رأي

الكلاب لا تنسى الإحسان….ولكن البعض يفعلون

 

د.أمين حسن عمر 

الناس في بلدي لا يحبون الكلاب على شدة وفائها لأصحابها، فالكلب لا ينسى الإحسان، ولكن بعض الناس تفضلهم الكلاب في هذا المقام ،اتذكر ذلك كلما تذكرت أنس عمر والذي زرته حيث هو وال مسؤول أول تكليفه ثم بعد سنوات فرأيت بأم عيني كيف صارت البلدة التي هو حاكمها غير البلدة التي رأيت أول العهد. ورأيت كيف تحسنت أوضاعها من قرية كبيرة إلى حاضرة عامرة يأتي أليها الناس بالميناء الجوي ويدرس أبناؤها في جامعتها وقد رصفت طرقها وعمرت أسواقها وتنال حظوظا جعل بعض أهلها يتوافدون على الرئيس ليعيد إليهم الوالي أنس، ثم هو الآن أسير لديهم في أسوأ حال وقد نقلوه من الخرطوم إلى نيالا ويعلم الله وحده كيف هو الحال حاله الآن بين أقوام ضيعوا المعروف وشهدوا بغير الحق …وتذكرت في هذا السياق حكاية قصيرة تحكي عن قرية عرف أهلها بالكذب وشهادة الزور في مقابل ما يأخذونه من مال ، قالوا : في هذه القرية تزوج رجل بإمرأة سراً وكان زواجاً شرعيا عند شيخ وبحضور شهود ، وبعد فترة إختلف الزوجان وطردها الزوج من المنزل وسلبها حقوقها فذهبت للقاضي تشتكيه وقالت : تزوجني زواجاً شرعياً ويشهد بذلك فلان وفلان ، طلب القاضي حضور الزوج والشاهدين فأنكر الزوج والشهود معرفتهم بالمرأة أو أنهم رأوها من قبل ، فنظر القاضي للشاهدين جيداً وللزوجة أيضا وسألها : هل عند زوجك كلاب..؟

أجابت : نعم

قال : هل تقبلين بشهادة الكلاب وحكمهم..؟

قالت : نعم

قال : خذوها فان نبحت الكلاب عليها فهي تكذب وإن رحبت بها فهي صاحبة الدار .. إرتبك الشاهدان وإصفرت وجوههم ، فقال القاضي : أجلدوهم فإنهم يكذبون ، بئس القرى التي كلابها أصدق من أهلها . وبئس الجنجويد من قوم، فكلابهم أصدق من رجالهم …فكلابهم لا تنسى الإحسان وهم يفعلون وكلابهم لا تسرق حتى تجوع ولكنهم يفعلون!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى