أخبار رئيسيةالأخبار

جرائم الدعم السريع.. قراءة في تقريري نيويورك تايمز والجزيرة نت

 

الأحداث – وكالات 

خلصت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية بعد بحث استقصائي استمر لنصف عام إلى أن كل جرائم التقتيل التي وقعت في ولايات الجزيرة ودارفور و كردفان وكافة أنحاء السودان ضد مدنيين عزل، لم تكن من عمل أفراد غير منضبطين مثلما تحاول بيانات تالية للاحداث أن تقول وإنما كانت الفظائع تقع وتحدث بعلم ووجود مجموعة من القادة الميدانيين من القيادة الوسيطة لمليشيا الدعم السريع.

وتؤكد الخلاصات التي توصل إليها تحقيق الصحيفة أن سلسلة القيادة، في الدعم السريع علي علم ودراية مسبقة بكل التقتيل و الفظائع التي أصابت مجتمعات بأكملها أن هذه المسؤولية في نهاية الأمر تجرم القائد الأعلى للدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي).

ونبهت الصحيفة إلى أن أدوارا تلعب بالتنسيق بين القياداة و القواعد إذ يرتكب المسلحون الجرائم و يقوم القادة في الوسط بالنفي و عمل العلاقات العامة لتحسين الصورة بالتبروء من الفظاعات بينما هم فيها غارقون.

وتقول صحيفة نيورك تايمز أن ما حركها لاجراء تحقيق بصري حول جرائم الحرب والابادة الجماعية إبان الحرب الراهنة في السودان – أي أنه تحقيق مستند علي الصورة البصرية التي لا تدع مجالا للشك مصداقا لقولنا (ليس من رأى كمن سمع) أو كقول الفرنجة القدماء “صدق القائل لا ما يقول القائلون” “trust the tale not the tellers”- هو اتهام الولايات المتحدة والأمم المتحدة لكلا الجانبين (الجيش والدعم السريع) بارتكاب جرائم حرب ما يعني هجمات على المدنيين، وتدمير المستشفيات والمدارس، والتجويع والعنف الجنسي كسلاح.

وتساءلت الصحيفة في تقديم لبحثها الاستقصائي: ما مدى سوء هذه الجرائم ومن المسؤول عنها؟ وقالت إن فريق التحقيقات البصرية أراد التحقق ومعرفة ذلك. وجرى هذا التحقيق على مدار ستة أشهر خلصت الصحيفة بعدها إلى ما كان السودان يقوله وهم له غير مصدقين: جرائم منظمة و مقصودة وقعت على مدنيين في السودان، ثم أومات الصحيفة “الان حصحص الحق” ثم نشرت النتائج توثيقا مصوراً لما اكتشفته. ثم أضافت تعليقاً وتعقيباً نصياً علي مخرجات التحقيق.

وقالت الصحيفة إن تركيزها انصب مبتدءاً على جانب واحد: قوات الدعم السريع، والتي وصفتها بأنها “جماعة شبه عسكرية” وذلك لأسباب عدة:

– أولاً، تشير الأدلة إلى أنها كانت ترتكب جرائم ضد الإنسانية.

– ثانيًا، لم يكن لدى المراقبين خارج السودان معرفة جيدة بهذه الجماعة خاصة في المستويات ما دون القيادات العليا ممن يسيرون أمر هذه الجماعة.

– ثالثًا، لم تتم معاقبة القادة المسؤولين (أي ربما لم تجر معاقبة مرتكبي الجرائم لعدم التعرف عليهم) مما يعني أن التحقيق سينصب على القادة الميدانيين أس القرارات ومنبع أوامر التقتيل.

وأشارت الصحيفة إلى أنها بدأت التحقيق انطلاقاً من سؤالين:

– مَن هُم الرجال الذين يقفون وراء المذابح؟

– ماذا نعرف عن انتهاكاتهم؟

وهذه الأسئلة مردها إلى أن قوات الدعم السريع ليست جيشًا نظاميًا، لذلك فهي لا تنشر أسماء وهيكل القيادة الرسمية لقواتها، إلا أن المحققين يقولون إنهم عثروا على شئ يمكن أن يساعد في وضع خطة عملهم وهو:- وفرة وافرة من مقاطع الفيديو توثق للصراع.

والفيديوهات التي وجدوها تنقسم إلى قسمين أي نوعين.

1- كان الضباط يصورون أنفسهم كمدافعين نبلاء عن الديمقراطية في مقاطع فيديو دعائية أنيقة.

2- وفي الوقت نفسه، كان الجنود العاديون ينشرون مقاطع فيديو في مجموعات وقنوات خاصة تظهرهم وهم يسيئون معاملة المدنيين- أي يتباهون بارتكاب الفظاعات علنا.

وتقول الصحيفة في ملخص أولي:-

“كل هذا ساعدنا في تحديد هوية ما لا يقل عن 20 قائدًا من قوات الدعم السريع وتحديد موقع العديد منهم في أو بالقرب من العديد من أماكن ارتكاب الفظائع. لذلك فقد تحققنا من مئات مقاطع الفيديو وحددنا موقعها الجغرافي. وبمساعدة آخرين – متخصصين في السودان، ومحققين من الأمم المتحدة، وخبراء في الجماعات شبه العسكرية، وباحثين في مركز مرونة المعلومات – أمكننا ان نوضح يقيناً أن قادة الدعم السريع كانوا يوجهون المسلحين الذين قاموا بانتهاك قوانين الحرب مرارًا وتكرارًا.”

وتعلق الصحيفة قائلة إن هذا العمل كان شاقا فقد تحصلت على مقطع فيديو لقائد يُفترض أنه شارك في الهجوم الذي وقع في أكتوبر 2024 والذي أسفر عن مقتل 100 شخص في قرية بولاية الجزيرة. ومن خلال مقارنة أنواع الأشجار وأعمدة الكهرباء والهاتف وأبراج الاتصالات وأكوام الحشائش المقطوعة حديثاً بصور الأقمار الصناعية الأرشيفية القديمة، تمكنا من التحقق من الموقع بدقة. وقد أثبت ذلك أن هذا القائد ومقاتليه كانوا في تلك المنطقة في ذلك التوقيت.

وتشرح الصحيفة أن محققيها لم يعتمدوا على الأدلة الجنائية البصرية فقط. ذلك للخطورة الكبيرة المرتبطة في أجزاء كبيرة من السودان بالحصول على مثل تلك الأدلة والإبلاغ عنها ولكنهم تحدثوا إلى العديد من الشهود وضحايا العنف. وقد فر بعضهم إلى معسكرات النازحين واللاجئين في تشاد التي أصبحت الآن موطناً لـ 700 ألف لاجئ سوداني.

“وقد أكدت شهاداتهم نمط الانتهاكات التي ارتكبها هؤلاء المسلحين.”

ووأضافت الصحيفة أنهم تحدثوا حتى إلى أحد القيادات الوسيطة من الدعم السريع في الفاشر ــ إحدى النقاط الساخنة في الصراع ــ الذي قدم تفاصيل عن اثنين من القادة الذين حددناهم في مقاطع الفيديو وأكد أنهما “كانا يتلقيان الأوامر من كبار قادة قوات الدعم السريع” لكنه حاول التملص عندما قلنا إن تلك المجموعة استهدفت مدنيين قتلاً”

و تعلق الصحيفة تعليقاً طريفاً إذ قالت: “من الصعب أن نعرف ما إذا كان هذا الصراع سينتهي أو متى سينتهي. فقد توسطت واشنطن في محادثات السلام في أغسطس، لكن لم يشارك أي من الجانبين فيها. وفي الوقت نفسه، عملت القوى الأجنبية بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة على تسخين الصراع بإرسال الأسلحة”، كما أفاد المحققان زملائي ديكلان والش وكريستوف كويتل”. أي أنها مرة أخرى تصل لنتيجة قالت بها الحكومة و كررها و أعادها سفير السودان لدى الأمم المتحدة الحارث إدريس : إن أردتم إيقاف الحرب فامنعوا الامارات من تزويد المليشيا بالأسلحة.

