تقارير

تصنيع مدرعات قتالية إماراتية في شرق ووسط أفريقيا يثير جدلاً

وقع رئيس مجلس إدارة مركز تكنولوجيا السيارات في تنزانيا، الفريق “وياجونيا ماثيو كيسامبا”، والرئيس التنفيذي لشركة استريت قروب الإماراتية، لتصنيع وإصلاح وبيع المركبات القتالية المدرعة “جيرمان جوتوروف”، وبحضور وزيرة الدفاع التنزانية، “ستيرغومينا لورانس تاكس” ، أول من أمس (الثلاثاء) إتفاقية لتصنيع مركبات قتالية، ذات منشأ كندي في تنزانيا، في خطوة بدأت تثير جدلاً واسعاً في شرق أفريقيا، على خلفية الاتهامات الموجهة من مؤسسات دولية لكل من الإمارات وكندا بالمساهمة في زيادة اشتعال الحروب في عدد من مناطق النزاعات في أفريقيا.

الرواية الرسمية:

 

وفي بيان صحفي صدر (الثلاثاء) أوضحت السيدة ستيرغومينا لورانس تاكس، وزيرة الدفاع التنزانية، أن الاتفاقية الموقعة بضاحية كيباها غربي العاصمة التجارية دار السلام مع الشركة الإماراتية “تؤسس لمرحلة جديدة من التصنيع الحربي في بلادها”، وقالت: سنبدأ بالمركبات العسكرية، لكن النطاق سيتسع ليشمل المركبات الأخرى، ومن ثم التصدير داخل سوق شرق إفريقيا، وحثت التنزانيين على اغتنام الفرصة !!

وأضافت في بيانها أن المناقشات بشأن الاتفاقية بدأت في عام 2022، وشارك فيها خبراء من كلا الجانبين، قبل التتويج بالتوقيع الرسمي، وتوقعت الوزيرة أن تعزز الاتفاقية القدرات التكنولوجية المحلية، وتخلق فرص عمل للمهندسين والفنيين، وتضع تنزانيا كمركز للتصنيع الدفاعي في أفريقيا.

من جانبه قال رئيس مجلس إدارة مركز تكنولوجيا السيارات في تنزانيا، الفريق (متقاعد) وياجونيا ماثيو كيسامبا، إن الاتفاقية تعد الأولى من نوعها في أفريقيا، كما أنها خطوة من شأنها تعزيز كل من النمو الصناعي والأمن القومي.

واعتبر أن المبادرة ستفيد الشباب التنزانيين بشكل خاص، وخاصة خريجي المعاهد التقنية، و ستوفر للشباب التنزانيين إمكانية الوصول المباشر إلى تكنولوجيا السيارات المتقدمة، ونقل المهارات، والتوظيف.

وقال الجنرال جاكوب جون مكوندا قائد القوات التنزانية إن المشروع استثمار استراتيجي في الأمن القومي، ويعكس طموح تنزانيا في الاعتماد على الذات عسكريًا وتكنولوجيًا، وأشار إلى أن مجموعة استريت ستنقل الخبرة إلى المهندسين المحليين، مما يحقق فوائد طويلة الأجل للبلاد.

أما الرئيس التنفيذي لمجموعة استريت، جيرمان غوتوروف، فقال إنه تم اختيار تنزانيا لمزاياها الاقتصادية والسياسية والجغرافية، مما يجعلها قاعدة مثالية لتوزيع المركبات المدرعة في جميع أنحاء شرق ووسط إفريقيا، مشيراً إلى أن مجموعة استريت هي شركة عالمية رائدة في تصنيع المركبات المدرعة، ومملوكة للقطاع الخاص، ولديها 5 منشآت إنتاج متطورة، وتنتج تشكيلة واسعة من المركبات بعناية فائقة لتوفير حماية كاملة وفعالة في جميع الظروف. وتشمل ناقلات جند مدرعة ، ومركبات فاخرة، مصممة حسب الطلب، ومركبات أمنية.

واحدة من أخطر الاتفاقيات:

 

واعتبر خبير عسكري، تحدث لموقع “المحقق” الإخباري، أن هذه الاتفاقية تعد من أكثر الاتفاقيات التي توقعها جمهورية تنزانيا إثارة للجدل ، لا لكونها تتصل بمجال التصنيع الدفاعي، الذي هو من حق أي دولة، ولكن لأن مجموعة استريت جروب التي تأسست في كندا عام 1992، والتي تعد واحدة من أكبر مصنعي المركبات المدرعة في العالم، تواجه اتهامات بانتهاكات خطيرة لنظام بيع الأسلحة، منذ نحو عشر سنوات.

وأشار الخبير إلى تقرير صادر عن لجنة خبراء تابعة للأمم المتحدة عام 2016م أكد أن تصدير مركبات استريت إلى بعض الدول التي تشهد نزاعات مسلحة يُشكّل انتهاكًا لحظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة، مشيراً إلى أنه في وقت سابق فرضت الولايات المتحدة غرامة قدرها 3.5 مليون دولار أمريكي على شركتين تابعتين لاستريت، بالإضافة إلى غرامة قدرها 250 ألف دولار أمريكي على السيد غوتوروف نفسه، لبيعه مركبات مصنعة في الولايات المتحدة إلى فنزويلا ونيجيريا والعراق وأفغانستان دون تصاريح تصدير بعد تزويدها بالفولاذ الباليستي والزجاج المضاد للرصاص.

مركبات الشركة في أيدي مرتزقة:

 

ووفقاً لصحيفة (ذا غلوب آند ميل) فإن مجموعة استريت أسسها ويرأسها رجل الأعمال الكندي جيرمان غوتوروف، وقد تم رصد مركباتها وهي تشارك في قتال مرتزقة وجماعات مسلحة في عدد من الدول التي تعاني صراعات مسلحة.

ويعتبر دخول هذه المركبات المصفحة والمدرعة إلى أسواق شرق أفريقيا التي تعاني بعض أجزائها من صراعات دامية من شأنه أن يؤجج العنف ويُقوّض السلام في مناطق النزاع، إذ لم تلتزم الشركة بالضوابط الدولية لتدفق السلاح، لاسيما وأنها تعتزم بناء مصنع مماثل للمصنع الموجود في دولة الامارات العربية.

حرب السودان في الصحافة التنزانية:

 

،ونشرت صحيفة الغارديان التنزانية الصادرة أول من أمس (الثلاثاء)، تقريراً بشأن تورط الإمارات في حرب السودان، ووفقاً للصحيفة، قدّم السودان شكاوى رسمية إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، متهمًا الإمارات العربية المتحدة بتجنيد المرتزقة وتمويلهم ونشرهم، وتتضمن الادعاءات استخدام قوات الدعم السريع لمركبات مدرعة إماراتية الصنع، مثل ناقلات الجنود المدرعة “نمر عجبان”، المجهزة بأنظمة “جاليكس” الفرنسية، ومن التقارير المهمة أيضاً “نشر مركبات مدرعة من شركة كندية في ترسانة قوة شبه عسكرية سودانية متهمة بارتكاب إبادة جماعية، وفقاً لصور ومقاطع فيديو جديدة من البلد الذي مزقته الحرب”.

وتُضيف الصحيفة: “تظهر الصور المركبات المدرعة في مناطق حرب بالسودان، بما في ذلك إقليم دارفور، حيث كانت تقلّ مقاتلين من قوات الدعم السريع، وهي ميليشيا ارتكبت مجازر وفظائع على نطاق واسع في دارفور وأماكن أخرى بالسودان”.

ووفقاً لتقرير الغارديان حدد خبراء أسلحة مستقلون أن المركبات هي من طرازات شركة استريت جروب، واستشهدت بتقرير صحيفة (ذا غلوب آند ميل) الذي أكد بيع ستريت لعشرات المركبات المدرعة إلى ليبيا والسودان وجنوب السودان، على الرغم من الحظر الدولي على مبيعات الأسلحة إلى تلك الدول.

مخاوف من إطالة أمد النزاعات:

 

وفي الوقت الذي تبذل فيه جهود دولية لتسوية النزاعات في أفريقيا، و “إسكات البنادق” أبدى مراقبون لنشاط الجماعات الخارجة عن القانون، مخاوفهم بشأن خطوة تنزانيا لاستضافة مصنع الشركة الاماراتية التي لا تتقيد بالاعراف والقوانين الدولية والدخول في سوق الصناعة القتالية ما قد يوسع دائرة العنف والقتال في مناطق النزاعات بجنوب وشرق افريقيا، كما أن الشركة وفي هذا الموقع بلا شك ستستفيد بقربها من مناطق المعادن الاستراتيجية والتي تسيطر علي معظمها الجماعات المتمردة والمسلحة كحركة 23 مارس في الكنغو الديمقراطية وحركة الشباب في موزمبيق والصومال ومواصلة إمداد المليشيا عبر جنوب السوداب لإطالة أمد الصراع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى