المؤتمر الاقتصادي هل من جديد !
علي عسكوري
انعقد في الأسبوع الأخير من نوفمبر الماضي مؤتمرا اقتصاديا حشد له الكثير من المسؤولين من قطاعات وولايات مختلفة.
ليس من الواضح كيف تم التحضير للمؤتمر خاصة وأن الناس سمعوا به فجأة، ولا يعلم أحد من هم الخبراء من خارج جهاز الدولة الذين شاركوا فيه ولم تنشر سكرتارية المؤتمر اسمائهم أو الأوراق التي قدموها والقضايا التي تناولوها.
وفيما نعلم فإن أغلب مؤسسات الدولة والقطاعات الاقتصادية المختلفة (شغالة بنص كلتش) كما يقال نتيجة لظروف الحرب. ولم يوضح المؤتمر إن كان نقاشه قد اختصر على الاوضاع القائمة حاليا وكيفية اصلاحها، ام تناول قضية الاعمار واعادة البناء، (سأتناول قضية الاعمار في مقال آخر)!
وبدأ لى وكان وزارة المالية قصدت صرف الكثير من الاموال لتستمع الى نفسها وصويحباتها من الوزارات الاخري، او كما يقال (عزف منفرد)! وكالعادة في بلادنا حيث تنعدام الشفافية، لم توضح الوزار كم كلف المؤتمر؟ و بما ان المؤتمر لم يكن مدرجا في الميزانية فهذا يعنى ان تكلفته غطت من صرف خارج الميزانية (احتياطي). نعم، تمنح اللوائح المالية سلطة حصرية للسيد وزير المالية للصرف من الاحتياطي بافتراض ان هنالك احتياطى حاليا- لكن كان دائما وزراء المالية يحرصون على توضيح اوجه استخدامهم لسلطتهم في الصرف من الاحتياطى حتى لا يتهموا باستغلال السلطة. ولذلك كان على الوزير او الوكيل توضيح مصدر الاموال التى صرفت على المؤتمر خاصة اننا لا نعلم بأى جهة خارجية ساهمت في دفع تكاليفه. وان كان هنالك جهة خارجية ساهمت او تكفلت بتكلفة المؤتمر، يجب اعلانها، كل ذلك دراء لشبهة استغلال السلطة والتصرف في المال العام حسب ما اتفق. وبما ان ملايين المواطنيين مشردبن في انحاء البلاد، كان من الضروري ترتيب الاوليات، ان كان من الافضل ان تذهب تلك الاموال للنازحين ام صرفها على مؤتمر لا احد يعرف الغرض منه!
ما يمكن الاشارة له هنا هو تدنى مستوى الشفافية في صرف المال العام في السنوات الاخيرة (حتى قبل الحرب). ودراء للشكوك وابراء للذمة يحتاج المسؤولين بالوزارة ممارسة اكبر قدر من الشفافية وتوضيح اوجه صرف المال العام بالنظر لغياب المراجعة حاليا او تعطل اجهزتها او بطئها الشديد كنتيجة طبيعية مصاحبة للحرب.
بناء على ما استمعنا من تصريحات السيد وزير المالية في نهاية المؤتمر، فقد خلص المؤتمر الى عشرات التوصيات (المهمة) التى ستعمل وزارة المالية على تنفيذها و هكذا.
للاسف لم تنشر الوزارة تلك التوصيات ليطلع عليها الناس، الامر الذى افقدها مضمونها واهميتها. وهكذا حولت الوزارة امر الاقتصاد – وهو امر عام يجب ان يكون متاحا للناس- الى سر دفين، لا القطاع الخاص يعلمه، ولا المواطنيين ولا المؤسسات المالية الخارجية ولا الدول التى ترغب في التعامل مع بلادنا.
ان اطلاع كل تلك الجهات على توصيات المؤتمر امر بالغ الاهمية، لان من حق تلك الجهات ان تعلم في اى اتجاه سيسير اقتصادنا حتى تحدد طريقة تعاونها واولوياتها في التعامل مع بلادنا وكذا الامر بالنسبة للقطاع الخاص وللمستثمرين وللمواطنيين.
وبدأ لى ان خلطا قد وقع بين اعداد الميزانية السنوية وبين مؤتمر يتوقع منه الخروج ببرامج وخطط تحدد مسار واولويات الاقتصاد وتوجهه في المرحلة القادمة.
لا احد يدرى لماذا نظمت وزارة المالية ذلك المؤتمر وفي هذا الوقت بالتحديد وماذا كان الغرض منه، خاصة وان البلاد في خضم حرب ضروس لم تنته بعد ولا احد يعلم علي وجه الدقة متي وكيف ستنتهي الحرب.
لم يترك المؤتمر اى اثر يذكر وسط المختصين او المحللين لانه تم بصورة (مكلفتة)، ولم تهتم به الصحافة ولا المختصون، لان لا احد يعلم ماذا دار فيه والى ماذا خلص..! وبدأ وكأن المؤتمر عبارة عن رقصة (تانقو) بين وزارة المالية وبقية الوزارات وحكومات الولايات.
نواصل
هذه الأرض لنا
نقلا عن موقع “أصداء سودانية”