي الي تلك الدول أو التهديد بحظر تصدير الصمغ العربي.
دراسة فوائد الحظر
ودعا د.عباس إلى دراسة فوائد حظر استيراد المنتجات الكينية وغيرها من المنتجات كأداة للضغط على الدول لتغيير مواقفها تجاه السودان ، بجانب تشجيع انتاج الشاي والبن في السودان بالاستفادة من تنوع المناخ والتجارب السابقة لزراعة الشاي والبن في السودان.
تأثر الاقتصاد الكيني
وفي السياق ذاته يري دكتور عادل عبد العزيز الخبير الاقتصادي ، أن حظر السودان للسلع الكينية وعلى رأسها الشاي له تأثير على الاقتصاد الكيني، وسوف يكون الأثر الاقتصادي مضاعفاً إذا ما قرر السودان حظر الطيران الكيني من المرور عبر أراضيه، رداً على تورط الحكومة الكينية في دعم مجموعات سياسية معارضة للحكومة السودانية، على رأسها مليشيا آل دلقو الإرهابية التي تقود حرباً على مواطني السودان وجيشه الوطني.
وأشار إلى أن الصادرات الكينية لدول العالم بلغت في العام 2021 حوالي 6.2 مليار دولار، بينما بلغت وارداتها السلعية حوالي 13 مليار دولار، بينما تصدر كينيا منتجاتها الييوغندا، الولايات المتحدة، الامارات، هولندا، باكستان أهم صادرات كينيا الشاي، الزهور، الذهب، الفواكه، والبن.
أهم الدول التي تستورد منها كينيا: الصين، الامارات، الهند، السعودية، ماليزيا. وأهم واردات كينيا المواد البترولية، زيت النخيل، القمح، الأدوية، الحديد .
استيراد السودان
ونوه د.عادل عبد العزيز إلى ان السودان
استورد من كينيا في العام 2022 سلعاً بقيمة 72 مليون دولار، وكان أهم هذه السلع هو الشاي بقيمة 45 مليون دولار، والمشروبات والتبغ بقيمة 17 مليون دولار، وفي نفس العام صدر السودان لكينيا بقيمة 6 مليون دولار فقط، وكانت أهم سلعة مصدرة لكينيا هي الذرة بقيمة 5 مليون دولار.
واضاف: من الواضح من خلال هذه الإحصاءات ان الميزان التجاري يميل لصالح كينيا بنسبة كبيرة جداً. وعلى الرغم من أن قيمة التبادل التجاري بين البلدين تبدو ضئيلة، فهي في حدود 23 مليون دولار في مجالي الصادرات والواردات، إلا أن المقاطعة السودانية للسلع الكينية تبدو مؤثرة من زاويتين، الزاوية الأولى أن كينيا تعتبر اقتصادها اقتصاداً حراً وتسعى لإبعاد أي نوع من القيود التجارية عليه، خصوصاً أن أغلب المنتجات الكينية المصدرة لدول العالم هي استثمارات شركات هندية وهولندية ومن دول أخرى، بل توجد استثمارات لرجال أعمال سودانيين في زراعة وصناعة الشاي في يوغندا، أما الزاوية الثانية أن كينيا بوصفها عضواً مؤثراً في منظمة الكوميسا، وتحقق من خلال عضويتها مكاسب اقتصادية كبيرة، ترى أن المقاطعة السودانية لمنتجاتها قد تضر بتنافسيتها التجارية، خصوصاً أن السودان يمكنه أن يؤثر على مصر ذات الثقل في الكوميسا في نفس الاتجاه.
حظر الطيران الكيني
وأشار عادل إلى أنه اذا ما اتجه السودان لحظر الخطوط الجوية الكينية من المرور فوق أراضيه فإن الأثر الاقتصادي سوف يكون أكبر، ذلك لأن الخطوط الجوية الكينية، والتي تعمل في شراكة مع الخطوط الجوية الهولندية KLM ، تعتبر من الخطوط الجوية الناجحة وتمر رحلاتها إلى أوروبا عبر السودان، ونظراً لاعتماد الاقتصاد الكيني بنسبة مقدرة على السياحة، خصوصاً سياحة السفاري التي يعشقها الأوربيون، فإن ارتفاع قيمة تذاكر السفر الجوي المتوقعة إذا ما حظر السودان الطيران الكيني سوف تكون مؤثرة على الاقتصاد الكيني.
ودعا دكتور عادل الحكومة الكينية لرفع يدها عن احتضان الدعم السريع المنهزم، والجماعات المارقة التي تدور في فلكه، لأن الإجراءات السودانية بأوجهها المختلفة سوف تكون موجعة لكينيا.
الصدمة كبيرة
ويرى د.هيثم محمد فتحي الخبير الاقتصادي ، أنه بالنسبة لكينيا، الصدمة كبيرة. فالشاي يمثل أكثر من 23% من عائدات التصدير، ويعد السودان أحد أبرز أسواقه، حيث يستورد السودان قرابة 10% من الإنتاج الكيني السنوي، بقيمة تتراوح بين 40 و50 مليون دولار.
واضاف: الآن، تتكدس مئات الحاويات في ميناء مومباسا، فيما يبحث المصدرون الكينيون عن حلول لإنقاذ بضائعهم العالقة، وسط تراجع عالمي في أسعار الشاي.
الصادرات السودانية لكينيا
وأشار د.هيثم الي ان السودان يصدر الي كينيا العديد من المنتجات الزراعية ، وبعض المنتجات الغذائية والدوائية. ومن المتوقع أن يؤثر هذا القرار بشكل كبير على التجارة بين البلدين
أداة فاعلة
ونوه د.هيثم محمد فتحي إلى ان السودان يستخدم الحظر كأداة فاعلة
مما يضع المستهلكين السودانيين أمام احتمال ارتفاع الأسعار، لكن هناك دول منتجة للشاي منافسه لكينيا تحركت سريعاً وعرضت ان تكون بديلة للمنتجات الكينية وعلى راسها الشاي، كما ان مصدرو الشاي في كينيا تكبدوا خسائر فادحة جراء الحظر السوداني على الواردات الكينية ، وطالبوا بالتواصل مع الحكومة السودانية لمنح المشترين والمصدرين مهلة شهر لتخليص شحنات الشاي التي تم شحنها من مومباسا.
ومضى إلى القول: “في تقديري الحظر قد يتسبب في عواقب اقتصادية وخيمة على تجارة الشاي في كينيا”.
تأثر الاقتصاد الكيني
وفي السياق ذاته يري عادل الباز رئيس تحرير صحيفة الاحداث أن قرار ايقاف استيراد المنتجات الكينية سيكون تاثيره محدود في الاقتصاد الكينى، لاسيما وان كينيا لها اقتصاد كبير ، و الناتج المحلي الإجمالي لكينيا حوالي 116.32 مليار دولار أمريكي، علما بان السودان يستورد 10% من صادرات الشاى الكينى بمبلغ لايتجاوز (10 ) مليون دولار سنويا.
التأثير الأكبر
وأضاف الباز: “التأثير الاكبر سيكون على العمالة اذ تُعَدُّ صناعة الشاي من أهم القطاعات الاقتصادية في كينيا، حيث يعتمد عليها حوالي 10% من السكان في معيشتهم، وفقًا لوكالة تنمية الشاي الكينية التي تمثل 650 ألف مزارع وتبيع منتجاتهم، وكذلك بدات الاضرار المباشرة 207 حاوية الان بميناء مومباسا مما جعل التجار الكنيين يهرولون إلى السلطات الكينية للاتصال بالحكومة السودانية للتراجع عن القرار”.
التحدي الاكبر
ونوه الباز إلى أن التحدى الاكبر أن يجدوا أسواق لشاى خارج القارة الافريقية وهذا يحتاج لزمن لارتياد افاق اسواق جديدة.
تأثير القرار
وفي السياق نفسه يري محمد ساتي الخبير الاقتصادي ، أن قرار السودان بمنع استيراد الشاي من كينيا لن ستكون له آثار اقتصاديه ضاره بالاقتصاد الكيني لضآلة واردات السودان من الشاي الكيني مقارنة مع دول اخرى مثل باكستان التي تأتي في مقدمة الدول المستورده للشاي الكيني او مصر التي تأتي في المرتبة الثانية.
وأشار ساتي إلى أنه في عام 2023 صدرت كينيا شاي بما قيمته ( مليار وتسعين مليون دولار ) بينما كانت جملة واردات السودان من كينيا حوالي 48.2 مليون دولار (ثمانية وأربعون مليون ومائتي الف دولار منها 29.6 مليون دولار ( تسعة وعشرين مليون وستمائة الف دولار .
قرار سياسي
وأضاف ساتي : “أرى أن القرار سياسي وليس له تأثير اقتصادي وربما يكون له آثار سالبة على الشركات السودانية التي لها علاقات تجارية وعقود استيراد مع جهات كينية”.