و تضيف الصحيفة إن هذه الفيديوهات التي جمعت من كل حدب و صوب قد “تصبح في نهاية المطاف دليلاً على انتهاكات القانون الدولي”. وقد ناشد المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية العام الماضي الناس علي جمع أدلة حول الفظائع الناجمة عن الصراع في منطقة دارفور بالسودان.

 

و تقول الصحيفة “أخبرتنا بيث فان شاك، المسؤولة العليا في وزارة الخارجية التي تركز على العدالة الجنائية العالمية، “إن المحكمة الجنائية الدولية هي في الوقت الحاضر اللعبة الوحيدة في الساحة عندما يتعلق الأمر بالمسؤولية الجنائية الفردية”. وقالت إن واشنطن ستنظر في مقترحات لتوسيع ولاية المحكمة الجنائية الدولية الحالية، والتي تقتصر على دارفور، لتشمل البلاد بأكملها. و لكن الصحيفة تعلق أن الرئيس الامريكي المنتخب دونالد ترمب كان ابان ولايته الأولى، فرض عقوبات على تلك المحكمة وبعض موظفيها. ومن غير المرجح أن تفضل إدارته إرسال قضية جديدة للمحكمة الجنائية الدولية. وتضيف الصحيفة أنه حتى لو حدث ذلك، فإن العدالة الدولية تتحرك ببطء شديد.

التحقيق المصور

ملخص التحقيق المصور في التحقيق الإستقصائى الذي إستغرق 6 أشهر أوضحت فيه نيويورك تايمز أنها كشفت بالأدلة جرائم حرب ارتكبها “الدعم السريع” وحددت اسماء القادة المسؤولين عنها

و قالت الجزيرة نت، التي استعرضت التقرير بتاريخ الاول من يناير 2025 أن الصحيفة (نيويورك تايمز الأميركية) نشرت أدلة مدعومة بمقاطع فيديو، جمعها فريق التحقيقات المرئية التابع لها، توثق فظائع قالت إن قوات الدعم السريع ارتكبتها في السودان خلال عام ونيف منذ اندلاع الحرب بينها وبين الجيش السوداني في 15 أبريل 2023.

وتكشف الأدلة المرئية التي جمعتها الصحيفة الأميركية وحللتها على مدى -6 أشهر، هويات قادة قوات الدعم السريع الذين كان مسلحوهم يرتكبون “فظائع” تحت أنظارهم في جميع أنحاء السودان.

وقالت إن هذا التحقيق الاستقصائي الموثق بلقطات مصورة، أتاح لها تحديد 10 من قادة قوات الدعم السريع أثناء إشرافهم على جرائم حرب محتملة وتحديد مواقع العديد من مسارح عملياتهم الأخرى، منوهة إلى أن قائدهم الأعلى الفريق محمد حمدان دقلو الشهير بحميدتي، هو الذي قد “يتحمل المسؤولية الكاملة.”

وقال تلخيص الجزيرة نت إنه ومع أن الأمم المتحدة كانت اتهمت الجانبين بارتكاب انتهاكات، فإن التحقيق الاستقصائي الذي أجرته نيويورك تايمز على مدى 6 أشهر، أظهر أن مليشيا الدعم السريع ترتكب “فظائع ممنهجة في كل ربوع السودان، بما في ذلك التطهير العرقي الذي تنفذه في الغالب تحت أنظار قادتها”.

ومن خلال تحليل العشرات من مقاطع الفيديو الدعائية المعدّة بمهارة والتي تروِّج لقادة المليشيا شبه العسكرية بأنهم أناس محبون لعمل الخير، قام فريق التحقيقات المرئية بالصحيفة بتحديد هيكلية القيادة التي تضم ما لا يقل عن 20 شخصية رئيسية والمناطق التي يعملون فيها.

ووفقا للتحقيق الاستقصائي، فإن مقاتلي قوات الدعم السريع، الذين يخضعون لإمرة هؤلاء القادة، غالبا ما يصورون الفظائع التي يرتكبونها بأنفسهم، وهي أدلة قد تُعرِّض الجناة للمحاسبة يوما ما.

ولهذا السبب، تقول الصحيفة إنها تعاونت مع باحثين في مشروع “سودان ويتنس” (Sudan Witness Project) – الذي يديره “مركز مرونة المعلومات”، وهو منظمة غير ربحية مقرها المملكة المتحدة – لجمع مقاطع الفيديو هذه أثناء تحرك قوات الدعم السريع عبر السودان.

كما قامت بتحليل دوي الطلقات النارية والصور التي التقطتها الأقمار الصناعية، وأجرى فريق التحقيقات المرئية مقابلة مع أحد قادة الدعم السريع في جبهة القتال.

و حدد الاستقصاء 3 أنواع من الانتهاكات حيث تحدثت نيويورك تايمز إلى شهود عيان على الحرب من خلال الشراكة مع “شبكة عاين”، وهي مجموعة من المراسلين الذين يعملون في السودان دون الكشف عن هوياتهم.

وبجمع كل تلك الأدلة، استطاع فريق الصحيفة الأميركية أن يتتبع الخطط التي تنتهجها قوات الدعم السريع في تنفيذ عملياتها “الإرهابية” في العديد من الولايات، وتحديد أماكن وجود قادتها في مواقع ارتكابها جرائمها أو بالقرب منها.

وأشارت الصحيفة إلى أنها وثقت 3 أنماط عامة من الانتهاكات، مثل إعدام الأسرى العزل، وإحراق المجتمعات المحلية عمدا، والاعتداء المباشر على المدنيين، بما في ذلك العنف الجنسي.

ولاحظت أن مقاتلي الدعم السريع يمكن التعرف عليهم من خلال زيهم الرسمي الذي يتميز بتمويه خفيف، وعمائمهم المعروفة باسم الكدمول، مشيرة إلى أن فريقها من الصحفيين الاستقصائيين كثيرا ما كانوا يسمعونهم وهم يستخدمون لغة “تطهير عرقي”.

ورغم أن الجيش السوداني متهم هو الآخر بارتكاب جرائم، فإن نيويورك تايمز تقول إن التحقيق الذي أجراه فريقها “وثق انتهاكات ارتكبتها قوات الدعم السريع على نطاق واسع قد ترقى إلى مستوى جرائم ضد الإنسانية”.

وأفادت أن أحد قادة المليشيا شبه العسكرية، الذي وُجد في مسارح العديد من الفظائع، يُدعى حسين برشم وهو عادة ما يدير المعارك في ولاية كردفان الكبرى. وقالت إنه شوهد في أكتوبر عندما استولت قوات الدعم السريع على مطار منطقة بليلة وحقل نفط رئيسي قريب منه، على بعد 55 كيلومترا جنوب غربي مدينة الفولة عاصمة ولاية غرب كردفان.

 

وهناك كان برشم يحتفل بالنصر أمام مبنى المطار، لكن الفيديو الذي تم تصويره على الجانب الآخر يظهر جنوده وهم يعدمون مجموعة من الأسرى، حتى إن أحد مسلحيهم كان يطلق النار على أكوام من الجثث على الأرض. وكان بقية المقاتلين يتحلقون حولها وهم يصفقون لقتلهم 14 شخصا، كان العديد منهم يرتدي الزي العسكري للجيش السوداني.

وتفيد الصحيفة أن إعدام هؤلاء الأسرى العزل الذين كانوا يدافعون عن المطار، يعد جريمة حرب، مضيفة أن صورة التقطت بالأقمار الصناعية في 30 أكتوبر الماضي تظهر موقع الإعدام حيث كان برشم يقف على بعد 100 ياردة فقط، وهو من سيتحمل -“بموجب قوانين الحرب”- المسؤولية إذا كان هو من أمر بتنفيذ هذه “الجريمة”.

وبعد 8 أشهر من تلك العملية، شاهد فريق التحقيق برشم أثناء تنفيذ عملية إعدام أخرى وهو يقف بجانب 3 آخرين من قادة الدعم السريع، هم صالح الفوتي والتاج التجاني وقائد ميداني اسمه الحركي جون قرنق.

وفي الفولة عاصمة ولاية غرب كردفان، شاهد فريق نيويورك تايمز، في 20 يونيو الماضي، أرتالا من مقاتلي الدعم السريع يدخلون المدينة، وينتشرون في شوارعها وهم يهتفون ويتباهون بقتلهم الرجال، ويهددون آخرين وقعوا في أسرهم.

كان المئات من الجنود السودانيين المدافعين عن الفولة قد أخلوها متجهين جنوبا في وقت سابق من ذلك اليوم، واجتاحت مليشيا الدعم السريع المدينة بسهولة. وهناك كان برشم واقفا بينهم بمعية التاج التجاني. وفي مكان قريب، تجمع مقاتلون حول صالح الفوتي. وأثناء الهجوم، طوّقت قوات الدعم السريع 20 رجلا واقتادتهم إلى خارج المدينة.

تدمير مجتمعات كاملة

و تقول الجزيرة نت في تقريرها نقلا عن الصحيفة الأمريكية أن من أشهر وقائع الحرب، إعدام والي غرب دارفور آنذاك، خميس أبكر، على يد مليشيبا الدعم السريع التي كانت قد ألقت عليه القبض في يونيو 2023. وأظهر مقطع فيديو تم تصويره بعد ساعات من ذلك، جثته وهي غارقة في دمائه، وذلك بعد أن أجبره قائد يُدعى عبد الرحمن جمعة بارك الله على الدخول إلى أحد المباني.

ولم تسلم مدينة كُتُم في شمال دارفور من بطش قوات الدعم السريع، التي دمّرت مجتمعات كاملة هناك منذ أكتوبر الماضي.

وفي “التكمة” القريبة من مدينة الدلنج في ولاية جنوب كردفان، حدد فريق التحقيقات المرئية مقاتلين من الدعم السريع متلبسين بإضرام النيران في المنازل والمحلات التجارية، ودمروا نصف مباني القرية.

وفي قرية السدرة بولاية شمال كردفان، شوهد أحد قادة المليشيا وهو يشرف على حرقها وبجواره قائد ميداني يُدعى “قُجّة” يتفاخر والنيران تأكل مزيدا من الأكواخ.

وأوضحت نيويورك تايمز أن قجة ليس القائد الوحيد المتورط في تكتيكات الأرض المحروقة، لافتة إلى أن فريقها من الصحفيين الاستقصائيين اكتشفوا وجود 4 من القادة الآخرين وهم يوجهون قواتهم خلال هجوم مميت دام شهرا و هم: النور القبة وجدو حمدان أبو شوك، وكلاهما من كبار القادة، وعلي رزق الله والزير سالم، وكلاهما من القادة الميدانيين الأقل رتبة، وجميعهم أشرفوا طيلة أسابيع، على حملة “وحشية” للاستيلاء على عاصمة الولاية، الفاشر، من الجيش السوداني والقوات المتحالفة معه.

وقد حاصر مقاتلو الدعم السريع المدينة، وأحرقوا عشرات القرى النائية في هجمات استهدفت قبيلة الزغاوة.

وفي منطقة طويلة بولاية شمال دارفور غربي السودان، أرغم الحصار الخانق امرأة حبلى في شهورها الأخيرة – قالت نيويورك تايمز إن اسمها إخلاص آدم علي الحاج – على الفرار حيث وصلت إلى قرية قريبة من سد “قولو” حيث شوهد قائد منطقة شمال دارفور من المليشيا، علي رزق الله، يخبر المارة بعدم المغادرة، وأنهم في أمان. ورغم أن السد هو المصدر الرئيس لتزويد المنطقة بالمياه، فإن رزق الله أمر بإغلاقه.

وأوردت الصحيفة أن قائدا ميدانيا من قوات الدعم السريع في الفاشر أخبرها بأن أولئك القادة الكبار هم المسؤولون عما حدث هناك، وليس أدل على ذلك من وجودهم معا أثناء حرق القرية كلها.

ومع أن قائد قوات الدعم السريع نفى مسؤوليته عن تلك الحرائق، وألقى باللوم على الجيش السوداني، فإن نيويورك تايمز قالت إنها بعد تحليل المقاطع وجدت أن هناك بعض المؤشرات تدل على أن تلك العمليات تتوافق مع تكتيكات الأرض المحروقة التي تتبعها قوات الدعم السريع.

ونقلت عن باحثين من مختبر الأبحاث الإنسانية في جامعة ييل أن هذا دليل على هجوم بري مستهدف. وبحلول شهر أغسطس، كان أكثر من 20 ألف مبنى قد تضرر أو دُمر أو أتت عليه النيران. ويتركز الدمار بشكل كبير في الجزء الشرقي من مدينة الفاشر، “وهي المنطقة التي تتقدم فيها قوات الدعم السريع”.

“وترى الصحيفة الأميركية أن وجود القادة الكبار، من أمثال القبة وأبو شوك – وهو أحد أقارب حميدتي – يدل على مدى أهمية المدينة بالنسبة لقوات الدعم السريع، ويربطهم عن غير علم بهذه الفظائع وتُظهر فيديوهات “لا حصر لها” مقاتلين من قوات الدعم السريع وهم “يجلدون الناس، وينكلون بهم، وأحيانا يطلقون النار عليهم”.

ووفقا لتقرير الجزيرة نت حول القصة الاستقصائية فإن الأدلة التي جمعها فريق الصحيفة للتحقيقات المرئية لم تقتصر على إقليمي دارفور وكردفان وحدهما، بل شمل أيضا عمليات العنف التي تعرضت لها ولاية الجزيرة بوسط البلاد.

وجاء في التحقيق الصحفي أن قوات الدعم السريع ظلت تهاجم المدنيين في الجزيرة بعد انشقاق أبو عاقلة كيكل الذي كان قائدا ضمن تلك المليشيا. وفي موجة انتقامها منه، استهدفت القبيلة التي ينتمي إليها.

*عنف جنسي*

ومضت نيويورك تايمز إلى القول إن الأدلة التي جمعتها عن هجمات المليشيا على مناطق ولاية الجزيرة، تتطابق مع روايات متعددة عن نوع آخر من الانتهاكات، وهو العنف الجنسي، ناقلة شهادات أدلت بها ناجيات لخبراء أجرت معهن الصحيفة مقابلات، من بينهن هالة الكارب، رئيسة منظمة “صيحة” السودانية للدفاع عن النساء.

كما تلقى فريق هالة الكارب شهادات عن حالات اغتصاب حدثت في عدة بلدات في الجزيرة، خاصة في المنطقة التي ينتمي إليها كيكل، وهي تمبول ورفاعة والأزرق من بين القرى التي يتباهى مقاتلو الدعم السريع بتدميرها.

لكن الصحيفة تشير أيضا إلى أن شهود العيان نادرا ما يتحدثون بشكل مباشر عن العنف الجنسي، خوفا على الضحايا و الوصمة الاجتماعية.

ولفتت إلى أن منظمة “هيومن رايتس ووتش”، والأمم المتحدة، وجماعات أخرى وثقت حالات عنف جنسي في 5 ولايات على الأقل في السودان منذ اندلاع الحرب.

ورغم ذلك، فإن نيويورك تايمز تؤكد أنه على الرغم من مرور عقود على الإبادة الجماعية في إقليم دارفور، فإن شخصا واحدا فقط -تقصد علي كوشيب – هو الذي يمثل الآن أمام المحكمة الجنائية الدولية.

لكن هناك احتمالا أقوى الآن – برأيها – للمساءلة، “فأشرطة الفيديو التي يعتبرها المقاتلون بمثابة تذكارات لانتصاراتهم، سيستخدمها المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية دليلا ضدهم”.

نقلا عن موقع “المحقق” الأخباري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى