بعد لقاء ترمب – بن سلمان.. ضغوط أمريكية-سعودية تعيد رسم مشهد الحرب في السودان وأبوظبي تواجه “الورطة الكبرى”

الخرطوم – الأحداث
أعاد اللقاء الذي جمع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في واشنطن، وما تبعه من تصريحات حاسمة حول ضرورة إيقاف الحرب في السودان، ترتيب أولويات الملف السوداني على الطاولة الدولية، في تطور يصفه مراقبون بأنه “أكبر تحول سياسي” منذ سقوط الفاشر في أكتوبر الماضي.
وبحسب قراءة الكاتب والمحلل السياسي عادل الباز، في مقال نشره امس فإن دخول ترامب بنفسه على خط الأزمة يمثّل نقطة تغير حقيقية، إذ أعاد الملف السوداني إلى قلب المؤسسات الأمريكية، خصوصا بعد تصريحات وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو التي أكدت بدء خطوات جدية داخل الكونغرس لتصنيف قوات الدعم السريع “منظمة إرهابية” بنهاية ديسمبر، بحسب ما أشار إليه مستشار رئيس الوزراء السوداني محمد محمد خير.
ويرى مراقبون أن هذا التصنيف، حال اعتماده، سيقلب موازين الحرب تماما، إذ سيشل قدرة الإمارات — المتهمة بدعم المليشيا بالسلاح والمرتزقة — على مواصلة تدخلها، خاصة مع وجود قرار سابق من مجلس الأمن (1556) يحظر توريد الأسلحة إلى دارفور، ما يتيح لإدارة ترامب تفعيل العقوبات والرقابة الدولية فورا.
ويشير الباز إلى أن واشنطن والرياض تتجهان نحو ثلاث خطوات متوازية:
1.تصنيف الدعم السريع كمنظمة إرهابية.
2.فرض رقابة دولية على خطوط الإمداد والمعسكرات في تشاد وليبيا والصومال وإثيوبيا وجنوب السودان.
3.تنفيذ خارطة الطريق السودانية لدى الأمم المتحدة، بما يشمل خروج المليشيا من المدن وتجميعها في نقاط محددة.
في المقابل، يتوقع الباز أن تخوض أبوظبي معركة شرسة لإعاقة هذه التحركات، عبر تحريك اللوبيات في واشنطن، وتضليل الرأي العام الدولي بسرديات عن “صراع الإسلاميين والقوى المدنية”، ورفع “فزاعة إيران” لإقلاق مراكز القرار الأمريكي. كما قد تلجأ — وفق تحليله — إلى توسيع دائرة الحرب إقليميا بالدفع بدول الجوار، أو إلى محاولة القفز إلى الحل السياسي لفرض حلفائها في السلطة بعد فشل مليارات الدولارات التي استثمرتها عسكريا.
لكن التطور الأخطر، وفق القراءة ذاتها، هو أن الإمارات هذه المرة ستواجه منظومة دولية متماسكة تشمل الولايات المتحدة والسعودية ومصر، في لحظة إقليمية لم تعد تسمح باستمرار الحرب التي تهدد أمن البحر الأحمر وإمدادات الطاقة وطرق التجارة.
ويختتم الباز تحليله بتشبيه لافت: “ورطة أبوظبي ليست الآن، بل حين تتوقف الحرب وتتشكل لجان التحقيق الدولية، وتبدأ المحاكم في مطاردة مرتكبي الإبادة وداعميهم… ذلك هو يوم الورطة الكبرى”.
وتبدو المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة قد تحمل أول اختراق حقيقي لمسار الحرب المستمرة منذ أبريل 2023، لكنها في الوقت نفسه، تضع داعمي المليشيات — وفق الاتهامات الدولية المتزايدة — أمام امتحان بالغ الصعوبة.
Exit mobile version