تباين ردود الأفعال حول احتكار بنك السودان لشراء وتصدير الذهب

الأحداث – رحاب عبدالله
تباينت ردود الأفعال حول منشور بنك السودان الخاص بتنظيم تجارة الذهب والقاضي باحتكاره للبنك المركزي.
وحذر مراقبون من تكرار التجربة السابقة التي فشلت وكبدت الحكومة خسائر، وحذروا من أنها قد تؤدي إلى تنامي عمليات التهريب بدلاً من الحد منها.
غير أن النائب الأول لمحافظ بنك السودان المركزي السابق د.بدرالدين قرشي وصف في حديثه ل(الأحداث) قرار مجلس الوزراء باحتكار بنك السودان المركزي لشراء وبيع الذهب وفقا للأسعار العالمية بـ(الصائب)، مبينا أن المنشور نص في الفقرة الأولى أن الاحتكار ليس مطلقآ على بنك السودان واتاح مجال إلى من يفوضه، لكنه لفت إلى أن التفويض فى حد ذاته يحتاج إلى شروط وضوابط محكمة تتضمن الحقوق والواجبات للجهة المفوضة، بالإضافة إلى الشفافية والعدالة في الاختيار ومن ثم المراقبة والمتابعة والمساءلة.
وانتقد رئيس شعبة الصاغة ومصدري الذهب بالسودان السابق الخبير في مجال الذهب عاطف أحمد حصر شراء وتسويق الذهب في جهة حكومية واحدة على أن تلتزم هذه الجهة بتوفير النقد الأجنبي اللازم للمستوردين.
ووصف عاطف في حديثه لـ(الأحداث) القرار بغير الموفق، وبرر انتقاده بقوله أن أي احتكار لتجارة الذهب من جهات حكومية يساعد على التهريب، لكنه رأى إن كان القرار سمح للشركات الحكومية والقطاع الخاص بشراء الذهب والصادر تكون هنالك نسبة تناسب.
وأشار عاطف إلى فشل تجربة بنك السودان في احتكار الذهب من قبل حيث كبد الدولة خسائر كبيرة جدا باعتراف المحافظ نفسه حينها وغيره من المسؤولين كما أن الاحتكار لم يساعد في الحفاظ على قيمة الجنيه السوداني.
ودعا الخبير المصرفي وليد دليل في حديثه ل(الأحداث) الى إنشاء مؤسسة مستقلة لتنظيم قطاع الذهب تكون مسؤولة عن التسعير والرقابة والتصدير، أي أن تكون مهمتها الأولى والأخيرة السيطرة على هذا المورد بعيدا عن بيروقراطية بنك السودان وأجهزته المحدودة، واعتبر الاحتكار لجهة واحدة يؤدي لتعطيل آلية السوق، واعتبر تقلبات السياسة بين التحرير والاحتكار أضرت كثيرا بمعدن الذهب.
وأضاف دليل أنه في السودان احتياطات الذهب الموجودة عند الأفراد السودانيين أكثر من احتياطات الذهب لدى الحكومة السودانية نفسها، وعزا ذلك لفكرة أن الذهب بالنسبة للأفراد يُعتبر “ملاذ آمن” ضد التضخم وانهيار العملة، خصوصاً في بيئة مثل السودان حيث فقد الجنيه السوداني قيمته بشكل كبير في السنوات الأخيرة خاصة بعد الحرب، ويفضلون تحويل مدخراتهم للذهب لأن المعدن الأصفر سهل التخزين والبيع في أي وقت، وقيمته تتماشى مع أسعار السوق العالمية بالدولار.
وأردف “أما الحكومة، فاحتياطياتها الرسمية من الذهب مرتبطة بقدرتها على الشراء والتخزين، وتتأثر بالتهريب وبنقص الشفافية، وأغلب الإنتاج لا يمر عبر بنك السودان المركزي بل عبر قنوات تجارية موازية أو تهريب، لذلك الرصيد الرسمي بيكون ضعيف مقارنةً بما عند المواطنين”.
وزاد “بالتالي، كون الأفراد يمتلكون ذهب أكثر من البنك المركزي (غير منطقي) أو الحكومة، لكن هو انعكاس لفقدان الثقة في النظام المصرفي والعملة المحلية”.
فيما أيد د.ياسر جمال أن تتم الاستفادة من صادر الذهب عبر القنوات الرسمية، لكنه قال” يبقى السؤال المحوري هل يمتلك بنك السودان المركزي القدرة على تصدير الذهب خارجيا، ورأى بأن هناك شركة الموارد المعدنية يمكن أن تقوم بهذا الدور وفقا لسياسة البنك المركزي.
وحظر بنك السودان المركزي، بناءا على قرار مجلس الوزراء، شراء وتصدير الذهب من الشركات ومن إنتاج التعدين الأهلي ومخالفات الشركات على جميع الجهات.
واقتصر في منشور عممه للمصارف شراء وتصدير الذهب الحر (التعدين الأهلي) وذهب شركات مخلفات التعدين داخل السودان على بنك السودان المركزي أو من يفوضه.
واقتصر تصدير الذهب الحروب شركات مخلفات التعدين ايضا على البنك المركزي فقط وحظر تصديره بواسطة اي شخص.
واوضح المنشور أن شراء الذهب سيتم وفقا لأسعار البورصة العالمية والسعر السائد في السوق.
من ناحيته شدد الخبير المصرفي عمر مضوي على ضرورة أن يدفع بنك السودان بالسعر العالمي ويدفع للبائع القيمة دون تأخير ويكون لديه فروع في كل مكان
لاستيعاب كل الإنتاج في اماكن الانتاج والاسواق.
وأعرب عن أمله في أن يستطيع البنك المركزي تغطية احتياجات المواطنين والوطن من العملة الحرة.
ورأى انه كان الأجدر تأسيس شركة تقوم بالشراء مع شركات القطاع الخاص والافراد والجميع يجتهد في التصدير ،
وأردف ” لا يمكن ان تحتكر جهة واحدة ،ذهب قيمته أكثر من ثمانية مليارات دولار في العام”، وقال “هذه سياسات كارثية ستؤدي الى زيادة التهريب وهبوط الاسعار على المنتجين الصغار وتعطيل وإعاقة دورة الإنتاج”.
وتوقع التراجع عنها قريباً بعد أن يقع الفاس في الرأس على حد تعبيره.



