تقارير

المصارف السودانية.. هزات عنيفة ومحاولات للامتصاص

الأحداث – تقرير

مع البدايات الأولى لاندلاع الحرب، بدأت وقائع مشهد الفوضى نهب غاشم للبنوك وصرافاتها الآلية، بأفرعها المنتشرة بكثافة في شوارع وأسواق العاصمة السودانية الخرطوم، وتفكيك خزائنها وسرقة أثاثها وجميع ممتلكاتها وإشعال النيران في العديد منها. بدت هذه المشاهد للسودانيين غريبة ومروعة، وما كانوا قد أفاقوا بعد من صدمة اندلاع الحرب نفسها بتوقيتها المفاجىء على أعتاب عيد الفطر ذلك العام، ولم يسحب كثيرون منهم من أرصدتهم لاستقبال المناسبة الدينية، وقد غدت أفرع البنوك بين ليلة وضحاها خرابات فارغة وحطاما يتصاعد من جنباته الدخان. فور اندلاع الحرب خرجت جميع البنوك السودانية، البالغ عددها 39 بنكا حكوميا وتجاريا، عن الخدمة، وأغلق أكثر من 70 بالمائة من الفروع العاملة في البلاد، وتآكلت في الحال موجوداتها المقدرة بنحو 45 تريليون جنيه بمقدار النصف جراء فقدان العملة الوطنية مع الطلعات الأولى للمعارك أكثر من 50 بالمائة من قيمتها، وسط تحذيرات بالغة من انهيار القطاع المصرفي.

تجنب انهيار
وفي محاولة منها لامتصاص الصدمة وتجنب الانهيار الشامل، اتخذت البنوك إجراءات حادة، جاءت على حساب منتسبيها من الموظفين والعمال وكتلتها التشغيلية، بالتضحية بفصل أعداد كبيرة ومنح البعض منهم إجازات مفتوحة من دون التزامات مالية، فطالت تلك الإجراءات القاسية أكثر من 45 بالمائة من الموظفين، مما أثار مخاوف جدية حول مصير القطاع المصرفي في السودان. أقدمت إدارة بنك الخرطوم على وضع 1.215 من العاملين بالبنك في إجازات دون راتب، وهو ما يمثل نحو %45 من القوى العاملة، بينما ارتكب بنك فيصل الاسلامي مجزرة موسعة في حق أكثر من 1.100 موظف وعامل، بحسب معلومات تحصلت عليها «أتر» من مفصولين، لجأوا إلى محكمة العمل ببورتسودان، من دون إنصاف حتى الآن.
ومع ذلك لم تحرز إجراءات البنوك أدنى جدوي في تحاشي الانهيار وارتطمت بالفعل بالهاوية، بحسب خبراء مصرفيين واقتصاديين تحدثوا ل «أتر»، مع تسارع الهبوط الحاد للجنيه السوداني مقابل العملات الأخرى، وإحجام الممولين عن سداد الديون، وتوقف عجلة الصادرات، وسلوك الاستيراد طرقا جانبية وأطرا غير شرعية، وفقدان البنوك للودائع، فضلا عن تبدد الثقة بين البنوك والعملاء وهروب رأس المال الأجنبي. أكد بنك السودان المركزي، الذي لم يسلم هو الآخر من النهب والحريق، في بيان منشور على موقعه الرسمي؛ تعرض المصارف والبنوك لعمليات نهب وتخريب واسعة منذ بداية الحرب، وتعهد بالعمل على تقليص الأضرار التي لحقت بالقطاع المصرفي ومعالجة الانخفاض في قيمة العملة الوطنية. وقال برعي الصديق، محافظ بنك السودان في تصريحات صحفية، إن البنوك تمكنت من استعادة أنظمتها وبياناتها التاريخية في وقت قياسي، وإن المحفظة الاستراتيجية بدأت أعمالها بتوفير النقد الاجنبي واستيراد مواد بترولية، نافيا أن تكون البنوك السودانية تعرضت لانهيار نتيجة التعديات التي تعرض لها عدد من أفرعها جراء الحرب، ملوحا بترتيبات لتغيير العملة رغم تعقيدات العملية، وطمأن المحافظ المودعين بأنهم لم يفقدوا ودائعهم وأن الأمر تحت السيطرة. إلا أن المعارك تمددت، طوال أكثر من عام، جنوبا وغربا في جغرافيا ملتهبة واسعة شملت ولايات الوسط كلها ودارفور وكردفان، فخرجت العشرات من أفرع البنوك عن الخدمة، وتعرضت للنهب بالكامل واستمر التراجع المدوي في قيمة الجنيه. ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها البنوك السودانية لهزات عنيفة وضربات موجعة، فمنذ التحاق أعمال الصيرفة بالسوق السودانية وتحديث القطاع الاقتصادي بإنشاء «الأنجلو – إيجيبشان بانك» في العام 1913 و «باركليز بانك دي سي» في العام 1916، واستمرار التطور الطبيعي لخدمة البنوك بمكوناتها الأجنبية والمحلية، وتأسيس بنوك برأس مال وطني متخصصة في القطاع العام، الزراعي والصناعي والعقاري؛ تعرضت البنوك لكوارث سياسية واقتصادية عصفت باستقرار المجتمع المصرفي ومهنيته. «حلت الكارثة الأولى والكبرى مع عملية التأميم والمصادرة من 1970 إلى 1975، وتلاحق الدمار والتخبط العشوائي في السياسات والاندماجات»، يقول طارق سليمان المصرفي السابق في حديثه مع «أتر» «زاد من أثر الكارثة نزف العقول المصرفية وهجرة الكفاءات المهنية واغتراب حملة رايات التقاليد والأصول والأعراف السرية والخصوصية والانضباط والأمانة المهنية، وكل ما اشتهر به أرباب المصارف ومنتسبو البنوك». وفي العام 1992، بعد انقلاب الجبهة الإسلامية على السلطة، بثلاث سنوات، أنشأ بنك السودان «الهيئة العليا للرقابة الشرعية» لتمكين سياسة «أسلمة الجهاز المصرفي» وضمان تنقية العمليات المصرفية من «شبهة الربا». ترافق ذلك مع بيع الدولة أصولها في القطاع العام، محتفظة ب 4 بنوك حكومية فقط، منها بنوك متخصصة وبنك تجاري وحيد من أصل 39 بنكا. «لا يتناسب انتشار مئات الأفرع والصرافات بعشوائية مع حجم الاقتصاد الكلي للسودان، وقد خلق ذلك نوعا من «الفوضى المصرفية» وغموضا في تكوينها وسرية ملكيتها وأصول رؤوس أموالها ومن يديرها ومجالس إدارتها وهيئاتها الاستشارية والشرعية».

نهب رأس مال
ويرى مدير فرع أحد البنوك، فضل حجب اسمه، أن النقد المتداول حاليا غير حقيقي، لأن أغلب رأسمال المصارف النقدي نهب من قبل عناصر الدعم السريع، مما يشير إلى أن الأرقام الموجودة في البنوك بعد الحرب لا تقابلها كتلة نقدية سائلة، وتجري عمليات التحويل عبر «نظام سراج» في غياب نظام المقاصة الذي يؤمن عمليات التحويل بين البنوك، مع توفر شرط أن يكون لدى البنك المحول رصيد في بنك السودان لتغطية هذا التحويل، «لكن أغلب البنوك ليست لديها أرصدة في بنك السودان»، يخبر مدير الفرع «أثر»، ويستطرد قائلا: «إذا استمرت الحرب فإن أغلب تلك البنوك ستنهار نسبة لانعدام تناسب المصروفات مع دخول الإيرادات، وتشكل المبالغ المنهوبة عجزا في ودائع العملاء غير المتحققة في الواقع والتزام البنك تجاه العملاء بتوفيرها». ويشير إلى أن التعامل بالتطبيقات البنكية الإلكترونية فيه معدل خطر عال، ويلفت الانتباه إلى أن المطالبة بالاستثمارات الممنوحة للعملاء متعذرة بسبب الحرب، ولا يمكن استردادها لظروف النهب والتدمير. ويتابع قائلا: «في الوقت الحالي، نسبة الودائع قليلة في البنوك ومجمل الاقتصاد الحالي بلا موارد، سوى من الرسوم والضرائب ومن جيب المواطن». ويكشف أن بعض البنوك لم تتأثر بالحرب، لقريها من الجيش الذي يهيمن على مفاصل الاقتصاد والاستثمار خاصة في قطاعي الذهب والصادر بشقيه الزراعي والحيواني، ومحاباة الدولة لها في توجيه جميع المؤسسات الإيرادية مثل الجمارك والموانئ والمواصفات والضرائب بفتح حسابات فيها، مما يعد مخالفة صريحة لضوابط وزارة المالية بأيلولة جميع الحسابات الحكومية لبنك السودان المركزي. «مثل هذا الإجراء له أثره السلبي على الجهاز المصرفي ويدفعه بقوة صوب الانهيار».

استعادة ودائع
ويأمل الإداري السابق في البنك الإسلامي السوداني، تاج السر العبيد، أن تسترجع ودائع العملاء المنهوبة من تراكم الربح لدى البنك ولا خوف عليها، بعد نجاح بنك السودان في استعادة بيانات للصادر والوارد والنشاط الاستثماري بصفه عامة. «تكمن الصعوبة في الوقت الحالي في إدراج موردين أو مستثمرين جدد قي ظل هذه الظروف»، يقول تاج السر، في حديث لـ «أتر»: «لا أستبعد تفشي المحسوبية، وهي ظاهرة موجودة بين إدارات البنوك المختلفة، حتى قبل الحرب، ولا أستبعد هيمنة رجال المال والأعمال على مجالس إدارتها». ويرى أن الأرقام المتداولة رغم المفقودات بسبب الحرب هي أرقام صحيحة، لكنها لا تخلو من نسب من العملات المزورة والتي تضبط من حين إلى آخر، بما في ذلك الكتلة المسروقة من صك العملة وهي لا تحمل أرقاما متسلسلة معتمدة، ويمكن اكتشافها ومصادرتها بسهولة. ويصف تقليص العمالة ب «المعضلة الكبرى»، قائلا: «إذا كان ذلك بسبب فقدان الفروع في مناطق الحرب، أو بسبب الهيكلة التي اقتضتها الظروف الاقتصادية، فإن الظلم سيقع على العاملين مرتين، مرة بالفصل دون نيل الحقوق، ومرة أخرى لغياب مؤسسات العدالة وتفعيل قانون الطواري، ولا أمل لهم إلا بإيقاف الحرب واستعادة التشريعات وقوانين العمل». ولإيقاف التدهور المريع واستعادة روح الجهاز المصرفي حتى قبل انقضاء الحرب، يرى الخبير طارق سليمان، أنه يجب أولا إعادة تنظيم وهيكلة البنوك السودانية بقانون تحت إشراف البنك المركزي، وتصحيح حالتها الشاذة، وإعادة القطاع المصرفي إلى طبيعته المصرفية التجارية الأصل دون أدلجة، مع اكتفاء السوق السوداني بما بين 6 و10 بنوك تجارية في الحدين الأدنى والأقصى، بشركات مشتركة عامة ذات رؤوس أموال ومساهمات بحدود 100 مليون دولار، ترتفع سنويا لتبلغ 500 مليون دولار، خلال ثلاثة أعوام، بعد اندماج وتصفية البنوك الزائدة عن الحاجة الفعلية للسوق التجاري المالي المصرفي، واستقلالية بنك السودان واضطلاعه بمهام إصدار وضبط العملة واحتكار إدارة موارد الدولة المالية والمعادن والموازين التجارية على أن يستعيد تنظيمه بخبرات وإلحاقه بأحدث النظم المتبعة في الدول المتقدمة والسماح للبنوك السودانية بفتح «نافذة إسلامية» أو تأسيس بنك مملوك، يعمل وفق «ضوابط الشريعه الإسلامية» تلبية لرغبات العملاء وحاجة السوق المصرفي للتنوع. بينما يرى خبير مصرفي آخر تحدث «أتر»، وفضل حجب اسمه، أن نهضة القطاع المصرفي من نكبته تتوقف على الدعم المتوقع من البنك المركزي يإصدار سياسات تتماشى مع طبيعة المرحلة وجدولة الخسارة على مدى طويل لا يقل عن 20 سنة، وإهلاك الديون المشكوك فيها على سنوات لا تقل عن 10 سنوات، مع الضرورة القصوى والحتمية لتغيير العملة بأسرع ما تيسر، والسعي إلى تركيز سعر الصرف واتباع سياسات تشجيع الصادر من خلال الحوافز الجيدة ومواجهة مشكلات تحصيل الديون للتمويلات الممنوحة قبل الحرب مع التدمير الكامل لأغلب المشروعات وضياع رؤوس الأموال وتعطل مؤسسات الدولة مثل تسجيلات الأراضي والمرور في تكملة إجراءات الضمانات التي يسمح بموجبها بالتمويل، وانعدام مقدرة المصارف على الضغط على العملاء لسداد مديونياتهم وأغلبها في عداد الديون المشكوك في تحصيلها وهي في جملتها أكبر من رؤوس أموال البنوك وأكبر من حجم الودائع الحالي.

تأثير الحرب على القطاع المصرفي السوداني

تاريخ العمل المصرفي في السودان في حقبة الاستعمار، حينما شهدت البلاد توسعا ملحوظا في استخدام النقود؛ بدأت فروع البنوك الأجنبية بالانتشار، مثل بنك باركليز لندن الذي افتتح فرعه في السودان عام 1913، وفرع بنك كريدي ليونيه الفرنسي عام 1953. وهيمنة هذه البنوك على النشاط المصرفي في البلاد، وبلغ عدد فروعها 37 فرعا موزعة على مختلف مدن السودان. ومع بزوغ فجر الاستقلال، شهد السودان تحولات جذرية في القطاع المصرفي. تأسس بنك السودان المركزي عام 1960، وهو ما شكل نقطة تحول في تاريخ النظام المالي. تبع ذلك إنشاء بنوك تنموية متخصصة، مثل البنك الزراعي، والصناعي، والعقاري، والتجاري، لتلبية الاحتياجات المتزايدة للسوق المحلية. في عام 1978، بدأت مرحلة جديدة مع تأسيس بنك فيصل الإسلامي السوداني، ليكون الرائد في اعتماد النظام المصرفي الإسلامي. وبعد عام 1990، طبق النظام الإسلامي على جميع المصارف في البلاد، بما في ذلك بنك السودان المركزي. ومع توقيع اتفاقية السلام بين عامي 2005 20109، اعتمد النظام المصرفي المزدوج، مما أضاف بعدا آخر إلى المشهد المالي. بحلول عام 2014، ارتفع عدد المصارف في السودان إلى 37 مصرفا، وازداد العدد إلى 38 مصرفا مع 871 فرعا بحلول فبراير 2023. وصلت رؤوس الأموال والاحتياطيات إلى 420 مليون دولار، بينما امتلكت الدولة 12 مصرفا من بينها، إضافة إلى ثمانية مصارف أجنبية تمتلك 22% من الأصول المصرفية. ويقدر إجمالي أصول القطاع بنحو 7 مليارات دولار، ما يمثل 26% من إجمالي أصول الدولة. ورغم هذا التطور، إلا أن القطاع المصرفي ظل يعاني من تحديات كبيرة منذ عام 2018، إذ شهد شحا وضعفا في رأس المال ونقصا حادا في النقد الأجنبي. في هذا المشهد، يبرز بنك الخرطوم كأكثر المصارف انتشارا بعدد فروع يصل إلى 125 فرعا، يليه البنك الزراعي بـ 105 فروع.
القطاع المصرفي بعد حرب 15 أبريل واجه تحديات هيكلية ضخمة، تفاقمت على نحو حاد مع استمرار الصراع. كانت المشكلات تلوح في الأفق حتى قبل بدء الحرب، لكنها بلغت ذروتها بعد أن تعرض أكثر من 100 فرع من المصارف في السودان للنهب والسرقة والتدمير. ونهب أكثر من 38% من الأموال في مصارف العاصمة الخرطوم. ومع إغلاق أكثر من 70% من الفروع المصرفية في البلاد، بات القطاع المصرفي على شفا الانهيار. ورغم الجهود المتواصلة من قبل بنك السودان المركزي لتخفيف آثار الأزمة، كانت النتائج محدودة. ففي النشرة الإعلامية السادسة الصادرة في 30 سبتمبر 2023، أعلن البنك المركزي استعادة 427 فرعا من أصل 871 فرعا للمصارف العاملة في السودان. لكن مع تمدد الحرب إلى ولايات الجزيرة وسنار ودارفور، تراجع هذا العدد، مما زاد من تعقيد المشهد. حاول البنك المركزي التصدي لانخفاض قيمة العملة الوطنية واستقرار سعر الصرف من خلال تخفيض سقف التحويلات عبر التطبيقات المصرفية. ومع ذلك، لم تحقق هذه الإجراءات نجاحا يذكر فالقيمة المتدهورة للجنيه السوداني استمرت في الانخفاض من 570 جنيها للدولار قبل الحرب إلى ما يقرب من حوالي 2000 جنيه في مارس 2024.
في سعيه لتحقيق الاستقرار المالي، أقر البنك المركزي في 30 مارس 2024 توجيهات جديدة للتمويل المصرفي، موجها الأولوية نحو القطاعات الإنتاجية وحظر تمويل 11 مجالا مختلفا، مثل المتاجرة بالعملات الأجنبية وشراء الأسهم والذهب، مع وضع استثناءات لبعض عمليات التجارة المحلية. ولمعالجة الخسائر الناتجة عن الحرب، أعلن البنك في 25 يوليو 2024 عن ضوابط مؤقتة، تضمنت جدولة إطفاء خسائر الحرب الناتجة عن السرقة والنهب على مدى 8 سنوات، وتمديد فترة إطفاء الخسائر الناتجة عن تدمير الأصول إلى 10سنوات. كما أقر البنك إجراءات لمعالجة التعثر المالي، بما في ذلك تمديد آجال التمويل المتعثر وتكوين مخصصات للعمليات القائمة قبل الحرب ل 18 شهرا. وفي 25 يونيو 2024، أطلق البنك المركزي محفظة تمويلية مشتركة بقيادة بنك الخرطوم، مدعومة بموارد نقد أجنبي تبلغ مليار دولار أمريكي، بهدف تعزيز كفاءة تخصيص النقد الأجنبي للمستوردين وضمان توفير السلع الاستراتيجية التي تحددها وزارة التجارة والتموين.

أبرز التحديات
يواجه القطاع المصرفي في السودان حاليا تحديات جسيمة تعرقل استمراريته وتضعف من قدرته على التعافي. ومن أبرز التحديات تمدد الحرب إلى الولايات التي كانت تعتبر آمنة، مما أدى إلى خروج مزيد من المصارف من الخدمة وتعرضها لخسائر فادحة وتدمير واسع النطاق. تفاقم الوضع أكثر بسبب عدم استقرار شبكات الاتصال، التي تقود عماد العمليات المصرفية الإلكترونية والتطبيقات البنكية، وهي الوسيلة الأكثر شيوعا لإجراء المعاملات المالية حاليا، بما في ذلك عمليات البيع والشراء. أيضا من التحديات التي تلاحق البنوك صعوبة تحصيل الديون، إذ تعرضت العديد من الشركات والمؤسسات المقترضة للنهب والتدمير، مما جعلها غير قادرة على سداد التزاماتها المالية. هذا الأمر يفاقم الأزمة ويزيد من تعثر البنوك في تحصيل مستحقاتها.
وفي سياق متصل، يؤدي ارتفاع عجز الموازنة إلى اضطرار الحكومة للاستدانة من البنك المركزي لتلبية احتياجاتها العاجلة، مما يرهق موارد البنك المركزي ويخلق اختلالات اقتصادية إضافية. بسبب الصراع، تعاني البلاد أيضا من نقص حاد في احتياطي النقد الأجنبي، مما يخلق عبء على البنوك لتلبية الطلب المتزايد على العملات الأجنبية، وهذا يؤثر سلبا على إيراداتها وقدرتها على تسهيل المعاملات التجارية الخارجية.
بعض المصارف العاملة بعد 15 أبريل في السودان وتوزيعها الجغرافي شهد القطاع المصرفي بعد 15 أبريل تغيرات كبيرة في توزيع الفروع المصرفية. وأثرت الحرب على استمرارية بعض البنوك وعملها في مختلف الولايات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى