تقارير

بعد تكليفه بعقد لقاء بين البرهان وحميدتي هل خلع موسيفيني عباءة العداء للسودان؟

بات الرأي العام السوداني على قناعة بأن قرار الاتحاد الأفريقي ممثلاً في مجلس السلم والأمن بتكليف الرئيس اليوغندي يوري موسيفيني برئاسة لجنة تتولي تنظيم لقاء بين البرهان وحميدتي هو في الواقع إعادة تدوير لأفكار جربت ولم تنجح، وهي حالة تعبير عن (راس شاطب) داخل أروقة الاتحاد الافريقي وإقرار بضعف قدرات من يديرون ملفاته.

تقرير – أمير عبدالماجد

حالة عداء
وتعيين الرئيس اليوغندي المعروف بعدائه للأنظمة السياسية في السودان هو في الواقع تعبير عن حالة يأس، لأن موسيفيني دخل في حالات عداء مع معظم الأنظمة السياسية في السودان وخاض ضد بعضها حروب بالوكالة وكان له دور كبير في فصل جنوب السودان عن شماله وفي جعل بلده منصة لتوفير الدعم اللوجستي والمالي لكثير من الحركات التي تمردت علي السلطة المركزية في الخرطوم بل وهو أول رئيس التقاه حميدتي في أول ظهور له بنسخته المعدلة بعد اختفائه لشهور طويلة أثناء المعارك والحديث عن إصابته وموته فهل لدى موسيفيني جديد يقدمه قد يسهم في إيقاف الحرب وهل لديه أصلاً علاقات جيدة تجعله يتجاوز عقبات منبر جدة ويقفز عليها لينظم لقاء يجمع البرهان بحميدتي..؟ وهو لقاء اقترح من قبل وفشل وكان موسيفيني شاهداً على التفاصيل لأن حميدتي الذي اعتذر عن اللقاء وقتها ظهر في مزرعة موسيفيني في التوقيت المعلن للقاء.. ويتبادر التساؤل ماذا يتوقع الاتحاد الأفريقي ومجلس السلم؟، ولماذا اختار موسيفيني لرئاسة لجنة من المفترض أنها محايدة تسعى للجمع بين رئيس مجلس السيادة السوداني والمتمرد حميدتي؟، وهل يتوقع موسيفيني أن يستجيب الجيش لدعوته وعلى ماذا يستند؟ ثم من هو موسيفيني وماهي مواقفه ضد السودان منذ توليه الحكم؟

دعم المعارضة
الإجابة على هذه التساؤلات تضعنا مباشرة أمام القرار الأفريقي الذي بدأ للكثيرين أنه لا يتناسب والواقع لأن يوري موسيفيني المولود في 15 أغسطس عام 1944 في بلدة نتونكامو جنوب غربي أوغندا والذي تولي الحكم في 29 يناير 1986 ظل ينظر إلى السودان الشمالي كحالة عدائية مستنداً إلى أسباب ظل يرددها على مسامع ضيوفه أياً كانوا أيام حرب الجنوب وهي أن دعمه لجون قرنق والحركة الشعبية لتحرير السودان سببه دعم الخرطوم لجيش الرب بقيادة جيمس كوني ولمساعدة الجنوبيين على تحرير السودان من الاستعمار العربي، وهذا الموقف ليس موقفاً خاصا بموسيفيني فقط فحاكم يوغندا الذي انقلب عليه موسيفيني نينو اوكلو كان داعماً لجيش جون قرنق منذ الثمانينيات، وعندما انقلب عليه موسيفيني واستولى على السلطة واصل في دعم قرنق وتوسع في الدعم ما أدى في النهاية إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين السودان ويوغندا في العام 1995 واستمرت العلاقات متوترة إلى أن وقع الطرفان اتفاقية أمنية بوساطة أمريكية قضت بعدم دعم أيا من البلدين للمعارضة المسلحة في البلد الآخر، وتوسعت العلاقات بعدها في قمة الإيقاد التي عقدت في الخرطوم عام 2001 بتبادل السفراء وفتح السفارات. لكن العلاقات عادت مرة أخرى للتأزم في العام 2010 عندما جددت يوغندا اتهامها للسودان بدعم جيش الرب وازدادت التعقيدات الخاصة بقضية مياه النيل وذلك بإقامة مؤتمر لمياه النيل بأوغندا حيث تم توقيع اتفاق عنتيبي ولم يكن السودان طرفاً فيه لعدم اعترافه بالاتفاقية، وفي العام نفسه عقد مؤتمر مراجعة المحكمة الجنائية الدولية في قرارها القاضي بالقبض على الرئيس السوداني عمر البشير والذي تم عقده في كمبالا حيث أصدرت الحكومة الأوغندية قراراً بعدم دعوة الرئيس عمر البشير لحضور مؤتمر القمة الأفريقية بأراضيها قبل ان تجمع حركات دارفور بقوى المعارضة الأخرى وتجعلها توقع ما سمي وقتها بوثيقة كمبالا أو الفجر الجديد في 2013، وعرف عن رجل المخابرات اليوغندي اهتمامه الشديد بحماية مصالحه لدرجة جعلته يرسل قواته عام 2013 إلى دولة جنوب السودان الوليدة لمساعدة حليفه سلفاكير ضد قوات رياك مشار التي يرى أنها صديقة لجيمس كوني وعمر البشير، يومها دكت قوات موسفيني مدن وقرى الجنوب واجتاحتها وقتلت الآلاف وسط صمت الحكومة هناك التي رأت فيما قام به موسيفيني مساعدة لها للبقاء في السلطة، فيما رأى موسفيني أنه يساعد نفسه أولاً ويساعد حليفه ثم أن الأمر نفسه ليس غريباً عليه فقد أثار من قبل حروباً عديدة في الصومال وجمهورية الكونغو الديمقراطية وجمهورية أفريقيا الوسطى ورواندا وغيرها فهل يصلح موسيفيني الأزمات وسيطاً بين السودانيين.

تعميق خلافات
يقول د. أسامة حنفي أستاذ العلوم السياسية بجامعة السودان إن الاتحاد الأفريقي لم يعد وسيطاً موثوقا، واعتقد أن دوره في السودان انحسر باصراره على تجميد عضوية السودان ما جعله تقريباً خارج الملعب السوداني لذا فإن تعيينه للجنة أو إصداره لقرارات لايخرج في الغالب عن إطار القول بأنهم موجودون وهم هنا لأن الحرب المشتعلة الآن أصوات مدافعها أقوى من صوت الاتحاد الأفريقي، وأضاف “لا يمكن الاعتماد على شخصيات مثل الرئيس الكيني أو الرئيس اليوغندي أو الأثيوبي لحل الخلافات في السودان لأن هؤلاء جزء من الخلاف وجزء من الأزمة وهم في الواقع حلفاء لمليشيا الدعم السريع، وأعتقد أن زمن قبول السودان بوساطة دول منخرطة في الصراع قد ولي”، وقال “قبلنا بوساطة كينيا من قبل وهي مساندة لحركة قرنق فماذا حدث؟”، وتابع “وقبلنا وساطات ومفاوضات في دول كانت حاضنة للتمرد في أثيوبيا وجنوب السودان وتشاد ونيجيريا وكلها عمقت الخلافات عوضاً عن حلها”.

نسخة مزيفة
من جهته أكد الخبير العسكري العميد معاش أسد الدين محمد الفاتح أن الجيش لن يذهب للقاء حميدتي في كمبالا، وقال “عموماً لا أعلم كيف سيتصرف الاتحاد الأفريقي وموسيفيني مع البرهان لو ذهب للقاء من يدعي أنه المرحوم حميدتي واكتشف انه نسخة مزيفة هل سيقنعونه بالتوقيع معه فقط من أجل إيقاف الحرب وأنهم استعانوا به من أجل إيقاف الحرب أم ماذا؟”، وتابع “لا اعتقد أن الاتحاد الأفريقي نفسه جاد في تنظيم اللقاء لأنه يعلم أن البرهان لن يسكت على النسخة المزورة من حميدتي ويعلم أن ذهاب الرجل إلى هناك محاط بأمور عديدة لن يقبلها لا السودان ولا البرهان”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى