تراجع صادرات وواردات السودان ..الحرب والسياسات الخاطئة

تقرير – رحاب عبدالله
تسببت الحرب التي اندلعت في السودان بين مليشيا الدعم السريع والجيش السوداني منذ منتصف ابريل 2023، في احداث صدمة كبيرة للاقتصاد في جميع قطاعاته وتركت أثارا مدمرة ، إذ قدر الخبراء خسائره بنحو 200 مليار دولار منذ اندلاع الحرب.
فتأثرت كل مؤشرات الاقتصاد إذ ارتفع معدل التضخم وتراجع سعر صرف العملة الأجنبية الذي وصل 2660 جنيها، وتراجعت معدلات النمو الاقتصادي فتراجعت إيرادات الدولة بنسبة 85%.
ولم تسلم الصادرات والواردات السودانية من آثار الحرب، إذ تراجعت الصادرات بشكل كبير؛ بسبب تأثير الحرب على المنافذ التصديرية، وانخفض إجمالي التجارة في السلع والخدمات بين السودان والمملكة المتحدة بنسبة 44.8% حتى نهاية الربع الأول من عام 2024.
وقال وزير التجارة السابق الفاتح عبدالله يوسف، إن عجز الميزان التجاري في الربع الأول لهذا العام بلغ 4.8 مليارات دولار، وأضاف أن “الصادرات في الربع الأول من 2024 بلغت 3.8 مليارات دولار فيما بلغت الواردات 8.6 مليارات دولار”.
*تقليل الواردات*
في وقت أكد الخبير الاقتصادي محمد آدم أبو البشر تأثير الحرب على قطاع الصادرات ،حيث أدت إلى انخفاض جودة وكميات السلع المصدرة بسبب نقص المواد الخام وتراجع الطاقة الانتاجية خاصة للسلع المصنعة.
وأكد البشر في ورقة تحليل وتشخيص معوقات الصادرات السودانية التي قدمها في المنتدى الاقتصادي ببورتسودان أن ذلك أدى لانخفاض صادرات الصمغ العربي، اللحوم، الفول السوداني والسمسم مما افقدها قدرتها التنافسية في الأسواق العالمية في المدى الطويل وذلك بسبب عدم تزويد الموردين بهذه السلع ولجوئهم إلى دول أخرى منافسة كما تأثرت طرق النقل خاصة الطرق الأساسية والمطارات (مطار الخرطوم) مما أعاق تدفق وانسياب الصادرات إلى الأسواق خاصة اللحوم إلى دول الخليج وصادر الذهب والذي تأثر بصورة أقل من الصادرات الأخرى وذلك لعدم تأثر الإنتاج بصورة مباشرة من الحرب لتواجده في الولايات الآمنة ، زيادة تهريب السلع إلى دول الجوار، وذلك رغما عن الأثر الإيجابي الذي يمكن أن يحدث من انخفاض العملة وقطاع الصادرات بسبب انخفاض اسعار السلع محليا وتكون الأسعار جاذبة في السوق العالمي مما يزيد من إجمالي الصادرات الا أن ذلك لم يحدث بسبب تدهور البنية التحتية الداخلية وانقطاع إمداد السلع إلى السوق المحلي.
*انخفاض الواردات*
وأشار إلى أن الحرب أثرت على تقليل الواردات من السلع الضرورية كالوقود والمواد الغذائية والأدوية بسبب تقييد الواردات خاصة الأشهر الأولى للحرب الا أن الوضع تغير حاليا وحددت الحكومة عدد 10 سلع ضرورية وسهلت إجراءات استيراد الدقيق ، السكر ،العدس، الارز، المواد الغذائية ، لبن بودرة وصلصة ، أدوية ومستحضرات الأدوية والوقود، واثرت على زيادة تكاليف الشحن والتأمين بسبب المخاطر مما أدى إلى زيادة تكلفة الواردات بصورة واضحة مما انعكس بالتالي على ارتفاع أسعار السلع المستوردة ، انخفاض قيمة الجنيه السوداني مما أدى إلى ارتفاع تكلفة الواردات وادت إلى تضخم الاسعار ، بالإضافة إلى لجوء المواطنين إلى استثمار أموالهم في شكل عملات صعبة وذلك بشراء الدولار بأي سعر لخوفهم من فقدان مدخراتهم مما أدى إلى دخول الكثير من المضاربين.
*تراجع الصادرات بنحو 60%*
ويقول المحلل الاقتصادي هيثم محمد فتحي،في حديثه ل(الاحداث) إن الصادرات السودانية تراجعت بنحو 60% مع إغلاق مطار الخرطوم، فضلا عن توقف العمل بمعظم الموانئ الجافة ونقاط التجارة الحدودية، مع اضطرابات سلاسل التوريد الناتجة عن الحرب، مما أدى إلى تراجع عائدات الصادرات من العملات الصعبة.
*سياسات تهزم الصادر والوارد*
ورغم إقرار أمين المال السابق بالغرفة القومية للمستوردين باتحاد الغرف التجارية هاشم الفاضل بتأثير الحرب على الصادر والوارد الا أنه انتقد سياسات الدولة التي عدها في حديثه ل(الاحداث) تفاقم من المشكلة واستدل على ذلك بزيادة سعر الدولار الجمركي باستمرار إلى أن وصل 2000 جنيه.
من ناحيته كشف آمين المال باتحاد الغرف التجارية السابق
وعضو لجنة طوارئ المستوردين والمصدرين بالبحر الأحمر
إبراهيم ابوبكر الصديق عن خروج معظم المصدرين من السوق بسبب الحرب وتعنت بنك السودان المركزي ، مبينا في حديثه ل(الأحداث) أن العدد الفعلي للشركات العاملة في مجال الاستيراد والتصدير وأنها لا تتعدى 2000 شركة بالاضافة إلى حظر بنك السودان 80% من المصدرين مشيرا ان الغرفة تسعي إلى أن يتم الدفع عبر الشبكة الموحدة لضبط الواردات وتغير شهادات المنشأ لشهادات مدمجه ضد التزوير ووضع كود بالإضافة للتوقيعات الالكترونية .
وقال إن الغرفة ناقشت تلك المعوقات مع وزير المالية د. جبريل إبراهيم وكذلك ايقاف السعودية للتحويل بسبب الأوضاع الأمنية وأن معظم تجار المواشي أموالهم محجوزة بالبنوك السعودية.
من جانبه أكد الخبير المصرفي د.عمر محجوب في حديثه ل(الأحداث) بان هذه الحرب تسببت في خسائر فادحة للاقتصاد السوداني الذي يعاني من التراجع المستمر منذ العام 2006، فكانت الصادرات احد القطاعات التي تضررت نتيجة للحرب فتعطل المصانع نتيجة لتدميرها وتوقفها عن العمل اثر على حجم صادرات القطاع الصناعى، واردف”اعتقد لاتوجد الان اى صادرات من الانتاج الصناعى”.
منوها الى تأثر قطاع الانتاج الزراعي نتيجة للحرب واجتياح اهم مناطق الانتاج وسرقة المخزون، كما تقطعت سبل النقل والمواصلات وهذا اثر على صادرات السمسم، والفول السودانى، والزيوت، والصمغ، والبصل والأعلاف، كما تأثر قطاع الانتاج الحيواني بشقيه الانتاج الحى والمذبوح، كما تأثر قطاع التعدين بما في ذلك البترول الذى خرجت منه عشرة حقول للانتاج.
اما فيما يخص الواردات اشار الى تأثره بشده خاصة استيراد المواد الخام اولا بسبب خروج المصانع عن الانتاج، وتدهور قيمة الجنيه،
وأثر ايضا على الواردات تحديد الحكومة لعدد من السلع المسموح باستيرادها، ومخاوف التجار من حالة التضخم ومستويات الدخل التي تدنت نتيحة للحرب وفقدان الكثيرين لوظائفهم، وتخصص المبالغ المتوفرة الى بنود صرف اخرى نتيحة للنزوح، ايضا من المعوقات تأثر قطاع النقل بالحرب سواء بالمخاطر، ومشاكل الصيانة وتوفر قطع الغيار.
*الحلول والمعالجات *
ورأى د. عمر محجوب ان مشاكل الصادرات والواردات لن تحل إلا بتوقف الحرب على الاقل في مناطق الانتاج وحول ملتقى طرق النقل، مضيفا ان المشاكل الحالية لا تنفصل عن واقع الاقتصاد السوداني قبل اندلاع الحرب الذي يحتاج الى خطط استراتيجية تعظم الانتاج الصناعى والزراعي، ومحاربة التهريب والاستفادة القصوى من انتاج الذهب وبالتالى زيادة الناتج المحلى الاجمالي وايقاف تدهور الجنيه.
فيما أشار محمد ادم البشر إلى الحلول الممكنة لتخفيف تأثيرات الحرب على قطاع التجارة، واجملها في تحسين البنية التحتية وتأمين الطرق خاصة الموانئ، لتسهيل نقل السلع وتطوير الإنتاج المحلي، فضلا عن تشجيع الاستثمار في الأمن الغذائي والصناعات ، اطلاق مبادرات اقتصادية لتحفيز الإنتاج مع تعزيز التعاون التجاري مع الدول المجاورة ، بالإضافة إلى استعادة الثقة الدولية ، تحفيز استثمارات المغتربين ، والتقليل من الاعتماد على مورد واحد(الذهب).