بعد فوزه برئاسة تشاد… كاكا بين تململ كروزرات الشرق والخوف من مؤامرات الأصدقاء
بعد فوزه برئاسة تشاد..
كاكا بين تململ كروزرات الشرق والخوف من مؤامرات الأصدقاء
ديبي أبعد مرشحاً رئاسياً بسبب جنسيته السودانية وانتمائه لمدينة الجنينة رغم حصوله على الجنسية التشادية
حصار الفاشر أشعل الخلافات داخل أسرة ديبي وكاكا يراقب مايحدث لأنه يخشى غضب امتداداته القبلية
كاكا يتخوف من دعم الإماراتيين لعرب الشتات والجنجويد للانقلاب عليه والاستيلاء على السلطة في تشاد
الأحداث – أمير عبدالماجد
فوز محمد إدريس ديبي بالرئاسة في تشاد وتحوله من رئيس لفترة انتقالية إلى رئيس منتخب اياً كان الرأي الغالب حول الانتخابات نفسها هل سيحول نظرته إلى مايدور لدى جيرانه في الشرق..؟ هل سيتوقف عن دعمه للحرب وتحويل بلده إلى مطار لنقل العتاد الحربي وتجنيد المرتزقة للقتال مع الدعم السريع ..؟ ثم هل يسلم محمد ديبي المعروف بكاكا نفسه من رمال متحركة بشدة تحت أقدامه في تشاد بعد ماحدث قبل وأثناء وبعد الانتخابات.. كلها تساؤلات مطروحة بوجود مؤشرات هنا وهناك دون إجابات حاسمة غير أن مايحدث في الواقع يؤثر بصورة جلية على مآلات المستقبل.
إحكام قبضة
فكاكا لم يفز في الانتخابات لأنه المرشح المفضل لدى التشاديين هذا أمر لا يستطيع مؤيدوه أن ينفوه وأن ينفوا وجود جهات محلية وإقليمية وأجهزة مخابرات عملت قبل وقت ليس بالقصير من أجل جعل الرجل هو المرشح الوحيد وليس المفضل عبر مطاردة منافسيه المحتملين والتنكيل بهم كما حدث مع يحي ديالو وصالح ديبي وهما من العائلة، قتل الأول وكان من أبرز مناوئي تولي ديبي الإبن للسلطة وهو إبن عم ديبي، واعتقل الثاني وهو عمه كما أبعدت مفوضية الانتخابات (10) مرشحين أبرزهم أحمد حسب الله صبيان ونصور كور سامي بسبب حمله الجنسية السودانية إلى جانب التشادية وكونه من مواليد مدينة الجنينة.
يقول دان إيزينجا الباحث في المركز الإفريقي للدراسات الإستراتيجية إن الانتخابات في تشاد هي مجرد إجراء شكليّ لمساعدة ديبي على ضمان إحكام قبضته على السلطة إذ أنه منذ مقتل ديلو واستيعاب ماسرا -الذي وفر لديبي فرصة الحصول على منافس لادعاء أنها انتخابات حقيقية – لم يمر وقت كافٍ لظهور شخصية مُعارِضة قوية أخرى) وأضاف (على الرغم من أن حكومة ديبي أنشأت الوكالة الوطنية لإدارة الانتخابات والمجلس الدستوري كجزء من الإصلاحات الجديدة التي تم الاتفاق عليها خلال محادثات السلام مع أعضاء المعارضة إلا أن النقّاد يقولون إن هاتين الهيئتين تتبعان موقف الحزب الحاكم حيث تم اختيار بعض مفوضيهما من قِبل الرئيس ديبي نفسه).
وقال الصحفي موسى نجيدمباي إن الحكومة الانتقالية استخدمت استراتيجية واضحة منذ البداية وعملت علي استبعاد المنافسين الأقوياء وقبول ملفات منافسين لا يشكلون خطراً على فوز مرشح الحكومة الانتقالية محمد ديبي، لافتاً إلى أن استبعاد مرشحي الشمال التشادي الذين لديهم خبرة سياسية وتحالفات في الشمال يعد تمهيداً لفوز محمد ديبي في الانتخابات المقبلة لكنه بالمقابل يجعل الأمور صعبة معقدة لأنه يزيد حالة الاحتقان على الأرض ضد ديبي وأعوانه وهذا أمر يمكنك أن تتلمسه بوضوح اليوم في الشرق الذي قد ينفجر بوجوهنا في أي وقت خاصة وأن السلاح متوفر الآن وبكميات كبيرة في شرق تشاد بسبب الحرب التي تدور في السودان الآن) وتابع (ديبي لعب بالنار عندما اعتمد وصفة والده إدريس ديبي للبقاء في حكم تشاد، فوالده كان يعتمد القسوة والضرب على معارضيه ولا يتورع عن محو قرى كاملة لو وجد إن هذه القرى تهدد حكمه كما استمر طوال فترة حكمه في استمالة معارضيه وشراءهم بالمناصب حال عجز عن ترويعهم وإخافتهم.
تركيبة سياسية
وعن تأثيرات الانتخابات التشادية وما أفرزته من نتائج على الحرب في السودان قال (لا أعتقد أن الحكومة السودانية كانت تتوقع أن يفوز شخص آخر برئاسة تشاد لأنها تعلم حقيقة مايحدث هنا وتعرف التركيبة السياسية لذا لا أعتقد أن الخرطوم فوجئت بفوز كاكا أو كانت تتوقع فوز سيكسا مسرا لأن الأمور كانت واضحة) وقال (لا أعتقد أن كاكا سيغير موقفه من دعم الجنجويد إلا إذا تدخلت قوى دولية فرضت عليه التوقف لأنه لايملك قراره بالمطلق فهناك قوى دولية وإقليمية وقوى داخلية حالفته في الانتخابات من الواجب أن يدفع لها الفاتورة وأن يسدد ما عليه)، وقال إن أموالاً إماراتية دفعت في الانتخابات فماذا تتوقع أن يفعل ديبي وماذا تتوقع أن تكون الخدمة المطلوبة منه ..؟ بالإضافة إلى مجموعة النضيف وزير الخارجية وقفت إلى جواره وهؤلاء جنجويد ينتمون إثنياً ومصلحياً للجنجويد ويعملون معهم وهم لديهم مصالحهم ولن يتحالفوا مع ديبي من أجل منصب وزير فقط ).
علاقات متداخلة
ويقول تاج الدين بشير نيام الباحث في العلاقات الدبلوماسية والأمن الإنساني إن العلاقات السودانية التشادية قديمة ومتجددة ومتداخلة بدرجة يصعب الانفكاك منها فهناك 28 إثنية تتداخل على الحدود بين الدولتين فضلاً عن أن كل التغيرات الحكومية التي تمت في تشاد تمت من السودان كما أن جبهة تحرير تشاد التي قادت التغيير نفسها أنشئت عام 1986 بمدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور لذلك كاكا يعلم أن انتقال النار من السودان إلى تشاد مثله مثل انحدار الماء من المكان الأعلى إلى المكان الأدنى محتوم وأن تشاد ستجد نفسها أمام حرب وربما حروب متعددة لو استمر في دعمه للحرب في السودان)، وتابع (كاكا ومن يؤيدونه يعلمون هذا ولا أظنه سيكون حريصاً الآن على استمرار الحرب في السودان لأن الحتمي في حال استمرت الأمور على ماهي عليه أمر جلل لايستطيع لا ديبي ولا غيره الوقوف في وجهه لأن تشاد ضعيفة جداً داخلياً والخلافات فيها متجذرة وهزة كالتي حدثت في السودان ستعصف بها تماماً)، وأضاف (صحيح اتفق مع من يتحدثون عن موازنات دولية وإقليمية ضاغطة على كاكا لكن الداخل وإشكالاته وتناقضاته والنار التي تشتعل تحت مرقده ستشكل العنصر الأبرز في الضغط على كاكا لإيقاف دعمه للجنجويد رغم مخاوفه من أن تتحول بندقيتهم في حال وقف ضدهم إلى صدره) لكنه ختم (معركة الفاشر الأخيرة وجدت بلاشك متابعة لصيقة من إثنية الزغاوة التي ينتمي لها كاكا باعتبار أنها من مناطق تركز القبيلة في السودان وما انتهت إليه قد يهدئ من مخاوف الرجل.
تغيير سلوك
لكن دان إيزينجا الباحث في المركز الإفريقي للدراسات الاستراتيجية يقول إن كاكا لن يغير سلوكه وموقفه حالياً بالنظر إلى ضغوطات دولية أو إقليمية فالرجل يدير دولة اقتصادها هش جداً صحيح أن الإمارات لا تمنحه حالياً مالاً يكفي لسد احتياجاته لكنه مال في كل الأحوال يغطي بعض الثغوب بسبب تدهور الاقتصاد وتقلص عائدات النفط الذي يعتمد عليه بصورة أساسية وهو المورد المالي الأساسي لتشاد مع ملاحظة مهمة وهي أن النفط هناك إنتاجه قل بصورة كبيرة لأن احتياطاته أصلاً محدودة مع ضغط العامل الأمني المهتز الذي يحتاج إلى صرف مالي كبير)، وأضاف (كاكا لن يتخلى عن الإمارات إلا إذا وجد من يدفع أكثر لديه الآن اتفاق تعاون عسكري وقع في يونيو 2023 صحيح أن الإمارات عوض عن توفير معدات عسكرية لجيشه أرسلت له 13 طناً من المواد الغذائية كدعم إنساني للمواطنين التشاديين واللاجئين السودانيين الفارين من الحرب الأهلية في وطنهم، كما شاركت في إنشاء مستشفى ميداني في مدينة أم جرس الواقعة شمال شرقي تشاد لمد الدعم السريع بالأسلحة) وتابع (قد يكون ديبي محبط من مجريات الأمور بالنظر إلى أن توسع النفوذ الإماراتي قد يقود في النهاية إلى مؤامرة ضده يتسلم بموجبها الجنجويد حكم تشاد لكنه لا يملك خيارات كثيرة الآن فهو يعلم أن الفرنسيين يهمهم ألا تسقط تشاد بيد روسيا وألا يفقدوا نفوذهم هنا ولا يهمهم من يحكم تشاد طالما ضمن وجودهم ونفوذهم ومصالحهم ويعلم أن القيادة السودانية قادرة على هز كرسيه لو دعمت أياً من مناوئيه في الشرق الذي يتململ الآن بعد ماحدث في الانتخابات).
غضب وخشية
الصحافي موسى نجيد مباي قال (لطالما أقلقت الكروزرات القادمة من الشرق حكم ديبي الأب وديبي الإبن يعرف تماماً مايقصده الجنرال ياسر العطا ويكرره بصورة دائمة لذا أعتقد أنه ينظر إلى الحرب في السودان من زوايا عديدة كلها قد تفتك به لو تعاطى معها بثقة مفرطة فهو لن يثق في الجنجويد لأنه يعلم أنهم يحلمون بحكم تشاد ولن يثق بالمقابل في الحكومة السودانية لأنه يعلم أنها لن تصمت على ماحدث منه أثناء الحرب كلها ومن كل الزوايا مقلقة جداً لديبي الذي يواجه أيضاً صراعاً بين باريس وموسكو على المنطقة، ويواجه غضباً من امتدادات قبيلته في السودان وهو أمر واضح جداً خرج للعلن مع خروج بعض من أسرته مغاضبين بعد حصار الدعم السريع للفاشر)، وأضاف (مايخشاه ديبي من حدود السودان أكثر مما يخشاه السودان لأن ديبي الذي يدير الأمور على طريقة والده إدريس ديبي يعلم جيداً أن تصريحات العطا جدية وأن الرمال الشرقية التي كان يخشاها والده طوال فترة حكمه خطيرة جداً متى وجدت السيارات التي تتحرك فوقها وهذه السيارات متوفرة الآن بعد اقصاءه لأهل شرق تشاد وإبعاد مرشحيهم في الانتخابات وإحساسهم إن أمر ما دبر ويدبر ضدهم في انجمينا)، وتابع (توفر السلاح في غرب السودان عامل آخر جعل ديبي يجتمع مؤخراً بالقوات التشادية السودانية المشتركة) وقال (قد يؤشر فوز ديبي بالرئاسة في تشاد إلى مواصلة الإمارات لدعمها العسكري للجنجويد في حرب السودان لكن فوزه أيضاً يضعه أمام لحظة الحقيقة لأن الرجل يعلم أن أحداً لن يسعى لنجدته عندما تشتعل النيران في ثيابه).