“المليشيا” وحرب الشائعات…الخطة (ج )
الأحداث – وكالات
“نحن الآن داخل ود مدني”…”ساعات بس وندخل دنقلا” ..”كل القوات متوجهة لشندي والشمالية الآن” “تم ضرب عضو مجلس السيادة الفريق أول ياسر العطا بطائرة مسيرة”.
كل ما سبق مجرد أحلام وأماني تدور في خلد عناصر المليشيا ومناصريها القليلين وتدور في بال المغيبين بفعل المخدرات والسحر من عناصر وشفشافة وعصابات (آل دقلو) الإرهابية ،وتدخل في باب الحرب النفسية وحرب الشائعات التي درجت الغرف الإعلامية للمليشيا المتواجدة في الإمارات ونيروبي وكمبالا وأديس ابابا على اطلاقها كل فينة والاخري بغرض إرباك المشهد العسكري او النفسي للمواطنين او للقوات المسلحة والقوات المساندة لها ،وكانت في السابق لها وقع عكسي كبير في مسارح العمليات ،ولكن منذ أكثر من سنة انقلبت الأوضاع في مسارح العمليات وصارت الغلبة للجيش السوداني في كافة مسارح العمليات الممتدة في الجزيرة وفي دارفور وفي الخرطوم.
انهيار الروح المعنوية:
وتحولت المليشيا وغرفها الاعلامية عقب الهزائم المتلاحقة التي ضربت المليشيا ،وبعد ارتفاع معدلات الفرار وسط منسوبيها وعصاباتها لاطلاقها لرفع الروح المعنوية للقوات المنهارة تماما ،والتي لم تجدي معها مليارات (إمارات الشر) وأسلحتها في تغيير الوضع على الميدان وتحولت انتصارات المليشيا السابقة لهزائم لا تعد ولا تحصى.
ولجأت المليشيا بعد فقدانها لمئات الالاف من المرتزقة بالابادة من قبل الجيش لاطلاق الشائعات ومحاولة التاثير نفسيا ،الا انها فشلت تماما في ذلك فما يقوم به الآن الجيش للمليشيا في كل المسارح هو ( صرف تذاكر للسماء ذات البروج) كما يردد عناصر القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح في فيديوهاتها بعد انتصاراتها في مسارح العمليات في دارفور.
رجعنا مدني:
هاتفني أحد اصدقائي منزعجا وهو يصيح في الهاتف أن المليشيا رجعت مدني بعد انسحاب الجيش منها قبل يومين ،فاستغربت جدا من حديثه وقلت له ان ما يقوله مجرد شائعة خارجة من غرف المليشيا المظلمة في الامارات ،وقلت لها هم الآن يحزمون في منهوباتهم للخروج النهائي من السودان للرجوع لبلدانهم الأصلية ،وأكدت له ان عدد كبير منهم تم مشاهدتهم في خزان جبل أولياء برفقة أسرهم وهم يهمون في الخروج لدارفور ومن ثم إلى خارج السودان.
ولم تكن شائعة دخول مدني هي الأولى ولن تكون الاخيرة ،فبث أحد عناصر المليشيا
(حافظ كبير) قبل يومين فيديو لقوة تتحرك ليلا وقال ان القوة الان في مدخل الولاية الشمالية بالقرب من دنقلا وانها على وشك دخول دنقلا ،وانتشرت كذلك شائعات عديدة عن تحرك قوات للمليشيا قرب الدبة ،وهكذا تنطلق الشائعات والتي يساعد المواطنين انفسهم في انتشارها السريع كالهشيم في النار ،وتكون في احايين كثيرة تاثيرات سلبية كبيرة على قادة الاستخبارات والذين يسعون لنفي الشائعات وفي احايين للتعامل مع الشائعة كمعلومة ومن ثم يسعون للتحقق منها ،رغم امتلاكهم للمصادر وللمعلومات الصحيحة ،فهلم لايستطيعون اغفالها.
حرب بدون رصاص:
وتتزامن مع الحرب الدائرة الآن والتي كادت أن تنتهي أو هي في خواتيمها ،حرب من نوع آخر
حرب إعلامية موازية على منصات التواصل الاجتماعي حيث تنتشر بشكل كبير الشائعات والمعلومات غير الصحيحة والمضللة، مما يثير القلق والتوتُّر ويخلق ردود فعل سلبية بين المواطنين . ففي ساحات المعارك التقليدية، تُستخدم الأسلحة لإضعاف العدو وتحقيق الانتصارات الميدانية. أما في معارك اخري، فالشائعات تصبح أخطر الأسلحة التي تسعى إلى تفتيت الروح المعنوية وبث الفتنة وتشويه الحقائق( لا رصاص لها ولا دخان)، لكنها تخترق العقول والقلوب، وتزرع الشك في النفوس وتزعزع الثقة.
ويلاحظ الخبير د إسماعيل الحكيم خلال مقال له ان مع كل تقدم للجيش في المعارك تنشط السنة وأقلام المليشيا ومسانديها في ساحات الاعلام وفي مواقع التواصل الاجتماعي في الهاب ساحات الاعلام بالاكاذيب الملفقة لتقويض النجاحات وتشويه الانتصارات وتتخذ من اا كاذيب وسيلة لبث الذعر وتفتيت الوحدة الوطنية
دخان الشائعات:
ويؤكد الخبير في الحرب النفسية الدكتور أحمد المصطفى انه عندما تتجدد الاشتباكات بين المليشيا والجيش السوداني لا يكون صوت الرصاص ونيران المدافع والطائرات هي مصدر القلق الوحيد ،فدخان الشائعات الكثيف وسيل المعلومات المضللة أخطر وأكثر ارباكا للسودانيين،وتندرج الشائعات ضمن أخطر التكتيكات التي تلجأ لها المليشيا عبر الغرف المظلمة الإعلامية والتي تمتلئ بالخبراء في مجال الحرب النفسية- وفي اعتقادي الشخصي – فان خبرتهم تبدو ملمة بالشخصية السودانية ،ويدلل المصطفى على الانتشار الكثيف للشائعات بالحسابات التي تم اغلاقها من قبل في مواقع التواصل الاجتماعي والتي تتبع لمجموعات منظمة من المليشيا كانت تدير أكثر من 3 ألف حساب وهمي في مواقع التواصل الاجتماعي والتي تعتبر في ظل اختفاء الاعلام الرسمي المصدر الوحيد للمعلومات لملايين السودانيين في الداخل والخارج.
المعلومات (المدسوسة):
وتندرج حرب الشائعات هذه ضمن تكتيك استراتيجي تستخدمه المليشيا منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023، ويؤكد المصطفى ان الحسابات المضللة للمليشيا 3 طرق لتنفيذ استراتيجيتها تتمثل الأولى في ارسال رسالة مضللة أو معلومة غير صحيحة (مدسوسة) بغرض تكذيبها لاحقا للتشكيك في مصداقيته ،كنشر معلومة مثلا عن قتل قائد ثاني المليشيا عبدالرحيم دقلو ،وعندما يفرح الناس باعتبار ان المعلومة مؤكدة تقوم المليشيا ببث فيديو للمقتل المزعوم وهو في كامل فرحته لتضخيم صورته وقدراته وتصويره في صورة الشخص الذي لا يقهر.
أما أخطر أساليب التضليل فهو أسلوب دبلجة الصور والفيديوهات والتلاب في محتواها بغرض تجريم الطرف الآخر وتوريطه في جرائم وافعال لم يرتكبها ،كفبركة فيديو نظامي تابع لقوات الاحتياطي المركزي وهو يؤكد مشاركة قوات من التقراي برفقة الجيش في دخول مدني ،وهو الفيديو الذي تم نفيه أمس الأول من قوات الشرطة.
وباتت الإشاعات سمة متلازمة إلى حد توصيفها ضمن أسلحة الحرب الدائرة بين الجيش السوداني والمليشيا، فالأسلحة القاتلة التي تخترق الأجساد تقابلها مئات الرصاصات الافتراضية والأخبار المضللة التي يتردد صداها في كافة أرجاء البلاد.
نقلا عن موقع “أصداء سودانية”