تقرير دولي: شبكة مصالح تربط دولًا خليجية وميليشيات سودانية في اقتصاد حرب متسع

كشف تقرير جديد للباحث الدولي جوشوا كريز عن تشكّل ما وصفه بـ”اقتصاد حرب” واسع في السودان، يربط بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني ودول خليجية تستفيد بشكل مباشر من استمرار الصراع، في وقت يعيش فيه السودان أسوأ أزمة نزوح في العالم ويواجه ملايين المدنيين خطر المجاعة والمرض.

ووفق التقرير، فإن سقوط مدينة الفاشر بعد حصار استمر 18 شهرًا لم يكن مجرد تحول عسكري، بل محطة كشفت نمطًا ثابتًا من استغلال الفوضى لتحقيق مكاسب مالية. فخلال الأيام الأخيرة قبل سقوط المدينة، احتجزت قوات الدعم السريع مدنيين حاولوا الفرار وطالبت بفدية لإطلاق سراحهم، كما فرضت رسومًا باهظة على طرق الخروج، بينما ظهرت البضائع المنهوبة من المنازل والمتاجر في أسواق نيالا خلال أيام.

ويشير التقرير إلى أن الحرب أدت إلى تضاعف صادرات الذهب السوداني إلى الإمارات، بينما ارتفعت صادرات الماشية إلى دول الخليج، رغم تدمير البنية الاقتصادية في معظم مناطق البلاد. ويمثل هذا الواقع مفارقة لافتة: فبينما يخوض الجيش والدعم السريع معارك طاحنة، يستفيد الطرفان اقتصاديًا من تدفقات الذهب والماشية. إذ تسيطر قوات الدعم السريع على المناجم ومسارات التهريب في دارفور وكردفان، فيما يضمن الجيش مرور الصادرات عبر ميناء بورتسودان الخاضع لسيطرته.

كما يقدّم التقرير تفاصيل جديدة حول خطوط الإمداد العسكري التي غذّت الحرب خلال العامين الأخيرين. فالإمارات، بحسب الباحث، وفّرت لقوات الدعم السريع مدفعية صينية ودفاعات جوية وطائرات مسيّرة ومحركات بريطانية، إضافة إلى مرتزقة كولومبيين وصلوا عبر تشاد وميناء بوصاصو في بونتلاند.

ويصف التقرير هذا التداخل بأنه خلق “توازن قوى مصطنعًا” يمنع أي حسم عسكري لكنه يضمن استمرار الحرب، لتتحول الجغرافيا السودانية إلى نقطة التقاء جماعات مسلحة ودول إقليمية لديها مصالح اقتصادية تمتد من الذهب إلى الماشية وصولًا إلى النفوذ العسكري والسياسي.

كما لفت التقرير إلى مشهد اعتبره نموذجًا لفشل الجهود الدولية، إذ ظهر القونى حمدان دقلو، الشقيق الأصغر لحميدتي والمشمولة عليه عقوبات أمريكية، داخل فندق والدورف أستوريا في واشنطن خلال جولة محادثات نهاية أكتوبر، بينما كانت الفاشر تتعرض لقصف مكثف. وبحسب كريز، يعكس هذا التناقض محدودية قدرة واشنطن على التأثير في مسار الحرب أو ضبط تحركات الفاعلين الرئيسيين فيها.

ويخلص التقرير إلى أن توصيف الصراع بأنه حرب بين جنرالين يبسط الواقع إلى حد التضليل، إذ تحوّلت الحرب إلى منظومة اقتصادية تربح منها المليشيا والدول الداعمة لها، بينما ينهار السودان سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا. ويرى الباحث أن هذه البنية تمنح الحرب القدرة على الاستمرار دون أفق واضح، لأن مكاسبها لا ترتبط بنتائجها العسكرية، بل بالفوضى التي تولّدها

Exit mobile version