بعض الحرائق تمت بأيدي متخصصين… مليشيا الدعم السريع.. (الغريق) الذي يتشبث بـ(الحريق)

تقرير – أمير عبدالماجد

 

منذ الأيام الأولى للحرب كان واضحاً لمن تواجدوا لحظة دخول مليشيا الدعم السريع لأياً من المؤسسات الخاصة أو العامة أن جنوداً في الغالب يتوجهون إلى كسر الأقفال والسرقة، فيما يتولى آخرون حرق المكان أو تدميره لو لم يتمكنوا من حرقه كما حدث في إحدى البنوك بالثورة. إذ بعد اقتحامهم للبنك بوقت قليل تحرك سكان المنطقة بأسلحة نارية وبادلوا المليشيا إطلاق النار فغادروا البنك على عجل.. لم يجدوا الوقت لحرقه فدمروا المكان تماماً بصورة جنونية.. ليست سرقة فقط بل تدمير ممنهج للمكان.

 

حرق غرفة تحكم

 

ومافعلوه هنا فعلوه بمقر المحكمة في الشارع نفسه جوار مقابر أحمد شرفي إذ أحرقوا أوراق المحكمة وأوعزوا إلى أعداد من عصابات النيقرز التي تعمل معهم لحرق مقر غرفة التحكم في الكهرباء.. يومها تم القبض على شاب صغير من عصابة النيغرز وعند سؤاله بعد أن فر مرافقوه لماذا أردتم حرق غرفة التحكم ومن الذي طلب منكم حرقها قال إن “الدعامة” هم من طلب حرقها حتى تغادروا منازلكم وترحلوا عن المنطقة.

وهذا بالفعل ما حدث في مبانٍ معروفة بالخرطوم مثل برج شركة النيل الكبرى للبترول بمنطقة المقرن ومقر وزارة العدل الذي أحرق بالكامل وبرج الشركة السودانية للمواصفات والمقاييس بشارع الجامعة كذلك تم حرق ونهب برج مصرف الساحل والصحراء وغيرها من المباني والمصانع والبنوك والشركات وحتى بيوت المواطنين.

 

عمل ممنهج

 

يقول د. أسامة حنفي أستاذ العلوم السياسية بجامعة السودان (الأمر كان واضحاً ليس فقط في العاصمة بل في دارفور أيضاً حيث أحرقت قرى بكاملها وأبيدت.. هم يحرقون القرى في إطار عمل ممنهج قد يبدو لك وأنت تشاهد بعضاً من صورته أنه عمل عشوائي أو فردي.. لا هذه صورة خاطئة مايحدث هنا هو عمل ممنهج لإرهاب الناس وتهجيرها واحتلال البلد كمرحلة لو فشلت فالحرق يستعمل لتدمير البلد وكسر عزيمة الناس وجعلهم يرددون عبارات من نوع أن البلد لن تنهض مرة أخرى وأنها دمرت وأحرقت)، وأضاف (المؤلم في الأمر أن مليشيا الدعم السريع أحرقت مبان بعد أن احتجزت مواطنين داخلها وأعدمهم حرقاً).

 

تضرر قرى

 

وكان تقرير لمنظمة زيزليانس انفورميشن البريطانية قد أشار إلى أن 72 قرية وبلدة سودانية تضررت بسبب حرائق للدعم السريع خلال يوليو الماضي فقط مارفع عدد المناطق السكنية التي تضررت إلى 201 منذ بدء الحرب إلى لحظة إعداد المنظمة لتقريرها. وكانت شهادات موثقة لمواطنين عاشوا معاناة الحرب قد أشارت إلى تحول سلاح الحرق إلى أداة من أدوات الدعم السريع في الحرب، ففي حقل بليلة بغرب السودان مثلاً استعمل سلاح حرق المنشأة كوسيلة لتدميرها لضمان عدم عودتها إلى العمل مرة أخرى وظهرت صور لغرفة التحكم الرئيسية بالحقل وهي مدمرة تماماً قبل حرقها.

والصورة نفسها ظهرت مع محاولات الدعم السريع دخول الفاشر إذ أحرق الجنود محطة الكهرباء هناك أثناء المعركة كما يقول زكريا باو الذي يقيم في منطقة قريبة من محطة الكهرباء، ويضيف زكريا الذي يعمل بائعاً للأواني المنزلية بسوق الفاشر أنه غادر المنزل مع أسرته بعد اشتداد المعارك في ساعات مبكرة من الليل لكنه اضطر إلى العودة في وقت لاحق من الليلة نفسها لنقل بعض الأغراض إلى مقر إقامته الجديدة، وتابع (شاهدتهم وهم يحرقون المحطة ويضربونها بصواريخ محمولة على الكتف .. لم يتوقفوا عن الاحتفال بتدميرها فأرسلوا لها المزيد من الآر بي جي الذي تجاوزها حتى وصل إلى المنازل التي تقع في محيطها).

 

تدمير بنية تحتية

 

ويقول د. أسامة حنفي (ستجد في كل مكان دخلته قوات الدعم السريع حرائق طالت المكان فهم يتركون بصماتهم في كل مكان صحيح أنهم أحرقوا منازل مواطنين وصحيح كما قلت إنهم أحرقوا مواطنين وهذه موثقة داخل مبان عامة ومنازل إلا أنهم ركزوا بصورة كبيرة على تدمير البنية التحتية للسودان وحرقها حتى لايجد أحدهم فرصة للنهوض بها مرة أخرى، وأكاد أجزم أن بعض الحرائق قامت بها جهات متخصصة وليس فقط جنود طلب منهم قادتهم حرق هذه المؤسسات لأن النيران كانت تنتقل من مكان إلى آخر بصورة منتظمة كما أن بعض الحرائق ركزت فقط على حرق المكان المهم في المنشأة وبعضها دمر أولاً ثم أحرق.. ثمة أساليب مختلفة تشيء بأن من يقومون بالأمر أشخاص أحضروا لهذا الغرض) وتابع (استعمال الدعم السريع للحرق في الحرب صحيح أنه امتداد لما كان يقوم به في دارفور تاريخياً لكنه تطور في هذه الحرب وأصبح أداة ليس فقط لتهجير السكان بل لتدمير البنية التحتية واقتصاد البلد).

Exit mobile version