رأي

بلينكن.. غيرَ مأسوفٍ عليك

فيما أرى

عادل الباز

1
في الهزيع الأخير من عهد سيد بلينكن كوزير خارجية لأمريكا عاد بصره حديد، بدأ ينظر للأمور كما هي لا كما كان يتخيلها هو ومبعوثهم السيد توم بيريليو، ولكن بعد إيه؟. بعد خربوا ما خربوا وأشعلوا حربهم التي سيتركونها خلفهم تحرق شعب كامل بسبب جهلهم وتهورهم وانحيازاتهم العمياء لفئة من السودانيين اتخذوها مطية رخيصة لتحقيق مآربهم وأهداف حلفائهم. ولكن الله غالب، رُد اللهم كيدهم في نحورهم.
2
قال السيد بلينكن “لقد قررتُ أيضاً أن أفراد قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها قد ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية وتطهيراً عرقياً.”. إذا كان هذا ما قرره السيد بلينكن، فماذا فعل لتلك المليشيا التي ارتكبت كل تلك الجرائم؟.. تصوروا لم يتجرأ سيادته إدانتها علناً أو مقاطعتها، بل ظل يبحث لها عن مخارج من ورطتها حتى قبل أيام في جنيف.!! بل هناك ما هو أسوأ، لننظر فيما ما فعلته أمريكا وحلفائها إلى أن وصلنا للحرب.
3
كرس جنجويد الإمبراطورية (مولي في، وجود فري السفير الأمريكي الأخير) كما أسماهم د. عشاري، كل وقتهم لدعم القوى العميلة لهم، فعبر الرباعية قاموا بالرعاية الكاملة لـ(قحت) فأسلموها قيادة البلاد بعد التغيير ثم حين انقلب عليها الجيش بسبب فشلها في إدارة البلاد نهضت الرباعية مرة أخرى لتقدم دعمها الكامل عبر مشروع دستور المحامين الذي رعته بالكامل، تمويلاً وإدارةً ثم ضغطت على الجيش ليوقّع ما عرف بالاتفاق الإطاري الذي انتج الحرب الحالية، عندما وقعت الواقعة التي وقعت نتيجة إقصائهم للجميع واللهث وراء تسليم البلاد لعملائها، هرول ذات جنجويد الإمبراطورية ليجعلوا من أنفسهم وسطاء في ذات الحرب التي أشعلوها بلا حياء.
4
مرة أخرى قبلت الحكومة ألاعيبهم وهي تعرف أنهم أبعد ما يكونون عن النزاهة في وساطتهم، فماذا فعلوا؟. وقعت المليشيا ما عرف باتفاق جدة ببنوده المعلومة، وبسبب تقدم المليشيا وقتها في الحرب وكسبها مزيد من الأراضي، لملموا أوراقهم وغادروا بانتظار انتصار المليشيا النهائي ليواصلوا ذات مشروعهم الاستعماري الهادف للسيطرة على السودان.
5
فشلت المليشيات عبر أكثر من عام ونصف من تحقيق أى انتصار استراتيجي يمهد ويقود للسيطرة على البلاد، ولما أدرك تحالف المتآمرين أن ذلك بات في حكم المستحيل مهما فعلوا ووفروا الغطاء السياسي والدعم الدبلوماسي والسلاح والتشوين، هرولوا عائدين يتذكرون المفاوضات وإعلان جدة.!!
6
في سلسلة تآمرها المستمر أبعدت أمريكا أقرب حلفائها السعوديين وأسست منبراً آخر وأخير للتفاوض في جنيف، إلا أن جنيف فشلت لموقف السودان القوي المتمسك بإنفاذ مقررات جدة. كانت جنيف آخر كروتهم، ولم ينجزوا فيها شيئاً باتجاه وقف الحرب، استطاعوا فقط أن يفتحوا معبر (أدري) لإدخال الإغاثة ليس حباً في السودانيين إنما لدعم جنجويد المناطق التي تسيطر عليها المليشيا.
7
الآن وفي غضون ثلاثة أشهر سيغادرنا السيد بلينكن (ويقطع وشو) غير مأسوفاً عليه ومعه ثلة الجنجويد المتآمرة في انتظار ما تسفر عنه الانتخابات الأمريكية ومن هنا لست أشهر قادمة ستتوقف المبادرات الأمريكية، وياريت تتوقف معاها تصريحات المبعوث توم بيرلو، كان حصاد إدارة بايدين وجنجويدها في السودان حرباً شاملة مثل حصادها في غزة وفي أفغانستان، ستترك شلة العملاء أيتاماً تتكفلهم الإمارات وهي التي أصبح العالم الآن يحاصرها ويطاردها بالاتهامات بأنها تدعم مليشيات ترتكب الإبادة وجرائم ضد الإنسانية كما قال بلينكن، ولذا هي مشلولة الآن بلا قوة ضغط سياسي تسوّق بها المليشيا كما ينتابها يأس عسكري من أن تحقق المليشيا أي انتصار ذو قيمة، هكذا حصدوا جميعاً رماداً زرعوا، وسيتحرر السودان من مليشياتهم يوماً ما وسيبقى كما كان حراً مستقلاً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى