الميليشيا وفيض الشرعيات!

إبراهيم عثمان
ليس غريباً أن تتغير مواقف السياسيين من الأطراف الأخرى إيجاباً وسلباً مع تغير سلوكها للأفضل أو للأسوأ. هذا التغير طبيعي في السياسة، ويشكل أحد بديهياتها، بل أحد مطلوباتها.
لكن الغريب أن تتغير مواقفهم “إيجاباً” كلما ازداد سلوك الطرف الآخر “سوءاً”! هذا هو ما قام به قادة “التجمع الاتحادي” الذين “تعاظمت” عندهم “شرعية” ميليشيا آل دقلو بعد تمردها على الدولة وحربها على الشعب!
كانت أقوال قادة “التجمع الاتحادي” هي المعادل السياسي لجرائم الميليشيا، إذ لم يتركوا باباً إلا وطرقوه لإغراق الميليشيا في فيض من الشرعيات، في ذات الوقت الذي تُغرِق فيه المواطنين في دوامة القتل والاغتصاب والخطف والنهب والتشريد!
بينما كان المواطنون يحصون خسائرهم، كان هؤلاء “القادة” يتفننون في إحصاء شرعيات الميليشيا حتى بلغت ثمانية!
١. شرعية تأسيسية/تاريخية: بُنيت على أساس تكاملي كقوات مشاة لا غنى عنها. (محمد الفكي).
٢. شرعية آنية/أمنية: لمنع الانكشاف العسكري (محمد الفكي)
٣. شرعية دستورية: أحد المكونين الرئيسيين للجيش وفق “الوثيقة الدستورية” (جعفر حسن).
٤. شرعية الأمر الواقع: يحتفظ كل فريق بما حققه على الأرض، ويقوي به موقفه التفاوضي. (جعفر حسن وبابكر فيصل).
٥. شرعية القوة المادية: آلاف السيارات، وعدد كبير جداً من المقاتلين المتمرسين. (محمد الفكي).
٦. شرعية مالية/تمويلية: بُنيت بأموال دافع الضرائب فلا يجوز تبديدها (محمد الفكي).
٧. شرعية اجتماعية: ينحدرون من قوى اجتماعية لها حضور قوي في هذه الدولة. (محمد الفكي).
٨. شرعية أخلاقية/سياسية: الحديث عن تدميرها أمر شديد الخطورة وغير مسؤول. وبصفتهم “السياسية والقيادية لهذا الوطن لا يسمحون بتدميرها (محمد الفكي).
١/ محمد الفكي سليمان:
“قوات الدعم السريع سوف تكون ضمن قوات الجيش المهني القادم. وكانت لفترة طويلة تشكل قوات المشاة ضمن المنظومة الأمنية الموحدة بما فيها الجيش السوداني.”
“هذه القوات بُنيت بأموال طائلة، تمتلك آلاف السيارات، وعدد كبير جداً من المقاتلين الذين يجيدون القتال بصورة متمرسة، تم تدريبهم بأموال دافع الضرائب، وكل هؤلاء ينحدرون من قوى اجتماعية لديها حضور قوي في هذه الدولة. ”
“الحديث عن أن الدعم السريع سوف يتم تدميره بالكامل هذا أمر شديد الخطورة، لأنه سوف يدمر المقدرات القتالية لمنظومة القوى الأمنية السودانية.”
“قوات الدعم السريع عندما بُنيت بُنيت على أساس تكاملي لإكمال النواقص في التركيبة القتالية للجيش السوداني، إذا حدث لها غياب سوف يحدث انكشاف عسكري للقوى العسكرية في السودان.”
“الحديث عن إنو لا بد لقوة من الطرفين أن تقضي على الطرف الآخر، هذا حديث سياسي غير مسؤول ونحن بصفتنا السياسية والقيادية لهذا الوطن لا نسمح به.”
٢/ جعفر حسن*’
“يحتفظ كل فريق .. نقول دي تاني .. يحتفظ كل فريق بما حققه على الأرض، يعني القاعد في شارع الستين يقعد، والقاعد في كرري يقعد، حسب الحتة اللي هو قاعد فيها، الحققها على الأرض، دا اللي الناس اتفقوا عليه.”
“الجيش والدعم السريع وفق الوثيقة الدستورية هما المكونان الرئيسيان للجيش السوداني في التاريخ السابق كله، الآن نبتدر حوار بينهما.”
٣/ بابكر فيصل لصحيفة التغيير:
“الطرف الذي يحرز تقدماً عسكرياً على الأرض ستكون شروطه مختلفة على طاولة التفاوض، والدعم السريع على أرض الواقع يسيطر على أجزاء كبيرة من العاصمة وسيطر على نيالا ومدني، وما حدث يعتبر نقلة كبيرة في مسار الحرب قد تترتب عليها نقلات ثانية في المستقبل القريب.”
تُرى ما هو المقابل الذي يجعل السياسي يكرس جهده لمثل هذه المهمة السيئة؟



