رأي

المساومة على السودان.. هذا ما أمسك عنه الرئيس البرهان ..

رشان أوشي

يعيش السودان وخصومه فترة اكتشاف الآخر على حقيقته، هو لم يتوقع أنهم غادرون ومستعدون للتضحية به والهجوم عليه لنهب ثرواته، وهم لم يتوقعوا أنه عنيد وشرس لهذه الدرجة، هو استيقظ وسكاكينهم مغروسة في ظهره، تجاهلوا في لحظة واحدة كل إنجازات أبناءه لديهم، التي كانوا هم أكثر من روّجها طيلة الأعوام الماضية.
لقد حاولت الدولة قلقاً على مصالح ملايين السودانيين في دول الخليج، مجاملة العدو الحقيقي ولكنها صُدمت من غدره ونكران الجميل، ومن جهة أخرى هذه الحرب كشفت لرعاة المليشيا أنَّهم يراهنون على حصان خاسر، ولكنَّهم منزعجون من عناد الجيش الوطني وتمسكه بمعركته وقضيته.
كتب استاذنا العزيز “د.مزمل أبو القاسم” مفاده: “إن الرئيس البرهان قد أشار في معرض حديثه عند لقاءهم به، لبعض الدول التي تفرض حصاراً غير معلناً على الجيش السوداني، تمنعه من حقه في شراء السلاح، وتحتجز البواخر وتمنع الطائرات من عبور أجواءها، كل ذلك ليضطر الجيش لتوقيع (عقد إذعان) على صيغة اتفاق سلام مع من انتهكوا شرف السودانيين واغتصبوا أرضه، لضمان سلطة سياسية ضعيفة تمنحها ما تريد.
طالب العزيز “مزمل” البرهان بالكشف عن أسماء تلك الدول وفضحها أمام الشعب.
أستاذنا العزيز “مزمل” لن يفعل البرهان ذلك لأنه يشعر بالمسؤولية تجاه ملايين الرعايا السودانيين في الإمارات والسعودية، وهم يمثلون مورد الرزق الرئيسي لملايين الأسر النازحة واللاجئة.
أستاذنا “د.مزمل أبو القاسم “من أغرب المشاهد هذه الأيام رؤية المملكة العربية السعودية، تقوم خفاءاً بالدور ذاته الذي قامت به الإمارات علناً. وهو أنها تحاول خداع المؤسسة السياسية والنخب الإعلامية والفكرية التي تعلم أنهم متآمرون خلف الكواليس وليسوا أصدقاء.
تختلف هذه الحرب عن سابقاتها في السودان، في أنه لا توجد عواملُ يمكن أن توقفَ المليشيا عن القتال، لأنها تقاتل نيابة عن مطامع دول تمتلك من المال والثروة ما يجعلها قادرة على شراء الجميع، وبالتالي ذر الرماد على عيون الحقيقة.
المملكة العربية السعودية التي احتجزت البواخر التي تحمل السلاح إلى الجيش السوداني، تم شراؤه من حر مال الدولة والشعب، لا يمكن أن تكون وسيطاً محايداً لتحقيق سلام، وإنما إصرارها الشديد على “منبر جدة” لتضمن نفوذها على سلطة ما بعد الحرب، لأنها تنافس الإمارات في مطامعها المتعلقة بالموانئ والذهب، والرجال للقتال ذوداً عن سلطة العائلة الحاكمة ضد هجمات الثوار “الحوثيين”.
خسائرُ مليشيا الدعم السريع المالية الهائلة منذ ١٥/ أبريل الماضي، وخسائرُ استمرار القتال، يتم تعويضُها من قبل حلفائها. ولا يوجد قرارٌ دولي يأمر بوقف إطلاق النار، أو يمنع هذه الدول من تزويد المتمردين بالسلاح.
فالمجتمع الدولي ساحة سجالٍ بين القوى التي تتصارع على احتلال السودان عبر بندقية المليشيات والمرتزقة.
وفي الضفة الأخرى من المعركة، لا توجد قوة تعين بالسلاح “الجيش السوداني”، كل ذلك لكي تضطر الدولة للقبول بحل سياسي، واحتفاظ قيادة المملكة السعودية بالقوات المتمردة كقوة منفصلة عن الجيش السوداني في “عاصفة الحزم”، وتعيين “محمد إسماعيل دقلو” قائداً عليها خير دليل على التآمر، رغم أنهم أنكروا علمهم وتبرأوا من نشاط إعلامي للمتمردين داخل أرضهم.
في هذه الأزمة، تدرك “مصر” أن شقيقتها تعيش حصاراً سياسياً، أنَّ ما تفعله دول الخليج العظمى هو محاولة لكسر عزيمة الجيش السوداني حليف مصر التاريخي، اختارت أن تلتزم الحياد حفاظاً على مصالح مصر مع الإمارات والسعودية، وهذا حق مشروع لا يمكن إنكاره، وما يحسب لها أنها مضت في تقديم العون لشعب السودان ولسان حالها يقول “قلوبنا معاكم “.
عام وربع مضى على الحرب، وبمقدور الشعب السوداني وجيشه الاستمرار في القتال زوداً عن الأرض والعرض سنوات أخرى حتى النصر، الخاسر الحقيقي هي حواضن المليشيات ليست الدولة ولا الجيش السوداني، هم من يدفع الثمن الأغلى، نحو 35 ألفَ قتيل وسبعين ألفَ جريح، بحسب إحصاءات رسمية أولية.
أمَّا كيف استطاع الجيش السوداني مواجهةَ الحصار السعودي الإماراتي، ودولِ الجوار التي تحالفت مع المليشيات بواسطة المال السياسي الإماراتي، فهي قصةٌ طويلة ومعقدة. باختصار، الجيش السوداني رغم الحصار المفروض عليه ، وإن لم يحرّر المدن المحتلة، فإنَّه تمكَّن من إفشال وتقليص مخطط “الطمع الخليجي”.
أستاذنا “د.مزمل” هذا ما لم يقله الرئيس “البرهان” صراحة حفاظاً على مصالح رعاياه في دول التآمر، ولكن نقوله نحن.. فالدفاع عن بلادنا واجب يجعلنا نواجه الطغاة بصدور عارية.
محبتي واحترامي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى