وليد دليل
خبير مصرفي
مرت اكثر من 25 عاما، على العقوبات والحظر الأمريكي المفروض على السودان، طيلة هذه الفترة حرم السودان من حقوق ومكاسب وفرص كثيرة، وتعرضت قطاعات العمل والإنتاج للانهيار، وفقد الإنسان السوداني ابسط احتياجاته الأساسية بسبب الحظر، اليوم الثلاثاء شهد اعلان البيت الأبيض عن رفع القيود الأمريكية التجاريه عن كافه المعاملات بين السودان وأمريكا
صدور مذكرة رئاسية من الرئيس الامريكى تشير فى الفقرة الخامسة الى اعفاء السودان من العقوبات التى تفرضها امريكا بموجب القانون المتعلق بالاتجار بالبشر وسمحت للسودان ( ضمن دول اخرى ) باستمرار المساعدات التنموية والمشروعات الصحية الدولية باعتبار ان ذلك يتماشى مع القانون او انه يعزز الاهتمام الوطنى national interest لامريكا.
وسيكون هنالك تأثير ايجابى كبير على الاقتصاد السوداني، وفي المدى البعيد على التنمية السودانية، من خلال المساهمة فى زيادة الإنتاج والإنتاجية وتصدير منتجات سودانية لأمريكا مثل الذهب، اليورانيوم. الصمغ العربي، القطن، الجلود، النسيج، ومنتجات زراعية وغابية.
التأثير الايجابي للسودان سيكون كبيرا جدا؛ ويتمثل فى عدة اشياء أذكر منها جزءا يسيرا على سبيل المثال لا الحصر، المسائل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتنموية، لان القرار يسمح ويوفر الثقة والاستدامه فى سلسلة توريد تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والبرمجيات مستقبلا، والتى كانت تحظرها امريكا على الدول التى تعتقد بانها معادية لها من بينها السودان.
يواجه الاقتصاد السوداني صعوبات جمة بسبب انفصال جنوب السودان في يوليو 2011، فضلا عن العقوبات الاقتصادية الأمريكية المفروضة على السودان منذ نحو عشرين عامًا ثم اتت الحرب علي تمرد قوات الدعم السريع ومن المتوقع أن يؤدي القرار الأمريكي الجديد إلى عددٍ من الآثار الإيجابية على الاقتصاد السوداني، يمكن تناولها على النحو التالي:
1- سيولة النقد الأجنبي: يُعد رفع الحظر المفروض على الأصول المالية المجمدة بالولايات المتحدة الأمريكية من ضمن أهم بنود قرار رفع العقوبات الاقتصادية على السودان، حيث سيُتيح الإفراج عن مبالغ مالية بقيمة 30 مليار دولار هى قيمة الأصول السودانية هناك، بحسب مكتب مراقبة الأصول الخارجية الأمريكي (الأوفاك). ومن المؤكد أن الحصول على هذه الأموال، بجانب إزالة القيود على التعاملات المالية والبنكية للسودان مع العالم الخارجي، سيساهم في توفير سيولة كبيرة من النقد الأجنبي بالبلاد، ومن ثم دعم مستوى الاحتياطيات الدول
كما أن من شأن توفير السيولة من النقد الأجنبي أن يدعم استقرار سوق الصرف بالسودان،
2-تدفقات استثمارية: من دون شك، سوف يعزز رفع القيود التجاريه عن السودان من الثقة في الاقتصاد السوداني تدريجيًّا، وهو ما سينعكس بالإيجاب تدريجيًّا على حركة رؤوس الأموال بالبلاد، حيث ستتفادى الشركات المحلية أو الأجنبية -على حد سواء- العديد من الصعوبات التي واجهتها في السنوات الماضية، وعلى رأسها تقييد التعامل مع البنوك العالمية، لا سيما البنوك الأمريكية. ومن ثم فمن شأن انسياب المعاملات المالية والبنكية من الخارج، أن يضاعف من تدفقات رؤوس أموال الشركات الأجنبية بالسوق السودانية مستقبلا، والتي تطلع عدد منها في العامين الماضيين -وخاصة الروسية والصينية- إلى زيادة استثماراتها بالقطاع الزراعي والتعدين بالبلاد.
3-حركة التجارة: يتمثل أحد أهم المكاسب الأخرى التي ستجنيها السودان جراء رفع القيود التجاريه في تعزيز المبادلات التجارية مع العالم الخارجي. فمن شأن القرار الأمريكي أن يفتح المجال أمام الصادرات السودانية لدخول بعض الأسواق الخارجية مجددًا وعلى رأسها السوق الأمريكية. كما سيمكّنها مجددًا من استيراد السلع اللازمة لتأهيل القطاعات الاقتصادية المختلفة. وفي الماضي، عانت العديد من القطاعات الاقتصادية، لا سيما القطاع الصناعي والخدمات مثل الطيران، من نقص الاستثمارات اللازمة لتنميتها بسبب عدم السماح باستيراد السلع والمعدات وقطع الغيار اللازمة لإعادة تأهيلها.
4-التنويع الاقتصادي: مما لا شك فيه أن رفع القيود التجاريه سوف يذلل الكثير من العقبات الإجرائية والتشريعية التي تعترض أنشطة القطاع الخاص للعمل بالسودان، والذي تعول عليه الحكومة في دعم الخطط الاقتصادية للبلاد لتنويع الاقتصاد. وتطمح السودان إلى مضاعفة إنتاجها من الذهب .تنوي مضاعفة إنتاج عددٍ من المنتجات الزراعية مثل السكر والقطن والزيوت وغيرها. وهذه الطموحات تأتي في إطار رغبة السودان في دعم صادراتها ومضاعفة إيراداتها المالية .
يتوقف تحقق مكاسب للاقتصاد السوداني من رفع العقوبات الاقتصادية على عدة اعتبارات خارجية وداخلية، تتمثل في:
ستظل الجدوى الاقتصادية للقرار الأمريكي رهنًا بالإسراع في تنفيذ بنوده، أو -بعبارة أخرى- بالفترة الزمنية التي سيستغرقها
الإصلاحات الاقتصادية: يتزامن القرار الأمريكي برفع العقوبات الاقتصادية مع إجراء السودان العديد من الإصلاحات الاقتصادية والمالية، والتي شملت ترشيد دعم الطاقة والكهرباء وغيرها، وهو ما سيعزز من الاستقرار المالي بالبلاد تدريجيًّا. وبجانب السابق، ينبغي على الحكومة السودانية مواصلة إصلاحاتها لتحسين مناخ الاستثمار الذي يعاني من عراقيل عديدة،
الاستقرار السياسي: تمثل تسوية النزاعات الداخلية بالمناطق المختلفة، سواء في دارفور أو الولايات الجنوبية والشرقية، عاملا مهمًّا أيضًا لاستقرار الاقتصاد وجذب الاستثمار الأجنبي إلى البلاد. ومن ثم فإنه بالتوازي مع العاملين السابقين، ينبغي على الحكومة السودانية أن تواصل جهودها لتسوية النزاعات الداخلية بمختلف أنحاء البلاد، وعلى ضوء ذلك، يمكن القول إن القرار الأمريكي سيمثل أساسًا جيدًا لانطلاق السودان نحو دعم استقرار اقتصادها، وتعزيز التنويع الاقتصادي، بيد أن تحقيق ذلك يتطلب من الحكومة مواصلة الإصلاحات الاقتصادية اللازمة لدعم النمو الاقتصادي وتحسين مناخ الاستثمار، من خلال اتخاذ إجراءات متعددة على المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية.